«القصيدة العربية القديمة قصيدة تقوم على المشهدية، ومشهديتها تأتي عبر متبادلات إحساسية بين الشعور والخيال، وبين خيال الشاعر ذاته وبين خيال المتلقي، وقد تصل هذه القصيدة على شكل أشرطة متحركة برانيا أو جوانيا في الذات الأخرى أي عن المتلقي، سماعا أو شفاها أو قراءة لذا يكون المشهد على أوضاع مختلفة..».

هذه المقدمة من الموضوع النقدي الذي تناوله الدكتور "وليد مشوّح" في قراءة قدمها عن موضوع "الأفق غير المنظور في القصيدة العربية" وذلك في المركز الثقافي العربي في "منبج" بتاريخ (26/5/2009)م...

هذا سيكون حكم مسبق، الشعر الحديث حتى الآن لم ينجز عصره، وهو مفتوح لأنه مفتوح على الحداثة وهو ليس منجز..، وسيأتي أبناء المستقبل ليقيموه ..

حيث تحدث الدكتور "مشوح" عن بنية القصيدة العربية القديمة مركزا على الجانب غير المرئي في القصيدة وقدرتها على نقل المتلقي إلى عوالم الأحداث التي عايشتها هذه القصيدة وذلك بفضل العمق الكبير للغة العربية..

الدكتور وليد مشوح

وفي حديثه لموقع eSyria عن أهمية التطرق لهكذا مواضيع نقدية، قال الدكتور "وليد مشوّح":

«نحاول تماما أن نوصل للمتلقي نقدا عربيا أصيلا يستمد قوته من التراث، هذا التراث الذي تعرض لتزييف كبير إن كان على أيدي أصحابه أو على أيدي المستشرقين إن كان بقصد أو عن غير قصد. نحاول أن نعرض هذا التراث وفق معايير دقيقة، لنعيد الصدقية لهذا التراث من وجهة نظر عربية لا تتكئ على النظريات الغربية التي لا تخدم هذا التراث، و نتوسع في نظريات نقادنا الأوائل أمثال "الجرجاني"، و"الأزهري"، وحتى نقاد هذا القرن كـ "العقاد" و"طه حسين".

أما الهدف الآخر فهو من أجل خدمة اللغة العربية التي تتعرض لمحنة كبيرة، وإلى مجازر في الإعلام والمدارس، وطرائق التدريس..».

وعن الموضوع الذي قدمه وهو "الأفق غير المنظور في القصيدة العربية" قال:

«الأفق غير المنظور هو الصورة، جمالية الصورة في الشعر العربي القديم من حيث الحركة الذهنية، ومن حيث التعامل، هو بناء العلاقة بين المبدع والمتلقي، المرسل والمرسل إليه. إيجاد هذه العلاقة بالإضافة إلى هذه الصورة.

والصورة من البنية الحيوية في معمار القصيدة العربية، والقصيدة العربية ليست ثرثرة وإنما هدف، أخلاقي إمتاعي، إدهاشي..».

  • هل توجد هذه الصورة في كل الشعر العربي القديم؟
  • ** «إلى حدِ ما، لكن تختلف مستويات إبداع هذه الصورة، بالإضافة إلى اختلاف الأساليب والوسائل التي تنقل هذه الصورة، هناك صورة تعتمد على السردية، الروائية؛الحكائية؛ القص، والحوار الداخلي والخارجي و"الديالوك".

    هناك صورة تعتمد على موسيقى القصيدة من حيث الروي والبحر، وهناك صورة تعتمد على اللون في القصيدة، هناك صورة تعتمد على الحركة كركب الحصان، حركة السيف، وعلى المزاج الشفيف جدا بين الحب والفروسية، القيمة الأخلاقية والحرب.. تتحول الصورة إلى تمثال منحوت من الكلمات لمواقع وشخصيات القصيدة..».

  • تفكيك القصيدة أو تحليلها هل يضيف للقصيدة أم للمتلقي؟
  • ** «الناقد يرسل ما يراه، ربما حتى الشاعر يقول أنك أشرت إلى قضايا لم أكن أقصدها، وربما المتلقي يرى أشياء لم تكن في خاطر الشاعر حين قال القصيدة. والعلاقة ليست عقدية بين الشاعر والمتلقي، المتلقي يأتي ليستقبل هذا النص ويستمع كيف صيغ، ويخرج ليضيف..».

  • هل الشعر الحداثي يحمل هذه المعاني؟

    • «يحملها إلى حد ما، وبنسبة كبيرة من حيث الغائية، الشعر الحداثي مغلف بالفلسفة والمنطق والطموحات وبالتأكيد ما كان "الشنفرة" أو "امرؤ القيس" يتصورون أن الإنسان سيصل القمر، في حين أن الشعر الحديث يتطلع إلى ما بعد غزو القمر..».
  • ولكن هل سينقل هذا الشعر واقعنا، كما نقل شعر السلف واقعهم؟

  • ** «هذا سيكون حكم مسبق، الشعر الحديث حتى الآن لم ينجز عصره، وهو مفتوح لأنه مفتوح على الحداثة وهو ليس منجز..، وسيأتي أبناء المستقبل ليقيموه ..».

    والجدير بالذكر أن الدكتور "وليد مشوّح" من مواليد "دير الزور" (1944)م، حاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العرب من جامعة دمشق، عمل في وكالات الأنباء والصحافة: عمل مديراً لمكتب الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" في "بغداد"، وأميناً لتحرير صحيفة البعث، ورئيساً لتحرير صحيفة الأسبوع الأدبي، ورئيساً لتحرير مجلة الموقف الأدبي، سُمّي عضواً في الهيئات الاستشارية لمجلات أكاديمية مختلفة، له العديد من المؤلفات في الشعر والدراسات النقدية..