منذ بداية العام الحالي وحتى هذه الأيام تشهد مدينة "البوكمال" إقبالاً كبيراً من جانب الشباب من كلا الجنسين لنيل شهادة قيادة الحاسوب الدولية (ICDL) وذلك في المراكز المعتمدة لدى الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية. مُدرّسون ومُدرّسات؛ موظفون في مختلف الدوائر الحكومية؛ وطلبة مدارس وغيرهم؛ جميعهم التحقوا بدوراتٍ تعليمية للتقدم لاحقاً إلى اختباراتٍ تؤهلهم إلى حمل هذه الشهادة؛ كلُّ واحدٍ منهم كان يُخبّئ سبباً خاصاً وراء رغبته بالحصول على خبرة في قيادة الحاسوب.

موقع eSyria تواجد في مركز "اقرأ" للمعلوماتية أثناء تقدّم الدارسين للاختبارات ومن خلال عدة لقاءات حاول معرفة ماهية هذه الأسباب؛ فالشاب "حسين الخليل" طالبٌ في كلية الاقتصاد بجامعة "الفرات" بـ"دير الزور" يقول: «بعد التّخرّج من الجامعة سأسافر إلى إحدى دول الخليج للعمل وجميع الشركات هناك تشترط على المُتقدم لطلب الوظيفة أن يكون حاملاً لشهادة (ICDL) وهي ضرورية حتى في سنوات الدراسة لطالب الاقتصاد لكونها تتضمن مواد محاسبة مثل برنامج "اكسل"».

لا بد لكل مُدرس أن يكون لديه أرضية جيدة للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها في خدمة التدريس؛ ولا ننسى بأن هذا الأمر سيعود بالفائدة على المُدرس مستقبلاً

أما الأستاذ "متعب العبد" مُدرس لغة عربية؛ فرأى بأن إدخال الحاسوب في طرائق التدريس بات أمراً ضرورياً لنجاح العملية التعليمية؛ فيقول: «بما أن المنهاج الجديد وطريقة التدريس الحديثة تعتمدان على الراشق وشاشة العرض فكان لا بد للمُدرسين إتباع دورة تقوية في مجال البرامج التطبيقية مثل "البور بونت" حيث يؤمّن للطلبة شرح الدرس بطريقةٍ جذابة وممتعة باستخدام الرسوم والألوان وهذا يسهل عملية الفهم والاستيعاب».

من أجواء اختبارات قيادة الحاسوب

وقد أيدت الآنسة "ريم معماري" مُدرسة لغة إنكليزية كلام زميلها؛ وتابعت القول: «لا بد لكل مُدرس أن يكون لديه أرضية جيدة للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والاستفادة منها في خدمة التدريس؛ ولا ننسى بأن هذا الأمر سيعود بالفائدة على المُدرس مستقبلاً».

بينما كان للموظفين القديمين أسبابٌ أخرى غير التي ذكرها المُدرسون؛ فالسيد "حاتم الحسيان" /45/ سنة؛ موظفٌ في شركة الكهرباء يقول: «لم أكن أتْقن العمل على الحاسوب أبداً؛ لذلك التحقت بدورة تعليمية ورأيتُ بأنه من الضروري أن تكون هناك شهادة توثّقُ خبرتي، وربما سأستفيد منها مستقبلاً لأن معظم الدوائر الحكومية أصبح العمل فيها مؤتمتاً وهذا يتطلب خبرة جيدة بالحاسوب».

المهندسة "ديما النجم" المُشرفة على الاختبارات

فيما اعتبر السيد "محمد عواد الحسن" /43/ سنة موظف في محطة بث التلفزيون بـ"البوكمال" هذه الشهادة أمراً مفروضاً على زملاءه في العمل خلال المستقبل القريب؛ فيتحدث: «ربما اختصرتُ الطريق قبل أن تطلب منا الإدارة تعلم الحاسوب؛ لأنه في عام /2012-2013/ سيتم الاعتماد على أجهزة رقمية (ديجيتال) في المحطة لذلك سنحتاج إلى خبرة واسعة في مجال أنظمة الحاسوب؛ وهذه الدورة ستتكفّل بالمطلوب».

ويبدو أن المُتخرجون الجامعيون الجدد يحاولون تامين شروط الوظيفة قبل تأمين الوظيفة نفسها؛ فالشابة "أريج حسن الأحمد" خريجة معهد مراقبين فنيين؛ تقول: «تخرّجتُ قبل سنتين وأنا الآن بانتظار فرصة عمل؛ وبما أن من إحدى شروط الوظائف الحكومية هي تجاوز اختبار قيادة الحاسوب؛ لذلك فكرتُ أن استغل فترة انتظاري لنيل شهادة (ICDL) لأكون جاهزة للدخول إلى سوق العمل إذا أتت الوظيفة».

المهندس "محمد سيد رمضان" مدير مركز "اقرأ" للمعلوماتية

ولعل لبعض الشباب ممن لم يُكملوا تعليمهم أسبابهم أيضاً للالتحاق بهذه الدورة؛ فالشاب "مبارك العمر" ترك الدراسة قبل الحصول على الشهادة الإعدادية لكنه يرى بأن شهادة (ICDL) ربما ستساعده في الحصول على فرصة عمل بإحدى دول الخليج؛ فيقول: «لدي إقامة من دولة "الكويت" وبعد البحث عن عملٍ هناك أيقنت بأن القدرة على استخدام الحاسوب هو أهم شرط لدى الشركات هناك لتوظيف الشباب؛ لذلك وعند أول زيارة لي التحقت بهذا المركز وحصلت على خبرة جيدة في مجال البرامج التطبيقية واليوم سأتقدم للاختبار الأول أملاً بالحصول على الشهادة المطلوبة».

وحول طبيعة الاختبارات وماهية شهادة (ICDL) تحدثت المهندسة "ديما النجم" ماجستير في هندسة الحاسوب والمشرفة على نظام سير هذه الاختبارات؛ قائلةً: «يحقّ لكل دارس الحصول على هذه الشهادة بعد اجتياز الاختبارات السبعة والتي تتضمن المواد التالية (ويندوز- وورد- إنترنت- إكسل- بوربونت- أكسس- تكنولوجيا المعلومات) تقتصر مهمتي على إدخال المعلومات إلى الحاسوب المتصل عبر شبكة الإنترنت بمركز المعلوماتية بـ "مصر" حيث يتم إرسال الأسئلة من هناك وفق منظومة دقيقة تتألف من /36/ سؤال يتطلب من المُتقدم الإجابة عنها في زمن /45/ دقيقة؛ بعد انتهاء المدة المحددة للامتحان تظهر نتيجة الاختبار مباشرةً؛ والحد الأدنى لعلامة النجاح هي /75/ من أصل /100/ علامة». وتضيف "النجم" قائلةً: «تعتبر شهادة قيادة الحاسوب (ICDL) شهادة معترفة دولياً صادرة من "ايرلندا" ولها فرع مُرخّص في "مصر" ومؤخراً في "سورية" عن طريق الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، في السابق كانت الجمعية السورية تُرسل أسماء الناجحين إلى "مصر" من أجل طباعة وختم الشهادات وهذا الأمر كان يتطلب وقتاً طويلاً حتى يحصل الناجح على شهادته؛ لكن في عام /2010/م حصلت الجمعية السورية على ترخيص يُمكّنها من القيام بكل الأمور من طباعة وختم الشهادات أصولاً دون الحاجة لإرسالها إلى "مصر" وأصبح بإمكان الطالب الحصول على شهادته بعد /3/ أشهر من اجتيازه لجميع الاختبارات».

بدورهِ تحدث المهندس "محمد السيد رمضان" مدير مركز "اقرأ" للمعلوماتية عن أعداد المُتقدمين والحاصلين على هذه الشهادة؛ قائلاً: «اُعْتُمِدَ مركز "اقرأ" كأحد الجهات الرسمية لإجراء اختبارات (ICDL) وذلك منذ 23/7/2009/م إذ كان علينا قبل كل شيء أن نقوم بتأمين مستلزمات مناسبة لهذه الاختبارات وفق الشروط التي حددتها الجمعية السورية للمعلوماتية؛ والتي تضمّنت تأمين /10/ أجهزة حاسوب على الأقل؛ مع وجود نسخة أصلية من برنامج "ويندوز" و"أوفيس" وبرنامج مضاد للفيروسات على كل جهاز؛ وكل جهاز حاسوب يجب أن يكون متصلاً بخط إنترنت مع خدمة (ASDL)».