كل ما فعله "أحمد طعمة"، هو أنه نقل طموحه واجتهاده معه من "سورية" إلى "ألمانيا"، وحين تفاجأ بالمصاعب، اتكأ على ثقافته الأم في وطنه، وأثبت للجميع، أن البدايات الصحيحة لا ترتبط بالأمل فقط، بل بالتضحيات وبالإصرار على الوصول إلى نهاية الحلم، بذات الحماس، وبكل ما يتيسر من أدواته.

هذا التفوق، جعله محط أنظار الجميع، إن كان من مواطنيه السوريين، أم من أصحاب البلد المضيف، فبدأ رحلته وحقق وما يزال يحقق النجاح تلو الآخر. مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع "أحمد طعمة" بتاريخ 14 آذار 2018، وقال عن البدايات: «مع وصولي إلى "ألمانيا" عام 2015، بدأت فوراً بدراسة اللغة الألمانية، واستطعت فهمها رغم صعوبتها وتعقيدها الذي يعاني منه كل من وصل إلى هنا، وخلال ثلاثة أشهر فقط، قطعت شوطاً كبيراً في تعلمها، لدرجة أنني أصبحت قادراً على الحديث بها بشكل جيد جداً.

خلال سنة واحدة، وصلت لأعلى مستوى أكاديمي في اللغة الألمانية "C1"، وقمت بترجمة شهادتي الجامعية إلى اللغة الألمانية، فتم الاعتراف بها وتصديقها، وتم السماح لي بالعمل فيها وإكمال دراسات عليا في نفس الاختصاص

وبمساعدة اللغة الإنكليزية التي أتقنها بشكل جيد، صرت مترجماً رسمياً في المدينة التي أقيم فيها "امدن"، وصرت مقصداً للاجئين للقيام بالترجمة لهم في مختلف الميادين؛ دوائر حكومية ومشافي وعيادات طبية ومدارس، بل صرت أرافقهم أيضاً في رحلات ترجمة خارج المقاطعة إلى مدن كبيرة مثل "برلين"، و"هامبورغ" بحسب حاجة الشخص أو الجهة التي تكلفني بالترجمة».

أحمد على غلاف مجلة " Emder Zeitung"

ويتابع: «خلال سنة واحدة، وصلت لأعلى مستوى أكاديمي في اللغة الألمانية "C1"، وقمت بترجمة شهادتي الجامعية إلى اللغة الألمانية، فتم الاعتراف بها وتصديقها، وتم السماح لي بالعمل فيها وإكمال دراسات عليا في نفس الاختصاص».

وعن المهمات التي أوكلت إليه بسبب إتقانه للغة الألمانية قال: «تفوقي في اللغة الألمانية، دعا المدير المسؤول عن دروس اللغة الألمانية في المعهد الذي درست فيه ليطلب مني تدريس مبادئ اللغة للطلاب الجدد، فعملت كمدرس للغة الألمانية لمده ستة أشهر، ثم طلبت مني الشرطة الألمانية العمل كمترجم لهم في مدينتي، وأخيراً طلبت مني مخرجة أفلام سينمائية ألمانية من "هامبورغ" أن أكون بطل فيلمها السينمائي القصير الذي يتحدث عن الصعوبات في حياة كل شاب ولاجئ».

مع زملائه الألمان

ويضيف: «أتعامل مع الجميع باحترام وأخلاق، وهذا جعلني محبوباً من قبل أساتذتي وأصدقائي، وجعلهم يطلبون مساعدتي بلا حرج، ويتحدثون عن الأعمال التي أقوم بها من أجلهم، ما استدعى مجلة حكومية ألمانية لاستضافتي وإجراء لقاء معي عن أهم إنجازاتي وعن سر نجاحي وتفوقي في الوقت الذي يجلس فيه حوالي 90 % من المغتربين في منازلهم بدون أية إرادة أو طموح لتحقيق أهدافهم، والأهم كان الحوار حول ما سأقدمه لنفسي ولوطني مستقبلاً، لأنني لا أفكر بالبقاء في "ألمانيا"، بل أريد العودة للمساهمة في بناء بلدي».

وترجم لنا "أحمد" بعضاً من اللقاء الذي أجرته معه مجلة " Emder Zeitung"، والتي تحدثت فيه عنه وعن فيلم قصير أعده "أحمد" وشرح فيه حاله وحال أقرانه من اللاجئين: «تفاجأ "أحمد" بالبيروقراطية والروتين الطويلين والمملين في "ألمانيا"، لكن هذا لم يجعله مستسلماً وعاجزاً، بل جعله يسعى لتحدي هذه البيروقراطية والاستمرار في البحث عن مهنة له و إكمال دراسته الجامعية، كما أنه لم يتوانى عن مساعدة مواطنيه العرب في مدينته.

تخرج "أحمد" من كلية الاقتصاد في مدينته الأصلية "دير الزور" وسعى لإكمال دراسة الماجستير في "دمشق"، وعمل أيضاً كأستاذ لغة إنكليزية و في شركة نفطية.

وبعد قدومه إلى ألمانيا و تعلمه الألمانية البسيطة، أصبح كطالب ضيف في جامعة مدينته كخطوة أولية في سعيه لإكمال دراسته في الماجستير.

وهو يعمل الآن كمترجم في المركز الثقافي "Kulturbunker" وفي منظمة "الآفو" للغات الألمانية والإنكليزية والعربية. وبات اسمه معروفاً في أصقاع مدينته بين اللاجئين العرب، وحتى الألمان».

"إبراهيم أحمد" متطوع سابق في برامج التنمية ودعم الشباب والعمل في "سورية" ومقيم حالياً في "ألمانيا" قال عن "أحمد": «أصبحت الأعمال التطوعية جزءاً من حياة الشباب، ومن بينهم "أحمد" الذي يصب كل مقدراته في خدمة الشباب اللاجئ في "ألمانيا" من خلال توظيف مقدراته اللغوية والعمل كمترجم في أمور الحياتية والدوائر الرسمية لتيسير المطلوب منهم.

ومن هذا المنطلق وجدت هذا الشاب مثلاً و نموذجاً يمكن لأي شاب التأثر به من خلال بذل الجهد والإصرار والتفكير بالمبادرات التي تساعد الشباب على الاندماج، ولهذا الأمر أهمية كبيرة تؤدي إلى حل الكثير من المشكلات الشبابية. ومن جهتي، أجد "أحمد" كنزاً لنا وأخاً ومعيناً».

جدير بالذكر أن "أحمد طعمة" من مواليد "دير الزور" عام 1990، خريج كلية الاقتصاد جامعة "الفرات"، وصل إلى "ألمانيا" عام 2015.