مع صوت الناي المبحوح بدأت رحلته الموسيقية المتواضعة، ومن جهد فردي خاص نسج عالمه الموسيقي الذي لم يخل للحظة من أهداف سامية وإخلاص واضح لعالم الموسيقا وفنون التراث.

"اسكندر عبيد" من مواليد "دير الزور" قرية "البصرة" 1959، كان الناي مفتاح دخوله إلى الوسط الفني، حيث تعلم العزف عليه بشكل ذاتي وأظهرت تجربته في الغناء ميوله لهذا الفن: «تعلمت العزف على آلة الناي بشكل سماعي معتمداً على ذاتي وما أسمعه من مقطوعات موسيقية، وموسيقيين يحترفون العزف على الناي، ثم عملت مردداً خلف المطرب "حسين الجداوي" وهنا اكتشفت ميولي للغناء، وخضت هذه التجربة».

علمت أولادي حب الفن والموسيقا فابني "الياس" يعزف على آلة الأورغ، بينما يمتلك "جمعة" صوتاً جميلاً أحاول مساعدته في تطويره

لم يكترث للنتيجة بقدر حبه ورغبته العارمة لخوض هذه التجربة الغنائية، لمجرد إيمانه بأنه يمتلك بعض مقوماتها على الأقل: «في العام 1990 تقدمت إلى برنامج طريق النجوم، وكانت مشاركتي في فئة الغناء بأغنية "شلونك عيني شلونك" وكانت تجربة فريدة رغم أني لم أخرج منها بمرتبة أو لقب، إلا أنني حققت رغبتي في التواجد هناك».

الدكتور صطوف الشيخ حسين

عمل "عبيد" في فرقة "الفرات" لإحياء التراث منذ العام 1988، ويتحدث عن هذه الفرقة وظروف العمل بإحساس عال ونفس جميل: «جمعنا حب الموسيقا وخصوصاً التراث، نعمل ضمن ظروف عمل جيدة، ونعيش في كل حفلة نحييها أجواء آسرة تمدنا بالطاقة حتى موعد الحفلة التالية».

شارك مع الفرقة في مختلف نشاطاتها والمهرجانات التي تواجدت فيها، حيث كان للفرقة حضورها الخاص في أحد مهرجانات الأردن. وعلى صعيد شخصي أقام "اسكندر عبيد" عدة حفلات خاصة في مدينة "حمص" وغيرها من المحافظات.

الدكتور عبد الحميد الخليل

قصته مع آلة الناي انتهت باكراً بسبب أمراض أصابت جهاز التنفس لديه فتوقف عن عزفه، إلا أنه استمر في الغناء وحدد اتجاهه أكثر: «أغني جميع الألوان الغنائية تقريباً، إلا أن اللون التراثي الفلكلوري يأخذ حيزاً واسعاً من اهتمامي، حيث كرست كل جهدي لهذا الفن، وأجهد في الإبحار فيه وإحيائه، مستعيناً بالرجال والنساء كبار السن ممن عاشوا هذا الإرث الغنائي الفني الذي لابد أن نحميه ونعلمه لهذه الأجيال».

استعان بالعود للارتقاء بأدائه الغنائي فتعلمه سماعياً، وانعكس حبه وعشقه للموسيقا على أسرته: «علمت أولادي حب الفن والموسيقا فابني "الياس" يعزف على آلة الأورغ، بينما يمتلك "جمعة" صوتاً جميلاً أحاول مساعدته في تطويره».

الدكتور سام دلة

ولـ"اسكندر عبيد" تجربته في التلحين لبعض الفنانين يذكر منهم الفنان العراقي "سعدي توفيق البغدادي". كما شارك مع فرقة "الفرات" في مهرجان "درعا" للتراث، وعن خصوصية هذه الفرقة يقول: «هي بالنسبة لي مشروع لوحة تراثية، نعتمد في رسمها على المزج بين آلة "الربابة" وآلة "الشاقولة" لتقديم ما هو جميل ومميز محملاً بعبق التراث».

ومن الأغاني التي غناها الفنان الفراتي "اسكندر عبيد" "مدري أنا مدري" وكانت من كلمات الشاعر "حامد السيد" وألحان "يحيى الرباح"، كما لحن عدداً من الأغاني نذكر منها "وينكم" للفنان "أحمد الصالح"، وأغنيتي "لا لا لا و الله" و"علي يا ناس" للفنان "أمين ياسين".

كان ومازال مستعداً بشكل دائم لدفع أي ثمن للحفاظ على هذا التراث الذي طالما عشقه وعاشه، فهو يهتم بالفرقة التي تحمل معه هذا الهم أكثر من نفسه، كرفاق درب يمتلكون الهاجس نفسه ضمن أجواء حميمية تزيد من متعة العمل.