اتسم عزفه بالتنوع والاختلاف؛ نظراً لتعدد الآلات الموسيقية التي تناوب على عزفها من الأكورديون إلى العود فالآلات الإيقاعية ثم الأورغ، وكانت هذه الأخيرة هي التي شغلت معظم أوقاته؛ فحاول خلال الفترة التي داعبت أصابعه مفاتيح تلك الآلة أن يُحلّق بعيداً في عالم الموسيقا.

"إبراهيم الزبير" من مواليد /1979/م هو أحد العازفين الموسيقيين في مدينة "البوكمال" ممن كانوا ضحية العادات الاجتماعية المحلية التي لا تتقبل المواهب الفنية، التقينا معه وكان الحديث عن البدايات الأولى حيث قال: «كانت البداية مع آلة الأكورديون وذلك عام /1993/م ثم حاولتُ تعلم الأورغ باعتباره يتشابه مع الأكورديون في أساس العزف؛ بعدها حاولت التنويع بين أكثر من آلة فكان العود هو التالي إضافة إلى آلات إيقاعية مختلفة، لكن على الرغم من هذا التنوع إلا أنني وجدتُ نفسي في الأورغ أكثر؛ لأنه يُهيّئ للعازف جو أستوديو كامل من إيقاع ومؤثرات صوتية عدا عن ذلك فهو الذي يسيطر على الحفلة من بين الآلات الموسيقية الأخرى وبالتأكيد هذه الخاصية تُعطي للعازف التّميز وهو هاجس كل عازف موسيقي بغض النظر عن نوع الآلة التي يعزف عليها».

عازفٌ حقيقي يمتلك موهبة فنية نادرة، باستطاعته تعلم أية آلة موسيقية بسهولة، لكن الحظ لم يحالفه ككل الفنانين في المدينة

تُعتبر آلة الأورغ من الآلات الموسيقية الكهربائية التي تُعطي أصوات أغلب الآلات الأخرى؛ لكنها تفتقد إلى الكمال إذ تُعطي دائماً علامات موسيقية ناقصة مختلفة عن الآلات الحية، وفي هذا الشأن تحدّث "إبراهيم" قائلاً:

خلال إحياءه لحفلة مع باقي أفراد الفرقة عام 2002م

«على الرغم من أنها آلتي الموسيقية المُفضلة إلا أنني أعترف بأنها آلة نصف محترفة وتبقى دائماً ناقصة وحتى إنها في بعض الأحيان تُشوّه اللحن، ومع ذلك عند دخولها على التخت الشرقي في بعض الجمل الموسيقية يُعطيها نوعاً من التّميّز؛ وأكبر دليل هي تجربة الموسيقار "محمد عبد الوهاب" عند إدخاله لصوت الأورغ في بعض ألحانه، فإذا قارنّا بين الأورغ والعود مثلاً فسنجد اختلافاً واضحاً بين الأبعاد الموسيقية بين علامة وأخرى، فالمسافة بين علامة الـ (دو) والـ (ري) في الأورغ هي مقدار الانتقال من مفتاح إلى آخر؛ أما العود فهذه المسافة تحتوي على عدة أبعاد أخرى وعدم الدقة قد يؤدي إلى النشاز أو الخروج من المقام المعزوف».

شارك "إبراهيم" مع أعضاء فرقة الشبيبة في الكثير من المهرجانات والاحتفالات الوطنية داخل وخارج المحافظة واثبتوا حضورهم بقوة؛ لكن هذه الفرقة تلاشت خلال السنين الفائتة وابتعد كل عضو من أعضائها بهمومه بعيداً عن الأجواء الفنية، فماذا قال "الزبير" بخصوص تلك الأيام الخوالي؟

عازف العود "أحمد مراد"

«انتسابي إلى فرقة الشبيبة كان عام /1995/م والفضل يعود إلى الأستاذ "محمد حسو" في تأسيس هذه الفرقة؛ حيث قام بضم أغلب المواهب الفنية بـ"البوكمال" وأشرف على تدريبها إلى أن أصبحت جاهزة للمشاركة في المهرجانات الوطنية وبالفعل كان له ما أراد، فقد حقّقتْ مراكز متقدمة إضافة إلى الانسجام الذي كان يسود بين أعضائها سواءً بمستوى الأعمار أو بتعدد مواهب الغناء والعزف، لكن تلك الأيام الجميلة انتهت بسبب الظروف الاجتماعية السائدة في المدينة والمتمثلة برفض الوسط المحيط لمواهبنا الفنية؛ لكن هؤلاء الذين يرفضوننا كموسيقيين يعيشون في حالةٍ من التناقض، فأثناء إحيائنا للحفلات تجدهم يهتفون ويصفقون لنا؛ أما بعد مغادرة تلك الأجواء فكل أصابع الاتهام والإدانة تتوجه إلينا نحن الفنانين لذنبٍ لم نرتكبه سوى أننا نعشق هذا الفن النبيل الذي يسمى الموسيقا، وبالنهاية فأنا وزملائي الآخرين نعيش في غمار هذا المجتمع وعلينا كأفراد أن نتقبل العادات التي ولِدتْ معنا، فكانت النتيجة هي ابتعادنا عن الفن وانشغالنا كبقية الناس بأمور عملنا والبحث عن لقمة العيش».

وعن الأصوات والعازفين الذين أُعجِب بهم؛ فقال: «أجمل صوت سمعته هو صوت الفنان "أحمد الكمال" من بين الحناجر المتواجدة في المدينة، أما بالنسبة للعازفين فهناك عازفٌ وأستاذٌ واحد بالنسبة لي اسمه "محمد حسو" فهذا الفنان يعزف على أكثر من عشرة آلات موسيقية بإتقان، وعندما يبدأ بالعزف فإنه يُشعرك بمتعة الآلة وحتى عندما يحمل الآلات الإيقاعية فإنه ينقلك لأجواء ممتعة».

الأستاذ "محمد حسو" مؤسس فرقة "البوكمال" الموسيقية

كانت طموحات "الزبير" تكفي لجعله عازفاً من الطراز الأول لكن لم يستطع بلوغ ما يصبو إليه بل يرى أنه سيحققها في المستقبل من خلال أشخاصٍ آخرين؛ فيتابع حديثه قائلاً: «كنتُ ولا زلت أطمح بأن أكون عازفاً محترفاً ومختصاً بالتوزيع الموسيقي لكن يبدو أن أملي سيكون في ولدي الذي سأربيه تربيةً موسيقية حتى أحقق وأُبْصر تلك الطموحات فيه؛ فهو سيكون مرآتي التي ستعكس كل ما لم يتحقق مُسبقاً، فعمره الآن سنتان وسأبدأ بتعليمه العزف عند بلوغه الثالثة من العمر وقد أنجح في جعله عازفاً مُتمكناً ذات يوم».

معظم أعضاء فرقة الشبيبة الذين التقينا معهم؛ أشادوا بموهبة العازف "إبراهيم الزبير" وعبّروا عن إعجابهم به، فقد قال عنه عازف العود "أحمد مراد": «إنه عازف أورغ ممتاز ويتمتع بحس موسيقي عالي؛ يتقن العزف على عدة آلات موسيقية، كنا نُشكل مجموعة فنية مميزة ذات يوم لكن الظروف اختلفت هذه الأيام وانشغل كل واحدٍ منا بأموره الشخصية؛ أتمنى أن نعود من جديد كفرقة موسيقية».

المطرب "أمير هاشم" قال: «عازفٌ حقيقي يمتلك موهبة فنية نادرة، باستطاعته تعلم أية آلة موسيقية بسهولة، لكن الحظ لم يحالفه ككل الفنانين في المدينة».

المطرب "هاني الكمال" قال: «"إبراهيم" أحد العازفين المميزين في المدينة وقد كان له مشاركات عديدة مع فرقة الشبيبة قبل أن يتركها، كان له تجربة في التلحين والتوزيع الموسيقي لكنه لم يستمر لظروف خاصة به، أتمنى له التوفيق».

أما الأستاذ "محمد حسو" مؤسس فرقة الشبيبة فقد قال: «شارك "إبراهيم" مع الفرقة في الكثير من الاحتفالات الوطنية في محافظات مختلفة وقد بدأ بالعزف على الأكورديون أولاً ثم انتقل إلى الأورغ، فهو عازف جيد له أسلوبه الخاص في العزف».