على الرغم من ابتعاده عن الملاعب وانشغاله بأمور حياته اليومية؛ إلا أنه لم يستطع منع أفكاره من التحليق عالياً في فضاء الرياضة ومتابعة أخبارها بشكلٍ مستمر، فسوء الطالع لديه حرمه من وضع بصمة في عالم المستديرة، وبالنهاية رضي بما هو مكتوب له.

حارس المرمى "باسل العران" أحد اللاعبين القدامى في صفوف نادي "البوكمال" الرياضي خلال فترة التسعينيات؛ كان إحدى محطاتنا التي توقفنا عندها في لقاء بتاريخ 6/1/2010م ضمن سلسلة من اللقاءات التي سنجريها مع بقية أعضاء الكتيبة البوكمالية القديمة في لقاءات لاحقة، حيث تحدث في البداية قائلاً: «ولدت في مدينة "البوكمال" عام 1966م وبدأت ممارسة رياضة كرة القدم عام 1983م كحارس مرمى في صفوف فريق "الغازي" أحد فرق الأحياء الشعبية في المدينة، في نفس العام تم اختياري كحارس مرمى لنادي "البوكمال" ضمن فئة الناشئين، بعد مرور نحو شهر تقريباً انتقلت إلى فئة الشباب لفترة أربعة مواسم متتالية، بعدها تم اختياري كحارس أول للمرمى ضمن فئة الرجال، حيث لعبت موسمين كرويين فقط مع هذه الفئة والتحقت بعدها لأداء خدمة العلم. خلال تلك الفترة من غيابي عن النادي واندماجي مع لاعبين جدد بدأ طموحي يكبر ويزداد؛ فكنت متفائلاً بتحقيق نجاحات تجعلني ارتدي قميص المنتخب الوطني في المستقبل.

اعتبر "باسل" قدوتي في هذه اللعبة؛ لأنه كان يلعب بكل ما لديه من طاقة من أجل الحفاظ على مرماه خالياً من الأهداف، لكن حظه السيّئ حال دون تحقيق ما كان يتمناه

بعد الانتهاء من خدمتي الإلزامية عدت إلى صفوف النادي من جديد وأنا أحمل الكثير من الحماس والجدية في اللعب، لكن القدر كان أقرب من كل تلك التداعيات؛ فحادث سير مروِّع كان كافياً لإبقائي مستلقياً في الفراش فترة من الزمن ومنعي من اللعب ثانية لتنتهي أحلامي الوردية عند مفترق الطريق، فقد تسبب هذا الحادث بكسر في ساقي ويدي اليمنى وجروحاً في الرأس وباقي أنحاء الجسد، بعد شفائي لم يعد بمقدوري اللعب أبداً واقتصر نشاطي الكروي على متابعة أخبار الرياضة المحلية والعربية والعالمية؛ فطبيعة عملي كوكيل لبيع بطاقات قناة الجزيرة الرياضية ساعدني كثيراً في متابعة آخر الأخبار في لحظتها».

نادي "البوكمال" خلال فترة التسعينيات

وعن دور احتكاك اللاعب لصقل مهاراته مع لاعبين آخرين أجاب: «احتكاك اللاعبين بعضهم مع بعض عامل إضافي لتكوين مهارات جديدة، فخلال وجودي في "دمشق" أثناء خدمتي للعلم استفدت كثيراً من التدريبات التي كنت أخضع لها ضمن تشكيلة فرق محلية متعددة في العاصمة، فالمرحوم "أحمد عيد" حارس مرمى المنتخب الوطني له فضل كبير عليّ؛ إذ أعطاني الكثير من خبرته الطويلة في الملاعب؛ فقد استطاع ملء الكثير من الفراغات التي كنت أعاني منها وتصحيح مساري في حراسة المرمى، وقد كان زملائي في نادي "البوكمال" يلاحظون التطور والتغيير الذي طرأ على أدائي في الملعب أثناء مشاركتي معهم في فترة إجازتي التي كنت أقضيها في المدينة».

وعن رأيه بنظام الاحتراف المطبق في الأندية المحلية؛ قال: «باعتقادي لم يطبق أي نادٍ محلي نظام الاحتراف بالشكل الصحيح؛ فمعظم هذه الأندية اهلكتها الديون والمصاريف الزائدة تحت ذريعة الاحتراف ومع ذلك لا يحقّقون أية نتائج إيجابية، فأنا متأكد لو قامت إدارة كل ناد بالاعتماد على أبناء مدينتها ضمن اختبارات حقيقية لتشكلت أندية قوية في كل محافظة ومدينة دون الاستعانة بأي لاعب محترف سواء أكان عربياً أم أجنبياً».

"باسل العران" خلال وجوده مع فئة الشباب

كما أشار خلال حديثه إلى دور العامل المادي في تقدّم ونجاح الرياضة، حيث قال: «يلعب العامل المادي دوراً كبيراً في تحقيق النجاح لأي لعبة رياضية، فعلى مستوى رياضة كرة القدم فإن النادي الذي يتمتع بوضع مادي مستقر نجده يأتي بالنجوم والمدربين القديرين وحتى تأمين معسكرات تدريب في أفضل المدن والعواصم؛ بعكس النادي الذي يشكو من مشاكل مادية».

والتقينا بعض اللاعبين في المدينة للاطلاع على آرائهم بالحارس "باسل العران"، فالسيد "هاشم الصُخني" لاعب قديم في النادي؛ قال فيه: «"باسل" من أفضل حراس المرمى خلال فترات سابقة، وعلى الرغم من قصر قامته إلا أنه كان يقفز لمسافات عالية للذود عن مرماه، وقد بقي مخلصاً للنادي حتى بعد أن أبعدته الإصابة عن الملاعب ولا يزال كذالك حتى الآن».

نادي "البوكمال" في عام 1986م

حارس المرمى "طعمة العران" قال فيه: «اعتبر "باسل" قدوتي في هذه اللعبة؛ لأنه كان يلعب بكل ما لديه من طاقة من أجل الحفاظ على مرماه خالياً من الأهداف، لكن حظه السيّئ حال دون تحقيق ما كان يتمناه».

السيد "علي اليوسف" كان أيضاً من أحد اللاعبين القدامى في النادي؛ قال: «أكثر شيء كان يتميز به "باسل" هي أخلاقه الرياضية سواء داخل الملعب أو خارجه، وبالتأكيد لا ننسى دوره وفضله الكبيرين في حماية شباك مرمى نادي "البوكمال" خلال وجوده في الملاعب».