لم يكن في المنزل عندما وصلنا إليه، بل في العمل الذي لم ينقطع عنه أبداً، كان ينقل مواد البناء إلى الطوابق العليا، ليتقاضى ما يعينه على سد الرمق، و على «شراء جهاز حاسب إن استطاع..» كما يقول "عواد حمد العيسى" من طلبة ثانوية المتفوقين المعروفين بتميزهم، والذين يحصدون في كل عام المراتب الأولى في النتائج الدراسية، لكن الفرق أن "عواد" الذي جمع 255 – 271 هو ابن حارس يعمل في أحد أبنية مدينة "دير الزور"، ويسكن مع عائلته المؤلفة من زوجته و"عواد" وأخ وأخت له في إحدى شققها التي لم تسكن بعد وما تزال على الهيكل.

الملخص: لم يكن في المنزل عندما وصلنا إليه، بل في العمل الذي لم ينقطع عنه أبداً، كان ينقل مواد البناء إلى الطوابق العليا، ليتقاضى ما يعينه على سد الرمق، و على «شراء جهاز حاسب إن استطاع..» كما يقول "عواد حمد العيسى" من طلبة ثانوية المتفوقين المعروفين بتميزهم، والذين يحصدون في كل عام المراتب الأولى في النتائج الدراسية، لكن الفرق أن "عواد" الذي جمع 255 – 271 هو ابن حارس يعمل في أحد أبنية مدينة "دير الزور"، ويسكن مع عائلته المؤلفة من زوجته و"عواد" وأخ وأخت له في إحدى شققها التي لم تسكن بعد وما تزال على الهيكل.

كانت حياتنا أفضل من حياتنا الحالية عندما كنا نعيش في قريتنا قرية "العزاوي" القريبة من "الحسكة"، لكن وكي يتابع أبنائي تحصيلهم الدراسي، انتقلنا إلى مدينة "دير الزور" منذ حوالي ست سنوات، ولم أجد أي عمل سوى حراسة المباني، وحالياً سأسعى بكل قوتي لتأمين مصاريف "عواد" الدراسية في الكلية التي سيختارها، وواثق بأن الله معنا، ولن يضيع هذا التعب

مراسل موقع eDeir-alzor انتظر "عواد" إلى أن أحضره أخاه من مكان عمله، وكان اللقاء التالي الذي تحدث فيه "عواد" قائلاً:

عواد العيسى

«نعم أنا ابن حارس أبنية، لكن هذا الوضع لم يشكل لي أية عقدة، بل على العكس، كان دافعاً قوياً للتفوق والاجتهاد.

لا أخفي هذا الوضع على أحد، ولا أخجل، فأصدقائي وأساتذتي يعرفون كل تفاصيل حياتي، يعلمون أنني بعد أن أنصرف من المدرسة أعمل في نقل مواد البناء إلى الطوابق العليا في الأبنية حديثة البناء في مدينة "دير الزور"، ويعلمون كل شيء عن وضعي المادي».

في منزله

وعن طريقته في الدراسة قال:

«بعد أن أعود من العمل أبدأ بالدراسة التي تستمر أحياناً لأربع أو خمس ساعات، فبالنسبة للمواد النظرية، كنت أحفظ دروسي مباشرة وأسمعها لنفسي عن طريق إعادة كتابتها خطياً، أما المواد العلمية، فكنت أحل الأمثلة والتمارين الموجودة في الكتب المدرسية بطريقة الكتابة أيضاً، كي تترسخ في ذهني أكثر، وهذه هي طريقتي دوماً، ولا متطلبات لدي.. فالموجود يكفي، أي الورقة والقلم والكتاب، وكأس من الشاي».

في غرفته

**تضحية أب

والد "عواد" السيد "حمد العيسى" قال إنه متابع لوضع ابنه الدراسي منذ صغره، وقال:

«كانت حياتنا أفضل من حياتنا الحالية عندما كنا نعيش في قريتنا قرية "العزاوي" القريبة من "الحسكة"، لكن وكي يتابع أبنائي تحصيلهم الدراسي، انتقلنا إلى مدينة "دير الزور" منذ حوالي ست سنوات، ولم أجد أي عمل سوى حراسة المباني، وحالياً سأسعى بكل قوتي لتأمين مصاريف "عواد" الدراسية في الكلية التي سيختارها، وواثق بأن الله معنا، ولن يضيع هذا التعب».

وبالعودة إلى "عواد"، سألناه عن دافعه الأساسي في هذا التفوق الذي اجترحه في ظل ظروفه القاسية جداً، فقال:

«دافعي الأساسي هو رد الجميل لتضحيات والدي وجهوده التي بذلها وتحملها في سبيل متابعة تحصيلنا العلمي أنا وأختي وأخي، إضافة إلى السعي لتأمين مستقبلي وتحسين مستوانا المعيشي.

أهلي ورغم كل هذا الفقر لم يقصروا في أي شيء استطاعوا تأمينه، والحمد لله أنني كنت دوماً محل فخر لهم، فقد جمعت في الصف السابع المجموع الكامل، ومن ثم نقصني عن المجموع الكامل في الصف الثامن أربع علامات فقط، وفي التاسع جمعت 263 علامة، وأتمنى مستقبلاً أن أدرس في كلية الطب، لكن هذا يتوقف على القبولات الجديدة».

وفي ختام اللقاء، وجه "عواد" عبر eSyria الشكر لمدرسة المتفوقين التي لم يحجه أساتذتها إلى التفكير بضرورة الدروس الخصوصية، بسبب ما كانوا يبذلونه من جهود في التدريس وإيصال المعلومات بتقوى وضمير.

وبالمناسبة، فإن لدى "عواد" أخت متفوقة جداً، وهي الآن أصبحت طالبة شهادة ثانوية فرع أدبي، و"عواد"، يتوقع أنها ستكون من المتفوقات على مستوى المحافظة، أي ربما يكون لنا في العام القادم لقاء مع ابنة الحارس المتفوقة، كما كان اللقاء مع أخيها.