من البديهي والمعروف في محافظة "دير الزور"، أن مستوى التحصيل العلمي لابن الريف، يختلف بشكل كبير عن ابن المدينة، وذلك بسبب الصعوبات التعليمية التي يواجهها طلبة الريف من ناحية قلة المدرسين وتذبذب أوضاعهم، حيث أن أغلبهم يسعون للانتقال إلى المدن، والكثير منهم ينتقل أو يتغيب عن الدروس، وغيرها من الأمور، كسوء الوضع المعيشي الذي لا يسمح لأغلب طلبة الريف باتباع الدروس الخصوصية، لذا، فإن ابن الريف الحاصل على 200 علامة في الشهادة الثانوية مثلاً، يعادل بمجموعه هذا، المجموع التام أو شبه التام لابن المدينة الذي تتوفر له ظروف أفضل بكثير، فكيف لو كان ابن الريف هذا الأول على المحافظة؟

"ماجد علوان" من قرية "بقرص تحتاني"، هو المثال الناصع على هذا الطالب، فقد حصل على المركز الأول على المحافظة في الشهادة الثانوية (علمي نظام قديم)، بمجموع 238 و 255 مع جمع مادة الديانة.

هذه السنة الثانية لي في الشهادة الثانوية، ففي العام الماضي تبين لي خلال امتحان الرياضيات أنني لن أحصل على علامة جيدة، لذا آثرت الانسحاب من الامتحان، وبدأت من جديد التحضير لامتحان العام القادم، والحمد لله، كان قراري صائباً

مراسل موقع eDeir-alzor زار "ماجد" في منزل ذويه في قرية "بقرص تحتاني" التي تبعد عن مدينة "دير الزور" حوالي 20 كم، وسأل ماجد عن الإنجاز الذي حققه، فقال:

ماجد ووالده

«هذه السنة الثانية لي في الشهادة الثانوية، ففي العام الماضي تبين لي خلال امتحان الرياضيات أنني لن أحصل على علامة جيدة، لذا آثرت الانسحاب من الامتحان، وبدأت من جديد التحضير لامتحان العام القادم، والحمد لله، كان قراري صائباً».

"ماجد" الذي يرغب في دراسة الطب البشري في جامعة "دمشق" قال عن طريقته في الدراسة:

«أعدت المنهاج ثلاث مرات، مرتان في الصيف، ومرة خلال الشتاء، ولم أكن أنوّع بين المواد خلال الدراسة، بل أدرس كل مادة لوحدها، ولا أنتقل إلى مادة أخرى، إلا بعد أن أنهي الأولى بشكل كامل.. ربما يرى البعض هذه الطريقة خاطئة، لكنني كنت مرتاحاً لها، ووجدت أنها الأفضل بالنسبة لي».

ويتابع المتفوق "ماجد":

«أنا سعيد بهذه النتيجة، فقد حققت حلمي وحلم أهلي، ومستقبلاً، سأحسن من أوضاع أهلي المعيشية.

بصراحة، أهم دوافعنا نحن أبناء الريف للدراسة والتفوق هي الراحة.. الراحة من أمور مضنية، مثل الفلاحة ورعي الأغنام، وأنا كنت أقوم بهذه الأعمال إلى جانب الدراسة».

ومن منزل ذوي "ماجد"، وعبر الهاتف، اتصل الموقع بمدير ثانوية "الفارابي" التي درس فيها "ماجد" المرحلة الثانوية، الأستاذ "محمد مصلح زعيّن"، وقال:

«"ماجد" من الطلبة المميزين في الثانوية منذ أن دخل إليها في الصف العاشر، وإضافة إلى تميزه الدراسي والعلمي، كان يتميز أيضاً بأدبه وهدوئه، وكنا كإدارة مدرسة نعول على نتيجته، وصدمنا عندما انسحب من الامتحان في العام الماضي، لكن يبدو أن قراره كان صائباً، والحمد لله كانت النتيجة أنه حقق لنفسه وللمدرسة السمعة الطيبة».

وفي ختام اللقاء، وجه "ماجد" الشكر لأهله على ما قدموه له من تهيئة لأجواء الدراسة، وتأمين ما استطاعوا بإمكانياتهم المتواضعة تأمينه، وخص بالشكر مدرس مادة الرياضيات الأستاذ "أحمد سليم" لأنه كان يوجهه ويعلمه طريقة الدراسة الصحيحة، ولأنه بسّط للطلبة مادة الرياضيات الصعبة، وبشكل خاص، لأنه أقنع "ماجد" بالعودة إلى المدرسة وعدم إعادة السنة كطالب حر.