عندما تعلم أن أهالي دير الزور لا يعرفون أبا نجم «عبد الله كضيب» إلا كمصور، ستظن أن هذا الرجل جاء إلى مهنة التصوير بدافع من رغبة وهواية، خاصة أنه لم يعمل في حياته وسنواته الأربع والسبعين سوى بالتصوير، لتفاجأ بأن الموضوع بدأ مصادفة، ولم يكن المصور السبعيني يخطر بباله أنه سيكون مصوراً في يوم من الأيام!!...

أبو نجم روى لـ edair-alzor القصة فقال: ولدت عام 1934، وبسبب ضيق ذات اليد لم أستطع إكمال دراستي، فاكتفيت بشهادة التاسع، واتجهت للعمل الخاص للتغلب على ظروف الحياة، وذات يوم زرت صديقي المصور الشهير جلال، وكان منزعجاً جداً لأن «الشغيلة» تركوه وبقي وحيداً في الاستديو، فقلت له: «ولا يهمك.. أنا أشتغل عندك...».. وبدأت الرحلة.

يضيف أبو نجم: بدأت أتعلم من جلال - وهو مصور كبير ومن أقدم مصوري دير الزور- بل هو أحد أربعة مصورين لم يكن هناك غيرهم في الدير وهم: جلال، يروانت، كروان، نحاس.. وكنت أواظب على العمل لأتعلم بشكل جيد، إلى أن وقع بيدي مصادفة كتاب عن التصوير للمؤلف الفرنسي روبير جان، وعندما قرأته اكتشفت أننا نعمل على مبدأ «يا رب تجي بعينو» واكتشفت أن التصوير علم قائم بذاته، وفيه كيمياء وفيزياء وتشريح، وبدأت بدراسة خصائص المواد المظهّرة للصور، وخصائص المواد البديلة لها، واتخذت أسلوباً جديداً وتركيبة خاصة بي، وافتتحت بعد سنوات الاستديو الخاص بي.

عن عدم إقامة أي معرض لصوره قال أبو نجم: أرفض المعارض بشكل قاطع، ولا أقبل أن أعرض صوري ليقول أحدهم عن صورة ما إنها أفضل من البقية أو أجمل.

العم أبو نجم يرى أن التصوير القديم «الأبيض والأسود» كان إبداعاً، أما التصوير الحالي فهو مجرد نسخ، والتصوير دراسة للوجه والملامح والنتوءات، وكيفية إسقاط الضوء وغيرها من الأمور الفنية البحتة.

ويتابع: كل هذا لم يعد موجوداً عند أغلب المصورين حالياً، كما لم يعد هناك من يدرس العدسة وتقاعيرها والتقاء محاورها.

طبعاً أبو نجم ترك التصوير كما أكد عندما دخل المتطفلون إلى هذا الميدان.. وأكثر من ذلك.. فقد وهب كاميراته وأدواته جميعها دون مقابل، كي لا يعود للتصوير مرة أخرى.. وهو قال ختاماً: الزمن لم يعد لنا.. إذاً فلنبتعد.