خسرت الحياة الثقافية والإعلامية السورية مؤخراً أحد شعرائها المميزين "مروان الخاطر" ممن حظوا باحترام وتقدير لنتاجه الثقافي والإعلامي ومسيرته الطويلة التي بدأت من مدينته الشرقية "البوكمال" مرواً باليمن حتى استقراره في دمشق.

الراحل المولود في مدينة "البوكمال" عام 1943 عاش نشأته فيها، متأثراً بموقعها الجغرافي وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية، وحسب ما يذكر الشاعر "مزاحم الكبع" فإن الراحل: «اكتسب من مدينته النقاء، الصفاء، الصدق والشفافية فترجمها في كتاباته المتنوعة، وكان ظلَّاً وفيّاً لوطنِه الأم "سورية" حبّاً وعملاً وليس قولاً وشعارات، فكان أدبه يحمل الوطن كمقدّسٍ لا يمكن المساس به حتى آخر لحظةٍ من حياته، ولأنّه استطاع بشعره خاصةً ونتاجه الإبداعي عامّة أن يتخطى حدود البلد الأم إلى أغلب البلاد العربية ليكون سفيراً إبداعياً لوطنه فيها».

الراحل شاعر وصحفي وإذاعي درس المراحل الابتدائية والإعدادية في "البوكمال" التابعة لمحافظة "دير الزور" ثم انتقل إلى "الحسكة" ليتخرج من دار المعلمين عام 1962، عمل مدرساً في "البوكمال" لفترة ثم أعير إلى "اليمن" ليعود إلى "دمشق" ويعمل في التعليم ثم ينتقل للعمل في "الإذاعة والتلفزيون" كقارئ للنصوص ورئيسٍ لدائرة الثقافة في إذاعة "دمشق"

الشاعر الراحل الذي توفي في الخامس من "نيسان" عام 2021، كان بمنزلة القدوة للكثيرين، وكما يروي "مزاحم الكبع" ابن مدينته: «منذ صغري وأنا أسمع باسمه وإبداعه من أبناء جيلِه (كوالدي رحمه الله) ومن طلّابه ومحبيه من الأجيال اللاحقة، وبأنّه استطاع في ذلك الوقت أي (سبعينيات القرن الماضي وما يليه) أن ينطلق من هذه المدينة الصغيرة القابعة في أقصى شرق البلاد ليشقّ لنفسه طريقاً واسعةً وبكلّ ثقة وتميّز في الساحة الثقافية السورية خاصةً والعربية عامّة ليكون أحد الأسماء البارزة في عالم الشعر والأدب في الوطن العربي، وبعد ذلك بدأتُ أتتبّع أخباره ونتاجاته الفكرية والأدبية من باب الإعجاب والتأثر بها من جهة ومن باب الفخر والاقتداء به كونه من مدينتي التي أعتزُّ بالانتماء لها».

شهادة تكريم

وبتفصيل أكثر عن مسيرة الشاعر يتحدث ابنه "محمد الخاطر" في حديث لمدوّنة وطن فيقول: «الراحل شاعر وصحفي وإذاعي درس المراحل الابتدائية والإعدادية في "البوكمال" التابعة لمحافظة "دير الزور" ثم انتقل إلى "الحسكة" ليتخرج من دار المعلمين عام 1962، عمل مدرساً في "البوكمال" لفترة ثم أعير إلى "اليمن" ليعود إلى "دمشق" ويعمل في التعليم ثم ينتقل للعمل في "الإذاعة والتلفزيون" كقارئ للنصوص ورئيسٍ لدائرة الثقافة في إذاعة "دمشق"».

بدأ الشاعر الراحل حياته مكافحاً كحال معظم شباب "سورية" من مدينته، معيلاً لمجموعة كبيرة من الأفراد من عائلته، استطاع أن يكسر حاجز المعيشة الضنكا ليؤمّن قوت هذه العائلة الكبيرة من خلال عمله كمعلم في تلك المدينة، وثم كبر طموحه لكي يشقّ طريقاً جديداً بعد سفره إلى "اليمن"، ثمّ العودة ليدخل عالم العاصمة العالم المجهول لابن الريف، وشق طريقه بجدارة وأثبت انه من القامات الكبرى شعراً وأدباً وروايةً وكتاباً، لم يدع أي فن من فنون الكتابة إلا واستخدمه في كتاباته، كانت له زوايا أسبوعية في جريدتي "الثورة" و"تشرين" لأكثر من عقدين من الزمن، إضافة إلى مواده في مجلة "الأسبوع الأدبي"، وكذلك عمله في مجال الثقافة في الهيئة "العامة للإذاعة والتلفزيون" وما زالت تأثيراته موجودة بين أروقتها، واسمه حاضراً هناك من خلال عمله، هو الأديب الذي لم يبخل بالعطاء في مسيرته لبناء عائلة صغيرة ترمز إلى وطن كبير.

من مؤلفاته

في مسيرته التي امتدت لعقود حظي الراحل بتكريم من جهات كثيرة، وحسب ما يشير ابنه: «تم تكريم والدي من جهات عدة كثيرة منها "اتحاد الصحفيين"، وزارة "الإعلام"، وإذاعة "دمشق" وغيرها، كما كان عضواً في لجنة تحكيم مهرجان "القاهرة" لعدة سنوات متتالية ممثلاً لبلده، له عدة مؤلفات شعرية أذكر البعض منها "الناي الجريح"،"حمدان" عام 1967، "أصوات في سمع الزمن المقهور" عام 1970، "نشيد الغربة"، "أخاف عليك فابتعدي"، "أغاني الفرات"، مجموعة أعمال شعرية "مختارات" وغيرها، كما نشر قصائده ومقالاته في الصحف والمجلات السورية والعربية، وشارك في كثير من المهرجانات الشعرية المحلية والعربية وكتب للإذاعة والتلفزيون الكثير من البرامج الثقافية وعدد من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية منها "النار والفرقة" تكلم عن البيئة البدوية، "دواس الليل" وغيرها».

وعند شيوع خبر وفاته، كتبت الإعلامية نهلة السوسو على صفحتها الشخصية كلمات مؤثرة تنعي فيها "مروان الخاطر"، فقالت: ياأبا "ضاهر" كم تعلمنا منك الاستقامة التي لا تعرف الميلان حتى لو أطبقت السماء على الأرض! كم تعلمنا منك أن تُقال الكلمة ولو تشابهت مع حدّ السيف البتار. كنت شخصاً ليس من هذا الزمان بنقاء عقلك وسريرتك وعلو قامتك واعتزازك بنفسك وكرامتك وموقعك.. ألف حكاية تُروى عنك ولن أنتهي... ولا تغادرني صورتك حين ذهبت لأعزيك برفيقة حياتك منذ شهور، وكنت متماسكاً، صبوراً، بين أبنائك لكن قلبي وجف حين كنت أستمع إليك لأنه قال لي: هذا الشاعر الرقيق الوفي سيذهب إلى رفيقة حياته ولن يطيل البقاء في دنيا الفناء هذه.

يذكر أنّ "مروان لطوف الخاطر" حصل على شهادة دار المعلمين في "الحسكة" عام 1962، وهو عضو في اتحاد "الكتاب العرب" وعضو في اتحاد الصحفيين السوريين وعضو في اتحاد "الصحفيين العرب" بالإضافة إلى كتابة الشعر، له العديد من المقالات والزوايا والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية، وأجري اللقاء بتاريخ العاشر من نيسان 2021.