كثيرة هي المواهب التي تتفتح كالزهور ولكن ليس في تربتها الأم ربما تحتاج أحياناً لظروف معينة لتعطي وتجود، ولعل الاغتراب هو الفرصة التي تتاح للبعض لكي تبزغ إبداعاتهم. eSyria التقى أحد أبنائنا الذين تميزوا في المغترب وهو المهندس "يوسف داوود الياسين"، فبدأ حديثه معنا بالقول:

«أنا من مواليد 1964، مهندس زراعي خريج 1990، جامعة حلب ومن كلية الزراعة الثانية "بدير الزور"، بدأ عملي في مجال الزراعات المحمية منذ المرحلة الجامعية، حيث تدربت في المركز العربي للبيوت المحمية التابع لمنظمة الفاو، الموجود في "دير الزور" من عام 1988 وحتى 1990 وبعد تخرجي عينت مباشرة كمدير لمشروع البيوت المحمية في المؤسسة العامة لمزارع الدولة التابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وبقيت من سنة 1990 وحتى 1993، ثم أصبحت مدير قسم البيوت المحمية في ذات المؤسسة من عام 1993 وحتى 1996 وبهذا أكون قد حققت نجاحاً إدارياً وفنياً سببه يعود إلى أنني تدرجت في الخبرة من عامل "مياوم" أثناء سنوات الدراسة الجامعية وحتى مدير قسم، وفي نفس المجال وهو البيوت المحمية، وكانت كل مرحلة وظيفية تمهد للمرحلة التي تليها بسبب تراكم الخبرة العملية واقترانها بالدراسة الأكاديمية، ومع ذلك فأنا لم أر في ذلك نهاية للمطاف على مستوى الطموح بل فاتحة له، فقررت أن أخوض تجربة الاغتراب مع العلم أن وضعي كان ممتازاً في مكان عملي».

تجربة الاغتراب جعلت مني إنساناً بفكر جديد نتيجة الاحتكاك وتوافر الإمكانيات، حيث يوفر الاحتكاك الخبرة، وكذلك المتابعة العلمية من خلال السفر لحضور المؤتمرات والمعارض الزراعية وورشات العمل

ثم يتابع "الياسين" كلامه شارحاً تجربة اغترابه: «كنت واثقاً من الله أولاً ومن نفسي ثانياً بأنني سأنجح في تجربة الاغتراب فسافرت إلى المملكة العربية السعودية في نهاية عام 1996، وهناك وبسبب الخبرة التي اكتسبتها من قبل عينت مديرا لمشروع "الرشيد" للبيوت المحمية والزراعات المكشوفة في مدينة "الخرج" بالمملكة العربية السعودية من عام 1996 وحتى 2000، ثم انتقلت للعمل في شركة أخرى معروفة على مستوى السعودية، وهي شركة "الروابي" فعملت في مزارعها في مدينة "الخرج" كمؤسس ومدير تصنيع ثم مدير المشروع بالإضافة إلى الإشراف على الزراعات المكشوفة التي تتضمن زراعة الخضار والأعلاف من سنة 2000 وحتى 2009 كما أشرفت على مصنع "دلبا" للبوليسترين في مؤسسة الروابي ضمن الفترة السابقة ولكن من عام 2006 وحتى2009، ثم انتقلت للعمل في الحبشة منذ عام 2009 ولغاية الآن في شركة هويزر الهولندية مشرفا على مركز خضار وتجارب محمية ومكشوفة "داخلية وخارجية" لانتقاء أصناف تجارية ودراسة الأوضاع المناخية ومدى نجاح هذه المحاصيل، أي وضع جدوى اقتصادية لها للاستثمار».

المهندس يوسف الياسين

وقد طورت تجربة الاغتراب من شخصية "الياسين" الذي أخبرنا تفاصيل ذلك بقوله: «تجربة الاغتراب جعلت مني إنساناً بفكر جديد نتيجة الاحتكاك وتوافر الإمكانيات، حيث يوفر الاحتكاك الخبرة، وكذلك المتابعة العلمية من خلال السفر لحضور المؤتمرات والمعارض الزراعية وورشات العمل».

ورغم أن "الياسين" اجتماعي بطبعه إلا انه يعاني من ضيق الوقت بغية التواصل مع أبناء وطنه في المغترب، إذ يقول في ذلك: «لا تتيح لي طبيعة عمل التواصل مع أبناء الجالية السورية وكنت أتمنى لولدي القليل من الوقت للتواصل أكثر لأن هناك الكثيرين من السوريين الذين أرغب فعلاً بتعميق علاقتي معهم، وخصوصاً أن هناك سوريين قد أبدعوا في تخصصاتهم في بلاد المغترب، بل تفوقوا على أبناء الجاليات الأخرى، ومع ذلك فالأمر لا يخلو من لقاءات بين الفينة والأخرى».

أما الدورات والمؤتمرات التي اتبعها "الياسين" فهي كثيرة لخصها بقوله: «اتبعت العديد من الدورات التي تتعلق بالبيوت المحمية والزراعات المكشوفة في الكثير من الدول "16 دولة" منها الإمارات العربية المتحدة، واليمن، وعمان، وتركيا، وهولندا، وألمانيا، كما كنت محاضراً لزراعة أصناف الخضار لشركة "أزازادن" الهولندية في مصر والأردن والسعودية».

ومن زملاء السيد "يوسف الياسين" في العمل التقينا الدكتور المهندس "وائل هويدي" الذي حدثنا بقوله: «اتسم "يوسف" منذ سنوات الدراسة بالطموح الشديد، وبحبه للجانب العملي التطبيقي من العلم، هذا عدا تواضعه واحترامه للآخرين ما سهل عليه التفوق بمجال "البيوت المحمية" التي اكتسب خبرة كبيرة فيها».

كما التقينا المهندس "عبد الجبار الهايس" وهو من أصدقاء السيد "يوسف الياسين" وكذلك من زملاء الدراسة، فقال لنا: «ينطبق على "يوسف" مقولة "كن جسوراً تحظى بالنعم" فهو منذ بداياته كان يرى أين سيكون بالمستقبل، وكيف يكون واستطاع بفضل إيمانه بالله وبنفسه أن يصل لما أراد، لا مكتفياً بالأماني بل ممارساً ميدانياً لعمله معتمداً على أن النتيجة خير برهان لصدق العمل».