لتسيير الأمور وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الأهالي في محافظة "دير الزور" فيما مضى، كان هناك إدارات ومجالس لمساعدة المتصرف في تسيير أمور الولاية، ومن أهمها "مجلس التمييز" وأعضائه لقبو "بالمميزين"، وهو بمنزلة محكمة استئناف في يومنا هذا.

مدونة وطن "eSyria" التقت في 30 تشرين الثاني 2014، القاضية "غالية الثلاج" لتحدثنا عن أهمية مجلس التمييز في ذلك الوقت ومقارنته مع وقتنا الراهن بالقول: «مجلس التمييز الذي أنشئ في متصرفية "دير الزور" آنذاك هو تطور وإنجاز للمتصرفية، وهو اعتراف فعلي من حكومة ذلك الوقت بأهمية المنطقة كمتصرفية، لاقت تطوراً وازدهاراً للنشاط الاجتماعي للسكان، ومن ثم هذا يستتبع تطور المحاكم فيها، وإنشاء هذا المجلس الذي يعادل محكمة الاستئناف حالياً وهي أعلى محكمة في وقتنا الحالي، ويعد إقراراً من الحكومة بأنها محافظة وليست بلدية، معترف بها من قبل الدولة العثمانية، وهو كتطور لمهام المدينة وتطور للنشاط الفعلي لسكان محافظة "دير الزور"».

قد ورد أول ذكر لمجلس التمييز في متصرفية "دير الزور" في "سالنامة" ولاية "حلب" عام 1287 هجري - 1870م وينتخب أعضاء هذا المجلس بوساطة جمعية التفريق، أما مدة العضوية في المجلس فهي سنتان، أما أشهر الأعضاء الذين اختيروا لأكثر من مرة في مجلس التمييز فنذكر منهم: "عبد العزيز إنما، وعبود آغا، وعبد الله آغا، وعلي آغا، وشباط أفندي، وياسين أفندي، والسليمان أفندي، وحافظ أفندي"

أما الباحث "خالد الفرج" فحدثنا عن طبيعة عمل "مجلس التمييز" في محافظة "دير الزور" فيما مضى قائلاً: «حظي مجلس التمييز بمكانة مهمة في متصرفية "دير الزور" وتمتع أعضاؤه بمنزلة اجتماعية مرموقة حتى أضحى اختيار أعضائه من الأعيان والوجهاء في البلد، فقد كانت مهمته تحقيق العدالة والتآلف الاجتماعي بين أهالي المحافظة، فكان دور "مجلس التمييز" أو "المميزين" كما كان يلقبهم الأهالي للنظر في الدعاوى التي يستأنفها أصحابها بعد أن تعرض على محاكم القضاء، فهي بمنزلة محكمة الاستئناف في وقتنا الراهن التي تنظر في الأحكام الصادرة عن محاكم البداية، وقد أحدث في متصرفية "دير الزور" عدد من المجالس لمساعدة المتصرف في عمله كما في بقية الولايات والمتصرفيات التابعة للدولة العثمانية، ولعل من أهم هذه المجالس هو مجلس التمييز الذي يتم انتخابه من قبل "جمعية التفريق" التي تضم الأعضاء الدائمين لمجلس إدارة المتصرفية، وإلى جانبهم رؤساء الطوائف الروحانية لغير المسلمين، ويترأس المتصرف "جمعية التفريق" التي مهمتها الإشراف على انتخاب مجلس الإدارة ومجلس التمييز».

القاضية غالية الثلاج

ويتابع: «وجد في متصرفية "دير الزور" مجلس واحد لتمييز الحقوق مقره في قصبة المتصرفية، وهذا المجلس مختص بالنظر إلى الدعاوي التي تفض قانوناً ونظاماً والتدقيق فيها، باستثناء الدعاوي الخاصة بأهل الإسلام التي يجب عرضها على المحاكم الشرعية، وأيضاً تلك العائدة إلى غير المسلمين التي تعرض على إدارتهم الروحانية، وكذلك الخصومات المتعلقة بأمور التجارة فهي تعرض على مجالس التجارة حصراً، ويتألف مجلس التمييز من ستة أعضاء ثلاثة من المسلمين وثلاثة من الطوائف الأخرى، ويرأس المجلس حاكم منصب من طرف الدولة ليكون مشرفاً على وقف الأمور الحقوقية في المتصرفية، أما مجلس التمييز في متصرفية "دير الزور" فقد كان يتألف من ستة أشخاص، هم: رئيس المجلس وهو النائب، وأربعة أعضاء، وكاتب. ويطلق على أعضائه اسم "مميزين" ويقوم المجلس بالنظر في الدعاوي التي ترفع إليه والفصل فيها ثم تعرض على المتصرف بضبوط رسمية مختومة بأختام الحاكم والمميزين، فيقوم المتصرف بإصدار تلك الأحكام وفق ما هو مسموح له من طرف الدولة العليا ويعرض عما هو خارج عن الإدارة».

وفي كتاب "دير الزور خلال العهد العثماني" للأستاذ "رامي وحيد الدين الضللي"؛ وهو دراسة وثائقية للحياة السياسية والتنظيمات الإدارية لمحافظة "دير الزور"، يقول فيه: «قد ورد أول ذكر لمجلس التمييز في متصرفية "دير الزور" في "سالنامة" ولاية "حلب" عام 1287 هجري - 1870م وينتخب أعضاء هذا المجلس بوساطة جمعية التفريق، أما مدة العضوية في المجلس فهي سنتان، أما أشهر الأعضاء الذين اختيروا لأكثر من مرة في مجلس التمييز فنذكر منهم: "عبد العزيز إنما، وعبود آغا، وعبد الله آغا، وعلي آغا، وشباط أفندي، وياسين أفندي، والسليمان أفندي، وحافظ أفندي"».

الباحث خالد الفرج