من العادات والتقاليد المميزة في مراسم الزواج في محافظة "دير الزور" عادة "عدود السياق" حيث يحتفل أهل العروسين بتوزيع الحلويات في هذا اليوم وتقديم المهر للعروس لتثبيت الزواج.

للتعرف أكثر على طقوس "عدود السياق" في محافظة "دير الزور"، مدونة وطن "eSyria" التقت في 12 تموز 2014، السيدة "ناريمان درويش" من حي "العرضي"، فقالت: «من الطقوس الجميلة والمميزة في مراسم الزواج في محافظة "دير الزور"، "عدود السياق" حيث يجتمع كلاً من أهل العريس والعروس ليحتفلوا بوجود المقربين والأهل، معلنين بذلك أول خطوة من خطوات الزواج، التي يتم خلالها دفع مهر العروس من قبل أهل العريس، ويتم تناول الحلويات بأنواعها، وهذه العادة هي حلم كل فتاة ومفخرة لها أمام صديقاتها وأقاربها، وخاصة إذا كان المهر عالياً ومميزاً، وإذا كانت الحلويات مجلوبة من خارج المدينة، ليكون "عدود سياق" هذه الفتاة حديث المدينة والجيران».

"عدود السياق" كلمتان هما:"عدود" وهي كلمة تعني (عّد أو أحصى) أي عدَّ نقد مهر العروس المتفق عليه بين الطرفين، والكلمة الثانية "سياق"، من فعل (ساق، يسوق، سُوق، سوقاً ومساقاً فهو سائق، والمفعول مسوق)، وتعني سوق القطيع (إبل أو غنم)، لأن مهر العروس كان عبارة عن قطيع من الإبل أو الغنم أو ما شابه ذلك مما يتم سوقه إلى أهل العروس مهراً للعروس ومن هنا جاءت التسمية

"مراسم الزواج تنقسم إلى مراحل وعادة ما تبدأ بـ"مشية الزلم" ويتم تقديم "سياق" الفتاة خلاله"، هذا ما أشار إليه الشاعر والباحث في التراث "خالد الفرج" في حديثه عن "عدود السياق"، وأضاف: «إن إرث وموروث التراث الشعبي الفراتي الدفين في "دير الزور" من الأهمية حيث لا يمكن تغييره، ومن ذلك مراسم الزواج التي تنقسم إلى مراحل، وعادة ما تبدأ بـ"مشية الزلم" أو "الجاهة"، التي تشمل ذهاب مجموعة من الرجال إلى منزل أهل العروس لطلب يد ابنتهم إلى ابنهم، حيث تتم قراءة الفاتحة والاتفاق على المهر المطلوب، واليوم الذي يقدم به المهر يسمى "سياق"، وليلة المهر تسمى "عدود سياق"، وأول عمل بعد تحديد يوم "عدود السياق" هو تأمين الحلويات لهذه الليلة، وقد درجت العادة أن يسافر أحد أفراد أهل العروس وغالباً يذهب والد العروس إلى مدينة "حلب" من أجل جلب الحلويات التي كانت تتألف من (المستت، والبقلاوة، والمعمول، والغريبة)، وكانت تغلف في صناديق خشبية مستديرة وصغيرة الحجم، ويتم شحنها إلى مدينة "دير الزور" ويبدأ الاحتفال عند وصول الحلويات إلى منزل أهل العروس».

ناريمان درويش

ويضيف: «لكن، وبعد قدوم مجموعة من أصحاب محلات الحلويات وأغلبهم من محافظة "حلب" الذين قاموا بافتتاح محلات لهم في مدينة "دير الزور"، ومن أشهر صاحبي هذه المحلات "أبو يوسف الحلبي، وأبو شادي، وحج أبو اللبن"، صار موضوع جلب الحلويات أسهل.

يحدد يوم الخميس بعد صلاة العشاء وقت الاحتفال بـ"عدود السياق"، ويتوافد المدعوون من الأقرباء والأصدقاء للعروسين إلى منزل أهل العروس، ويتم تقديم مهر العروس من قبل أهل العريس، ويقال: "عدينا سياق فلان على فلانة"، وهنا توزع الحلويات على المدعوين وتعلو الهلاهل والأغاني والدبكات على أنغام الطبل والشاخولة، ويتم في نهاية السهرة مباركة العروسين وانتهاء هذه الليلة الجميلة».

الشاعر خالد الفرج

ويبين "الفرج" سبب التسمية بالقول: «"عدود السياق" كلمتان هما:"عدود" وهي كلمة تعني (عّد أو أحصى) أي عدَّ نقد مهر العروس المتفق عليه بين الطرفين، والكلمة الثانية "سياق"، من فعل (ساق، يسوق، سُوق، سوقاً ومساقاً فهو سائق، والمفعول مسوق)، وتعني سوق القطيع (إبل أو غنم)، لأن مهر العروس كان عبارة عن قطيع من الإبل أو الغنم أو ما شابه ذلك مما يتم سوقه إلى أهل العروس مهراً للعروس ومن هنا جاءت التسمية».

وقد تحدث الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "التراث الشعبي الفراتي" عن "عدود السياق" بالقول: «ما زلنا في "دير الزور" وفي الفرات عامة نسمي مهر المرأة "سياقاً" ونسمي الدعوة لتقديم المهر "عدود سياق"، لأن العرب كانوا يدفعون سياق المرأة أي مهرها إبلاً وخيلاً وغنماً، فيقولون ساق إليها صداقها لأن الخيل والإبل والغنم تساق، ولئن صحت تسمية المهر أو الصداق "سياقاً" في بقية أنحاء الفرات حيث لا يزال المهر غنماً وإبلاً وخيلاً، فلا يجوز ولا يصح أن يسميه الديريون "سياقاً"، وإذا كنا نستعمل لفظة "سياق" فلتغلغل البداوة فينا، ولم ينبهنا تحول أحوالنا التي تقضي بقول ألفاظ مناسبة إن لم تكن مولدة، وقد أغفلنا عن استعمال لفظة المهر أو الصداق لأن الصداق من الصدقة أي العطية لأجل الثواب، وتصدق أي أعطى الصدقات، والمهر مثله ويفيد أيضاً العوض، ومن ألفاظ مقدمات تقديم المهر عندنا لفظة "الحطوط" من فعل حط أي وضع».