أدت الضغوط الاقتصادية والمعيشية التي تمرُّ بها البلاد حالياً إلى إحداث تحولات اجتماعية كان هدفها التأقلم مع تلك الضغوط ومحاولة التخفيف من تأثيراتها، فكان أن عادت كثير من الأسر الريفية إلى تربية الثروة الحيوانية وزراعة ما يمكن زراعته لتأمين احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية.

كانت (مونة) المنازل لأكثر من 70% من أبناء ريف المحافظة، والمكونة من اللبنة، الجبنة، البيض، السمن العربي، برغل، عدس، حمص... الخ، يجري تأمينها من الأسواق المحلية، ولا سيّما ما قبل عام 2015، إلا أن ذلك بدأ يشهد تغيراً ملحوظاً حسب ما يذكر المربي "عاطف الأوس" في حديثه لمدوّنة وطن، والذي يضيف: "بعد أن باتت أسعار الحليب ومشتقاته تشهد ارتفاعا تدريجياً، الأمر الذي أدى وسيؤدي إلى إرهاق الميزانية المالية للأسر الريفية، لم يكن أمام الكثير من الأسر سوى العودة إلى تربية المواشي من الأغنام والماعز والأبقار، والتي باتت تشهد خلال السنوات الخمس الماضية إقبالاً متزايداً من معظم أبناء الريف، وهذه العودة السريعة مردها إلى توافر المراعي الخضراء في منطقة اللجاة والبادية، إلا أن الأمر الذي شجع بشكل أكبر هو إحداث صناديق للتنمية في القرى والممولة من الأمانة السورية للتنمية"، وأضاف: إنّ تربية المواشي حققت للأسر اكتفاءً ذاتياً من الألبان والأجبان، إضافة لزيادة دخل الأسرة من خلال بيع الحليب ومواليد المواشي، علماً أن عودة تربية المواشي للريف دفعت مربين كثر للعودة إلى الريف بعد أن هاجروا إلى المدينة أيام الحرب، فمثلاً في قرية السالمية كان عدد رؤوس الأغنام قبل عام 2015 لا يتجاوز 50 رأساً من الأغنام، أما حالياً يوجد حوالي 450 رأساً من الأغنام، كما ارتفع عدد المربين من ثلاثة مربين إلى 28 حالياً، علماً أن عشرة رؤوس من الأغنام تحقق إيراداً مالياً شهرياً صافياً للمربي حوالي 150 ألف ليرة".

وحتى خبز التنور عادت رائحته الزكية تنتشر من جديد بين البيوت الريفية، وتشير السيدة "أم طلال المقلد" إلى أنه بعد غياب دام لأكثر من عشرين عاماً لخبز التنور عن أطباق الريفيين، ها هي رائحته تعود من جديد لريف المحافظة، وهذه العودة مردها لتحقيق اكتفاء الأسر الذاتي من الخبز خاصة في ظل وجود نقص في خبز الأفران، إذ إنّ 90% من أبناء الريف أصبحوا يقومون بزراعة أراضيهم بمحصول القمح، علماً أن هذه الأراضي لم تتم زراعتها منذ عشرات السنين، مشيرةً إلى أن خبز التنور لم يكن العائد الوحيد إلى أحضان ريف المحافظة فقد عاد أيضاً تصنيع البرغل وإنتاج العدس والحمص أيضاً، وهو ما حقق وفراً مالياً شهرياً للأسر المنتجة لهذه المستلزمات بأكثر من 150 ألف ليرة.

عودة تربية الأغنام

وتضيف في حديثها لمدوّنة وطن: "تربية الدواجن كان لها نصيب من الاهتمام، فبعد أن شهد سوق البيض ارتفاعاً سعرياً غير مسبوق، خاصة بعد أن تجاوز سعر الصحن الواحد 7500 ليرة، بدأت العديد من الأسر الريفية تفكر جدياً في تربية الدواجن لتلبية احتياجاتها من البيض ولحوم الدجاج أحياناً، لا بل إنّ بعض الأسر استبدلت "قن" الدجاج بمزرعة صغيرة لتربية الطيور البلدية، وحسب حديث مدير زراعة السويداء المهندس أيهم حامد لمدوّنة وطن" eSyria" فإن المديرية وبهدف دعم الأسر الريفية، وتحديداً الأشد فقراً، قامت بتوزيع منحة أغنام مقدمة من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" وقد استفاد منها 200 أسرة، وهي بمعدل رأسين من الأغنام لكل أسرة بحاجة لمثل هذه المنح، إضافة إلى توزيع100 كغ علف، وأشار إلى أن تعداد الثروة الحيوانية وفق إحصائية المديرية الأخيرة من الأبقار والأغنام والماعز وصل إلى نحو 756 ألف رأس منها 600 ألف رأس من الأغنام ، و 16 ألف رأس من الأبقار، و 150 ألف رأس من الماعز، مؤكداً أنّ: "تربية الثروة الحيوانية باتت تشهد إقبالاً كبيراً في الآونة الأخيرة، ولا سيّما بعد اتساع رقعة المراعي الخضراء".

مدير زراعة السويداء
المربي عاطف الأوس