من مؤسسي مسرح "دير الزور"، وأب روحي للثقافة فيها على مدى عقدين من الزمن، من تحت عباءته التي تشبه الستارة خرجت خشبة مسرح فراتي متميز، ومعها فرص للكثيرين من الشباب الطموحين.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكاتب والقاص الدكتور "مصطفى عبد القادر" بتاريخ 27 شباط 2015، الذي تحدث عن مسيرة حياته ويقول: «منذ طفولتي عشقت الورق بين غلافين أنيقين، أي الكتاب، أتذكر أنهم كانوا يقولون لي لو أن شهيتك للطعام مفتوحة كشهيتك للقراءة لأصبحت الآن بوزن الفيل، هذه القراءة غيرتني تماماً، في الطفولة يكون الذهن حاداً وخصباً في نفس الوقت، الثروة المعرفية التي تحصل عليها في هذا االعمر تكون هي الأساس الذي يتم البناء عليه فيما بعد، قراءاتي الباكرة هذه لم تكن عشوائية، بل منتقاة، وهي التي جعلتني فيما بعد أرى المسرح وكأنه يمثل العالم».

بدأنا الحركة المسرحية في "دير الزور" وكأننا ننحت في الصخر، كنا مجموعة من الشباب المثقفين والطامحين إلى جعل المشهد الثقافي في المدينة موازياً وليس متعامداً مع بقية مدن القطر، وقد عملت شخصياً على هذا الهدف سنوات طويلة ولا أزال حتى الآن، هذا دين لـ"دير الزور" في رقبتي، سأظل أعمل على إيفائه حتى نهاية عمري، تمكنا من إنجاز مسرح فراتي متميز، وخلال تلك الفترة استطعنا تعليم وتخريج عدد كبير من الأجيال المسرحية

ويضيف: «بدأنا الحركة المسرحية في "دير الزور" وكأننا ننحت في الصخر، كنا مجموعة من الشباب المثقفين والطامحين إلى جعل المشهد الثقافي في المدينة موازياً وليس متعامداً مع بقية مدن القطر، وقد عملت شخصياً على هذا الهدف سنوات طويلة ولا أزال حتى الآن، هذا دين لـ"دير الزور" في رقبتي، سأظل أعمل على إيفائه حتى نهاية عمري، تمكنا من إنجاز مسرح فراتي متميز، وخلال تلك الفترة استطعنا تعليم وتخريج عدد كبير من الأجيال المسرحية».

أثناء افتتاح معرض الفنون

وعن عمله كمسؤول عن المشهد الثقافي في "دير الزور" يقول: «توليت الإشراف على الثقافة في المحافظة سنوات طويلة، ويسعدني أن أرى ثمار عملي في أقوال الآخرين وشهاداتهم، خلال هذه السنوات أنجزنا الكثير من العمل لمصلحة المحافظة وأبنائها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان ثمة نقاط أساسية ركزت عليها في عملي وهي: تكريم الحي وهو لا يزال ممسكاً بقلمه وفنه، وكان هاجساً بالنسبة لي، لذلك عملت على إطلاق هذا التقليد ليكون سنوياً، كرمنا من خلاله المميزين من فناني المحافظة مثل: المطرب "ذياب مشهور"، المطرب "نبيل الآغا"، الملحن "إبراهيم العكيلي"، وحرصت على دعم أي مبادرة ثقافية وليدة في المحافظة، ووجد الشباب الفرصة سانحة أمامهم لتكوين روابط وتجمعات أدبية وفنية وعشر فرق مسرحية، وكان لها دور في تلاقي أفكار ونتاجات هؤلاء، فتراث "الدير" كان من المهم تمكينه وإبرازه للنور فعملت مع نخبة من مثقفي المحافظة على تأسيس مجلة فصلية أطلقنا عليها اسم "واحة الفرات" تعنى بشؤون الثقافة والأدب والتراث».

وفي لقاء مع القاص "خالد جمعة" يتحدث عن "مصطفى عبد القادر" ويقول: «من الممكن أن نسميه أبا المشهد الثقافي في المدينة، فطوال العقدين الماضيين كان على رأس هذا المشهد، يسعى بدأب إلى تطويره، عشرته الطويلة مع المسرح والقصة جعلتاه يمسك بالقلم، ويجره نحو فضاءات الإبداع والجمال، خرج أجيالاً من المسرحيين، ومنح عمله الدؤوب في دعم الفعاليات الثقافية الفرصة للعشرات من الشباب كي يدلوا بدلوهم في المشهد الثقافي، حرصه على تكريم الآخرين، والنأي بنفسه عن (الوجاهة الثقافية) إذا جاز التعبير، لمصلحة العمل والإنجاز بصمت وحرفية، جعله يمثل أنموذجاً للمثقف العضوي المرتبط حتى النخاع بمدينته.

أثناء افتتاح مهرجان المرأة

تكريمه كشخصية العام من قبل اتحاد الكتاب العرب 2008، ثم تكريمه من قبل بيت الشعر الفراتي كأديب العام 2009، كانا استحقاقاً لرجل قضى ربع قرن في خدمة الأدب والثقافة، يكتب ويمثل ويخرج المسرحيات، يكتب المقالة الصحفية والأدبية، وهو صاحب المجموعات القصصية التي نالت القسط الأكبر من النقد والدراسة والاهتمام، كتب عنها نقاد كبار مثل: الدكتور "يسري عزب"، و"محمد قرانيا"، و"خالد أبو خالد"، وقدمت عن أعماله رسائل في الدراسات العليا».

يذكر أن الدكتور "مصطفى عبد القادر" من مواليد "دمشق"، "حي الميدان" عام 1954، حاصل على إجازة في الحقوق، ماجستير في العلاقات الدبلوماسية، ودكتوراه في القانون الدولي، من مؤسسي المسرح في "دير الزور"، حاصل على الكثير من الجوائز على مستوى "سورية" في المسرح، له العديد من المجموعات القصصية، منها: "حانات بغداد"، و"المطرقة اللينة"، و"امرأة لا تشبه النساء".