من الشخصيات التي كان لها دورها المميز في توثيق تراث وتاريخ محافظة "دير الزور" بأسلوب سهل ومبسط، إضافة إلى تميزه في مهنة القضاء والمحاماة التي مارسها حتى وفاته...

للتعرف على حياة الباحث والمؤرخ "عبد الكريم الفتيح"، مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 أيار 2014 المحامي "محمد صبحي" من حي "الحميدية"، الذي يقول: «بعد أن حصل الأستاذ "عبد الكريم الفتيح" على الشهادة الثانوية العامة الفرع العلمي في العام الدراسي 1949 من "تجهيز الفرات"، وهي ثانوية "الفرات" حالياً، سافر إلى "فرنسا" ليتابع تحصيله العالي في جامعة "السوربون" في كلية الطب، وأمضى هناك ثلاث سنوات بنجاح، لكنه قرر أن يترك هذا التخصص ليشبع رغبته الملحة وحلمه بدارسة القانون، فعاد إلى "سورية" ودخل كلية الحقوق في جامعة "دمشق" عام 1954، وتخرج فيها بتفوق حاملاً الإجازة عام 1958، وعمل محامياً في البداية فترة من الزمن، ثم التحق بخدمة العلم، وبعد أن سُرح منها بقي في المحاماة حتى عام 1974، حيث أصبح بعدها قاضياً ثم مستشاراً ثم رئيساً لمحكمة الاستئناف والجنايات في "دير الزور" حتى عام 1979، ثم قدم استقالته ليعود إلى مهنة المحاماة حيث بقي يمارسها حتى وفاته، لقد كان طوال حياته مرجعاً وحكماً عادلاً وباحثاً تراثياً وقانونياً، فمعظم بحوثه ومؤلفاته نشرت في مجلتي "القانون" و"المحامون" حتى لا يكاد يخلو عدد منها إلا وله بحث أو مقالة أو اجتهاد».

من خلال قراءة مقالات وأبحاث المحامي "عبد الكريم الفتيح" يدرك من يقرأ أنه قام بتوثيق تاريخ "دير الزور" من حيث المكان والزمان والتاريخ البشري لإنسان هذه المنطقة، في أصوله الأولى وسلوكه وأعماله الحضارية ولغته وعاداته وتقاليده بأسلوب سهل ومبسط، كما أنه لم يترك شيئاً عن تاريخ المحافظة ريفاً ومدينة إلا وقام بتوثيقه، سواء أكان يختص بالتراث المادي أم اللا مادي، بغية التعريف بطبيعتها وتاريخها ونشاطها البشري ودرجة التقدم الحضاري الذي بلغته

توثيق المكان والزمان بأسلوب سهل ومبسط، هذا ما أشارت إليه المدرسة "إقبال السيد" من حي "القصور"، وتقول: «من خلال قراءة مقالات وأبحاث المحامي "عبد الكريم الفتيح" يدرك من يقرأ أنه قام بتوثيق تاريخ "دير الزور" من حيث المكان والزمان والتاريخ البشري لإنسان هذه المنطقة، في أصوله الأولى وسلوكه وأعماله الحضارية ولغته وعاداته وتقاليده بأسلوب سهل ومبسط، كما أنه لم يترك شيئاً عن تاريخ المحافظة ريفاً ومدينة إلا وقام بتوثيقه، سواء أكان يختص بالتراث المادي أم اللا مادي، بغية التعريف بطبيعتها وتاريخها ونشاطها البشري ودرجة التقدم الحضاري الذي بلغته».

إقبال السيد

وتضيف: «وثق "الفتيح" عشائر "دير الزور" وأنسابها، كما وثق عشائر "وادي الفرات" أيضاً، إضافة إلى توثيق الشخصيات التي كان لها بصمة مميزة في تاريخ "دير الزور" من الجانب السياسي والحركات الوطنية التي قاومت المستعمر الفرنسي، وكل ما يمكن أن يتناوله الباحث والمؤرخ في توثيق التاريخ بجلد وإصرار، فقد كان يتوخى الدقة في كل أعماله للوصول إلى حقائق الأمور، مهما طالت المدة الزمنية اللازمة لإنجازها، فهو حريص على العودة إلى المراجع الأصلية لكل ما يتناوله من أبحاث، إضافة إلى الاستشارة والأخذ بآراء الناس وبشكل خاص المختصين في مجال البحث والتوثيق، كما أنه شارك في العديد من الندوات، ومنها "الندوة الدولية لتاريخ دير الزور" عام 1983، ببحث قيم عن تاريخ المحافظة نشرته "الحوليات الأثرية" في عددها 39 – 40، لعام 1984».

الجدير بالذكر، أن الباحث والمؤرخ الأستاذ "عبد الكريم بن محمد نوري الفتيح"، من مواليد محافظة "دير الزور" عام 1932، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة "هنانو"، والإعدادي والثانوي في "تجهيز الفرات"، وتوفي 18 كانون الأول 1992.

ومن أهم مؤلفاته: ("تاريخ دير الزور" – "عشائر دير الزور وأنسابها" – "عشائر الفرات وأنسابها" – "الحركة الوطنية في دير الزور منذ عام 1914 – 1949" – "تاريخ العاملين بالسياسة في المنطقة الشرقية").