عاش الباحث "محمود مشوح" ضمن أسرة كريمة تعشق العلم والفكر والفقه، وتوارث مهنة الإفتاء عن والده لحل القضايا وفض الخلافات، فاستحق منزلة رفيعة من الثقة بعمله وعلمه وطريقته الدمثة في التعامل مع الناس.

مدونة وطن "eSyria" التقت، بتاريخ 1 شباط 2014، الباحث "كمال الجاسر"؛ الذي حدثنا بالقول: «كان الباحث والشاعر "محمود مشوح" يمتلك مكتبة عامرة بأمّات الكتب والكتب النادرة والمخطوطات، وهي من المكتبات النادرة في "سورية"، سخرها في خدمة طلبة العلم، ونادراً ما يستعير أحدهم كتاباً منه ويعيده إليه، وكان لا يطالب المستعير بإرجاع ما استعاره لأن لديه أكثر من نسخة لكل كتاب تهواه النفس، فقد أحاط الباحث بعلوم اللغة والنحو والصرف، والعروض والبلاغة، والفقه والحديث، مطالعة ودراسة وتدريساً في "دير الزور، والميادين، ودمشق" حتى غدا علامة عصره، وفريد زمانه، وخطيباً مفوهاً وبليغاً متمكناً وجريئاً يحسب له ألف حساب، كما أنه حفظ القرآن الكريم، وكتب الصحاح وأساس البلاغة "للزمخشري"، والنهاية في غريب الحديث لـ"ابن الأثير الجزري" عن ظهر قلب، وكان ملماً بالفكر "الماركسي" ليس حباً به وإنما من أجل الحوار والمناقشة».

كان الباحث والشاعر "محمود مشوح" يمتلك مكتبة عامرة بأمّات الكتب والكتب النادرة والمخطوطات، وهي من المكتبات النادرة في "سورية"، سخرها في خدمة طلبة العلم، ونادراً ما يستعير أحدهم كتاباً منه ويعيده إليه، وكان لا يطالب المستعير بإرجاع ما استعاره لأن لديه أكثر من نسخة لكل كتاب تهواه النفس، فقد أحاط الباحث بعلوم اللغة والنحو والصرف، والعروض والبلاغة، والفقه والحديث، مطالعة ودراسة وتدريساً في "دير الزور، والميادين، ودمشق" حتى غدا علامة عصره، وفريد زمانه، وخطيباً مفوهاً وبليغاً متمكناً وجريئاً يحسب له ألف حساب، كما أنه حفظ القرآن الكريم، وكتب الصحاح وأساس البلاغة "للزمخشري"، والنهاية في غريب الحديث لـ"ابن الأثير الجزري" عن ظهر قلب، وكان ملماً بالفكر "الماركسي" ليس حباً به وإنما من أجل الحوار والمناقشة

وفي نبذة عن حياته يضيف "الجاسر": «تلقى علومه الأولى عن والده، ثم التحق بمدارس "الميادين"، ونال الشهادة الابتدائية ثم الإعدادية، ثم قصد مدينة "دير الزور" وتلقى عن علمائها: "محمد سعيد العرفي، وحسين الرمضان، وحسين السراج"، وبعدها انتقل إلى "دمشق" عام 1945، والتحق بالكلية الشرعية وبقي فيها عاماً، وعاد بعد موت أبيه من غير أن يتم دراسته فيها، ليصبح مفتياً لمنطقة "الميادين"، وقارئاً وباحثاً ومراجعاً، ومدققاً ومحققاً حتى آخر لحظة في حياته، يؤم مجلسه كل يوم كبار الكتاب والشعراء والفقهاء يسألونه فيجيبهم ويقنعهم، ويصحح لهم ويروي لهم عيون الفكر والأدب والعلم والفقه، لا يمل مجلسه ولا يستغني عن حديثه ولا يجرؤ أحد أن يدعي بما ليس فيه لئلا يسمعه ما يؤذيه، حيث يقول الباحث "محمود مشوح" عن تلك الفترة: «منذ بلغت السادسة عشرة من عمري لم أجلس من أحد مجلس التلميذ من الأستاذ، ولم أتلق تعليماً منهجياً، ولم أحصل على درجة علمية عالية، ولكنني واجهت مسؤوليات الإفتاء بما تحتاج إليه من علوم معمقة ومتشعبة، وبجهد فردي، وبما منَّ الله عليَّ من حافظة قوية، وذهن لماح، وأرجو أن أكون قد أديت أمانة المنصب على نحو مقبول».

العلامة والباحث محمود مشوح

اعتمد على تثقيف نفسه ذاتياً، ومن ذلك قراءته دواوين الشعر العربي، فكان عنيداً وعصبياً رغم تحذير الأطباء وتوسل الأهل والأقرباء، لا يشاهد إلا وهو يقرأ أو يكتب، وأكداس من الكتب تلازم فراشه وإلى جانبها أنواع عديدة من الأدوية والقهوة المرة، والدخان يملأ جو الغرفة، ولم يرحم صحته التي تدهورت في السنوات الأخيرة من حياته إلى درجة مخيفة فلم يعد يستغني عن الأوكسجين في تنفسه».

وعن الجانب الأدبي والشعري؛ يحدثنا الشاعر "محمد المضحي" بالقول: «كانت لغته قوية ذات جرس وإيقاع واضحين، وبيانه فصيح متراوح بين القديم والجديد، ومنطقه من أفصح ما يسمع المرء مِن منطق، فقد كتب الأدب شعراً ونثراً، واضحاً في أفكاره، صريحاً في طرحها وما أتيح من شعره قصيدة، وبضع رباعيات متنوعة في معانيها، ومجمل شعره يدور في التجربة الوجدانية، حيث نلمح ذاتاً مرهفة منصتة لما في الحياة، ومعاني تزول وتتحول فتعلو نبرة انفعالية تنوء بالسخط أحياناً وبالفخر أحياناً أخرى، وتستخلص العبرة أحياناً أخرى، وقصيدته "طموح وفخر" تعكس قدراً من الاعتزاز بالذات، وتقدر صمودها في مواجهة الأيام، وهي ملتبسة في بعض معانيها بالنسيب وشكوى الزمن على نحو ما نجدهما في تراث الشعر العربي، ومن شعر العلامة "محمود مشوح" قصيدة "هذيان":

الباحث كمال الجاسر

"غنيت عن الناس في وحدتي وطلقت بالأمس كل المنى

وعــفت المبــاهج من بــعدها لهوت بها طائشـــاً أرعنا

الشاعر محمد المضحي

فكم قد عشقت صباح الوجوه وكم قد سبئت كؤوس الهنا

وكم قد ركضت بساح الفخار وكم قد جمعت حطام الدنا

وها أنا بعد المسير الطويل أعود ولم أجن غير الضنا".

من أعماله:

  • "تجريد جامع الأصول لابن اليازري"، تحقيق ودراسة.

  • "مصباح الزجاجة للبوصيري"، تحقيق.

  • "طبقات الشافعية الوسطى والصغرى للسبكي"، تحقيق.

  • - "شروح البخاري"، تحقيق.

  • "شرح غريب القرآن"، طبعة دار الهجرة، 1972.
  • الجدير بالذكر، أن العلامة والباحث والمحقق الشيخ "محمود بن عمر مشوح" من مواليد محافظة "دير الزور"، مدينة "الميادين" 1924، وقد وافته المنية يوم السبت 29 كانون الثاني 2000، ودفن بـ"الميادين".