يعتبر "محمود الحافظ" من الأطباء الذين كان لهم دور في نشر الثقافة الطبية في محافظة "دير الزور"، بهدف الحفاظ على سلامة الجنين والحامل، إضافة إلى دوره المميز في الحركة الثقافية من خلال ترؤسه لعدة نوادٍ ثقافية، وطباعته لعدد من المؤلفات الطبية والعلمية.

للتعرف أكثر على حياة الباحث الدكتور "محمود الحافظ"، مدونة وطن "eSyria" التقت في 26 كانون الثاني 2014، الدكتور "قصي بربندي" اختصاصي في التوليد والأمراض النسائية؛ الذي حدثنا بالقول: «يعتبر الدكتور "محمود الحافظ" من الأطباء الذين اجتهدوا في التأليف، ونالوا شهادات تقدير من عدة جامعات، فقد أحب أن يصب الطريقة الألمانية في اختصاص التوليد والنسائية في محافظة "دير الزور" لكونه درس في ألمانيا الشرقية آنذاك، وهذه المدرسة مختلفة عن باقي المدارس، فالألمان لديهم طرائق وخيارات توليدية وجراحية خاصة بهم، فقد أحب إضافة هذه المعلومات إلى الطب النسائي، وكانت بناءة ومفيدة جداً خاصة في فن التوليد والقيصرية، لكنه اصطدم بحائط البعد الجغرافي للمحافظة، إضافة إلى الهجوم من قبل المدارس الأوروبية والأميركية في الطب النسائي؛ التي تعد من المدارس السهلة، كما أن الطب النسائي تقدم بسرعة مذهلة على أسس أوروبية وخاصة أميركية ومازالت هي الجارية، فقد كان من الأطباء المتابعين الذين عملوا بجد وتقنية عالية لنشر الثقافة الطبية، ولكن الإمكانيات البسيطة المتوافرة في مشافي "دير الزور" لم تساعده، إضافة إلى الثقافة الطبية الضعيفة للناس عن أهمية التعقيم وضرورته لسلامة الحامل والجنين، وكثيراً ما كان يشكو من الأساليب البالية والاستثمارية في العمل والمنافسات بالعيادات التي أودت بحياة الكثيرين من النساء والأطفال».

الباحث الدكتور "محمود الحافظ" هو أحد أعضاء النادي العربي الثقافي في "دير الزور" منذ بداية الثلاثينيات، ترأس نادي "ابن خلدون" الثقافي منتصف الخمسينيات؛ هذا النادي الذي كان منبراً للفكر الاشتراكي في "دير الزور"، وكان يضم في عضويته: "عبد الحميد الحافظ، وياسين الحافظ، وبديع الفياض، وكمال علوان"، وكان المدير الإداري له الفنان "إسماعيل حسني"، وقد أغلق هذا النادي عام 1960، أيام الوحدة مع مصر، وصودرت ممتلكاته وسجن عدد من أعضائه

وفي نبذة عن حياته العلمية والعملية يتابع "البربندي": «فور تخرجه في كلية الطب البشري عام 1946، عمل طبيباً عاماً مدة عامين في منطقة "الميادين" مع أخيه الدكتور "عبد المجيد"، وفي عام 1959 سافر إلى ألمانيا الديمقراطية وأكمل تخصصه في جامعة "كارل ماركس" بمدينة "لايبزغ"، وتخرج مختصاً في الأمراض النسائية والتوليد بدرجة ممتاز، وأمضى سنة كاملة في مستشفيات "لايبزغ" للعمليات الجراحية الصعبة والمعقدة، واجتازها بتفوق مع شهادة تقدير، ومن ثم عاد إلى الوطن نهاية 1964، وتم تعيينه رئيساً للشعبة النسائية في المستشفى الوطني بـ "دير الزور" عام 1965، وأمضى في العمل الوظيفي عشر سنوات، ثم انتخب رئيساً للمكتب الصحي في الإدارة المحلية بـ "دير الزور"، وبقي فيه مدة سبع سنوات حتى تقاعد عام 1983، وافتتح مستشفى خاصاً للعمليات النسائية والتوليد، وبقي يمارس مهنته فيه حتى وفاته رحمه الله».

الدكتور قصي بربندي

كما كان للدكتور "محمود الحافظ" دوره في الحركة الثقافية في محافظة "دير الزور"، وفقا لما ذكره الأديب "محمد رشيد رويللي" في كتابه "الحركة الثقافية في محافظة دير الزور خلال القرن العشرين"، فقد تحدث عنه بالقول: «الباحث الدكتور "محمود الحافظ" هو أحد أعضاء النادي العربي الثقافي في "دير الزور" منذ بداية الثلاثينيات، ترأس نادي "ابن خلدون" الثقافي منتصف الخمسينيات؛ هذا النادي الذي كان منبراً للفكر الاشتراكي في "دير الزور"، وكان يضم في عضويته: "عبد الحميد الحافظ، وياسين الحافظ، وبديع الفياض، وكمال علوان"، وكان المدير الإداري له الفنان "إسماعيل حسني"، وقد أغلق هذا النادي عام 1960، أيام الوحدة مع مصر، وصودرت ممتلكاته وسجن عدد من أعضائه».

كما أضاف "الرويللي" في كتابه: «من مؤلفات الدكتور "محمود الحافظ" العلمية؛ التي تعدّ بحق مرجعاً لطلبة كلية الطب الشرعي وأساتذتها للأمراض النسائية:

كتاب للأمراض النسائية الجزء الأول، مطبعة دار العلم، "دير الزور" 1973،

كتاب الأمراض النسائية الجزء الثاني، مطبعة دار الإنشاء، "دمشق" 1982.

وقد نال على كتابيه تقدير عمالقة الطب النسائي والولادة في ألمانيا، أمثال "بيلك وروتيه"، كما نال ثناءً وتقديراً من لجنة وزارة الصحة السورية، واعتبر مرجعاً أساسياً في أمراض النساء والتوليد بجامعة "دمشق" ووزارة الصحة».

الجدير بالذكر، أن الباحث والدكتور "محمود الحافظ" من مواليد محافظة "دير الزور" 1923، تلقى علومه الابتدائية في مدرسة "النجاة" بدير الزور، وتابع ثلاث سنوات ابتدائية في مدرسة القديس "يوسف الكبوشية"، وحصل على الشهادة الابتدائية باللغة الفرنسية منها، ثم تابع دراسته الإعدادية في "تجهيز الفرات" وحصل على الشهادة الثانوية الأولى علمي من ثانوية التجهيز، والشهادة الثانوية الثانية فلسفة من ثانوية جودت الهاشمي في "دمشق"، وتابع تحصيله في الجامعة السورية كلية الطب البشري، وتوفي بـ "دير الزور".