"مازن الشاهين".. صحفي وباحث شاب من مواليد "ديرالزور" 1975، يحمل إجازة في الاقتصاد قسم إدارة الأعمال من جامعة "حلب" 2001، و دبلوم تأهيل و تخصص في إدارة التسويق أيضاً من جامعة "حلب" عام ، 2003 و يعمل مراسلاً صحفياً لصحيفة "البعث" منذ عام 1997 و مديراً لمكتبها في "دير الزور" منذ عام 2000، كما عمل لفترة قصيرة مديراً للمكتب الصحفي في محافظة "دير الزور" خلال عام 2007.

أصدر العديد من المؤلفات في مواضيع مختلفة أثارت ردود فعل متفاوتة في انتقائه لموضوعات كتبه.

أذكر "نهاد دريعي، محمد الآغا، مازن عبد الكريم، مازن الفرج، عقبة البشر، معاوية العيسى، قاسم رباح، أحمد كنامة، المرحوم هاني خريط، فادي المصطفى

موقع eDair-alzor التقى بالزميل "الشاهين"، وكان له معه حواراً مطولاً حاول من خلاله التعرف على بداياته ونتاجه وبعض الأحداث التي رافقت عمله.

أحداث خالدة في تاريخ دير الزور

**كيف كانت البداية مع الكتابة؟

«البداية كانت بتشجيع كبير و مدروس من قبل والدي الحاج "محمد فايز الشاهين" الذي كان يهدي إلي في كل مناسبة مجموعة قصصية للأطفال و يطلب مني قراءتها، ومن ثم يسألني عن أهم شخصياتها، فأدركت وأنا في سن الطفولة المبكرة أهمية الكتاب، حيث كان ولعي به كبيراً، إضافة إلى أن والدتي العزيزة أهدتني مكتبة وأنا لم أبلغ من العمر 9 سنوات، و كان لذلك أثر كبير في نفسي».

القيادة الإدارية

**وماذا عن المرحلة الدراسية؟

«أحدثك عن مرحلة الدراسة الإعدادية، حيث كان والدي العزيز مشترك في مجلتي العربي و الكويت الكويتية، ومجلة الفيصل السعودية، وصحيفة البيان الإماراتية، إضافة إلى الصحف السورية (البعث، الثورة، تشرين) وكانت قراءاتي لهذه المجلات و الصحف تدفعني لانتقاء أفضل ما قرأت وتدوينها في مفكرتي الخاصة، حيث تنوعت أبوابها بين الشعر والنثر والأقوال المأثورة والحكم والأمثال وأهم الأحداث السياسية، و بدأت تتبلور لديّ فكرة إصدار كتاب بعنوان (الأوائل)، يضم التاريخ الأول في كافة مجالات الحياة العلمية والاجتماعية والثقافية، وذلك بالبحث في المصادر السابقة التي ذكرتها، وقد كان ذلك و أنا في سن الثالثة عشر».

شهداء دير الزور في سجل الخالدين

**هل اطلّع أحد على تجربتك الأولى؟

«طبعا، والدي ووالدتي وأصدقائي الذين أعجبتهم الفكرة، وراحوا يبحثون عن (الأول في كل شيء) و يأتون به إليّ بعد جمعه من عدة كتب و مجلات، وكنت أطلب من الذي يقدم لي المعلومة كتابة مصدرها».

**من تذكر من هؤلاء الأصدقاء؟

«أذكر "نهاد دريعي، محمد الآغا، مازن عبد الكريم، مازن الفرج، عقبة البشر، معاوية العيسى، قاسم رباح، أحمد كنامة، المرحوم هاني خريط، فادي المصطفى».

**ما مصير فكرة كتابك الأول؟

«استمر العمل في الكتاب حتى المرحلة الثانوية و تحديداً في الصف العاشر، و قد كنت طالباً في مدرسة الشهيد "علي إبراهيم المحمد"، وكان مدرس اللغة العربية الأستاذ "مروان عطية" الذي شجعني كثيراً على الكتابة، و كان يطلب مني كتابة مذكرات يومية أقرؤها على الطلاب في نهاية الأسبوع، وقد أخبره أحد الطلاب عن مشروع كتابي، و كنت قد أنجزته تقريباً وهو بحدود 200 صفحة (دفتر)، فطلب مني عرضه عليه، وهذا ما حصل فعلاً، إلا أنني فوجئت بالأستاذ "مروان" و هو يكتب في نهاية (الدفتر) أسماء عدد كبير من المراجع التاريخية و العلمية التي تتحدث عن هذا الموضوع، ظناً منه أنه يشجعني بذلك، إلا أنني قمت بفعل – ندمت عليه كثيرا فيما بعد- وهو حرق الكتاب على اعتبار أنني أضعت كثيرا من الجهد و الوقت في شيء قديم سبقني إليه الكثيرون».

**و هل علم الأستاذ "مروان" بذلك؟

«نعم، وذلك عندما سألني عن مدى استفادتي من مراجع الكتب التي ذكرها لي، فأخبرته بما فعلته بالكتاب فغضب كثيراُ، و قال لي: (لكل باحث تجربته الخاصة التي لا بد و أن يضيف فيها على من سبقه)، وطالبني أن أكتب بحثاً جديداً سيختاره هو لي، وكان بعنوان: (العادات والتقاليد الفراتية)».

**و هل قمت بالكتابة؟

«سألته كيف يمكنني ذلك؟ فقال: (بكل بساطة، أجلس يومياً إلى جوار جدتك، وهي المرحومة الحاجة "فضة الفرحان الفياض" - ودعها تتكلم، واكتب كل ما تقوله، فإنه كنز ثمين من التراث).

إلا أنني ظننت أنه يمازحني، ولم أفعل ذلك، و هو ما ندمت عليه كثيرا بعد وفاتها، سيما و أنني الآن عضو في لجنة جمع وتسجيل وتوثيق التراث الشعبي في "دير الزور"، والمحصلة أنني لم أنجز شيئا في المرحة الثانوية، وتفرغت للدراسة بعد تلك التجربة».

**وماذا عن المرحلة الجامعية؟

بدأت هذه المرحلة بدراستي للمعهد المتوسط الصحي قسم الصيدلة في "دير الزور"، حيث سجلت في هذا المعهد بعد حصولي على الثانوية العامة القسم العلمي، رغم أن مجموع علاماتي كان أكثر بكثير من معدل القبول، لكني فعلت ذلك من منظور اقتصادي، فقد عزمت على متابعة تحصيلي الجامعي وأنا في الوظيفة، وعندي راتب شهري يغطي نفقات الجامعة، وهو ما حصل فعلاً».

**هل كانت هناك تجربة في المعهد؟

«نعم و لكن كانت في الشعر، إذ أني أعشق الشعر، وفي بداية السنة الأولى في المعهد، كانت هناك حفلة تعارف للطلاب، أقيمت على مسرح المركز الثقافي، وطلب مني أصدقائي في الهيئة الإدارية إلقاء قصيدة ضمن الحفل، وكانت المفاجأة في حدة التصفيق الذي أعقب إلقائي للقصيدة التي لا أنساها أبداً، و هي بعنوان (يا ذات الصليب)، ومن ثم طلبت مني الهيئة الإدارية تقديم قصيدة أسبوعية في مجلة الحائط التي كانت تصدرها و تضعها في مكان مميز في مدخل المعهد، وكان سروري لا يوصف عندما أدخل إلى المعهد و أرى بعض الزملاء و الزميلات ينقلون القصيدة إلى دفاترهم».

**ألم تسع لتطوير التجربة؟

«طبعاً هذا التشجيع دفعني و زميلي "حسين العبيد" إلى جمع مجموعة أشعارنا في كتاب واحد اسمه (احتراق)، يتضمن أبرز ما كتبناه، و قام الزميل "باسم سفان" برسم لوحات فنية معبرة عن كل قصيدة، و تعهدت الهيئة الإدارية ببيع الكتاب إلى الزملاء في كافة المعاهد بالتنسيق مع فرع اتحاد الطلبة، تشجيعاً لنا، وبعد إنجاز الكتاب و مراجعة فرع اتحاد الطلبة، فوجئنا بأن الأمر يحتاج إلى موافقة اتحاد الكتاب العرب أو مديرية الرقابة في وزارة الإعلام، و قد كانت السنة الدراسية الثانية في نهايتها و الامتحانات على الأبواب، وبالتالي ذهب كل واحد من الزملاء إلى حياة جديدة بعيدة عن حياة الطلبة مما أدى إلى فشل المشروع».

**و أين هذه المجموعة الشعرية ؟ ولماذا لا تطبعها وتنشرها الآن؟

«ما زلت احتفظ بها و هي غالية كثيراً على قلبي، ويكاد لا يمر شهر دون أن أطالعها، لأن فيها ذكرياتي الجميلة التي عشتها في الحياة الطلابية، لكن الأمر مختلف الآن، فقد كانت تلك مرحلة خاصة من الشباب والمراهقة وحب الحياة بطريقة معينة، وأنا أحمد الله كثيراً أنني لم أنشرها، لأن فكري اختلف كثيراً عن تلك المرحلة من العمر، وربما أستهجن ما كتبته سابقاً، ومشكلة الكتاب أنه يبقى، و أن الناس تحاكمك بقسوة دون مراعاة لعمر التجربة».

**إذاً مشروع الكتاب اكتمل في المرحلة الجامعية؟

«أبداً.. حتى في المرحلة الجامعية لم يكن هنالك مشروع متكامل، بسبب أن دراستي كانت (حرة) لعدم مطالبة الجامعة في تلك الفترة بتحقيق نسبة دوام فعلي، لذلك كانت الفكرة لديّ هي الحصول على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، لكنني توقفت عند شهادة الدبلوم بسبب ظروف العمل والزواج، وإن شاء الله سأتابع تحصيلي العلمي قريباً».

**من أين جاءت فكرة الكتاب الأول الذي أصدرته؟

«كتابي الأول بعنوان (القيادة الإدارية)، وصدر عام 2003، و كان بمثابة أطروحة كنت أحلم أن أقدمها لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وقد لاقيت تشجيعاً كبيراً أثناء مراحل إنجاز الكتاب من قبل القيادتين السياسية و الإدارية في المحافظة، وهو ما شجعني على الاستمرار في الكتابة».

**ما هي إضافتك للمكتبة العربية في هذا العنوان؟

«كانت وما زالت لدي قناعة بأن أي مؤلف كي يصبح جديراً بالقراءة، لا بد أن يكوّن خلاصة تجربة علمية وعملية، و لعل قناعتي هذه بررت لي قيامي بطباعة هذا الكتاب الذي هو نتاج دراستي في كلية الاقتصاد على مدى أربع سنوات لما يقارب خمسين كتابا يتضمن أفكاراً قديمة ومعاصرة عن القيادة والإدارة، وبالتالي، فإن هذا الكتاب للمختصين وغير المختصين، وهو ينمي فيهم حب القيادة و الإدارة، و يغذي فيهم أساليب النجاح و طرق الوصول إليه في حياتهم العادية والمهنية، ولهذا كله يحمل الكتاب رسالة مفادها أن كل إنسان هو (قائد) إذا امتلك الإرادة وتوفرت لديه الظروف».

**لكن كتابك الثاني لم يكن في ذات الاختصاص؟

«نعم لأنني لا أريد أن أتخصص في مجال الإدارة فقط، في حين تعاني المكتبة (الديرية) من نقص شديد في مجال التوثيق والتاريخ والتراث، فكانت فكرة الكتاب الثاني مستوحاة من باب (سد النقص) في مجال توثيق الحياة الوطنية والشهداء في المحافظة، فكان كتاب (شهداء "دير الزور" في سجل الخالدين) عام 2004، و الذي جعلني أشعر بعظمة ما قدمته المحافظة و أبناؤها البررة في مراحل التاريخ المختلفة، و حدثت معي قصص مؤثرة جداً أثناء عملي في إنجاز الكتاب الذي لاقى إقبالاً شعبياً كبيراً، حتى أن المطبعة أخبرتني أنه لم يعد بالإمكان طباعة نسخ جديدة بسبب اهتراء البلاكات، و حقيقة إنه لمن دواعي الاعتزاز والفخر أن أقوم بهذا العمل الذي يرصد التاريخ النضالي لمحافظة "دير الزور"، وأن أقدم الشهادة أمام الله والتاريخ من خلال ما استطعت الحصول عليه من معلومات توثيقية سعياً لإنجاز هذا الكتاب الذي وضعته بين يدي القارئ العزيز وثيقة تاريخية مسطرة بدماء الشهداء، تروي قصص بطولاتهم و تضحياتهم التي صنعت مجدنا و حريتنا و كرامتنا».

**في كتابك الثالث عدت إلى الإدارة؟

«كان هنالك مؤتمر (اصنع قرارك .. قلمك أخضر)، والحديث يدور في مختلف القطاعات عن صناعة القرار و أهميته، فكانت فكرة كتاب (صناعة القرار) الذي صدر عام 2005».

**هل شعرت أن لكتبك الإدارية أثر في عملية التطوير الإداري التي تسعى نحوها محافظة "دير الزور"؟

«لقد تكونت لدي قناعة من خلال عملي الإعلامي و علاقتي المباشرة مع القيادات الإدارية بمختلف مستوياتها، ونتيجة لدراستي الأكاديمية للإدارة أن أزمة الإدارة هي أزمة قرار، بدءاً من مراحل صنع القرار الأولى في تحديد المشكلة وتحليل المعلومات ووضع بدائل الحل واختيار الحل الأنسب، إلى إصدار القرار، لننتقل بعد ذلك إلى مشكلة ما بعد القرار و التي تبدأ فور صدوره من حيث القدرة على تنفيذه و متابعته و تقييمه و نجاحه أو فشله، و من هنا أقول إن عملية صناعة القرار هي المفتاح المناسب لتطوير الإدارة، وبالتالي تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، أما مدى تحقيق الفائدة المرجوة من هذه الكتب، فأنا لست سوى كاتب لا يملك إلا سلطة القلم التي تحتاج إلا سلطة أكبر تدعمها، وبالتالي قمت بواجبي بما أملك من سلطة».

**في عام 2006 خرجت بكتاب بعيد عن الكتب السابقة؟

«نعم عدت إلى عشقي الأول (الشعر)، لكني لم أبتعد عن التوثيق، ففي هذا الكتاب وثّقت لحوالي 100 شاعر عبر العصور المختلفة تغنوا بوطني سورية، مع ذكر معظم المحافظات وما قيل فيها من شعر، فكان كتاب (وطني في ضمير الشعراء) الذي صدر كما ذكرت عام 2006».

**وفي كتابك الأخير عام 2007 (أحداث خالدة في تاريخ "دير الزور").. ماذا أردت أن تقول؟

«الإنسان ومنذ وجوده على هذه الأرض، سعى لتحقيق قيمة وفاعلية لحضوره في الحياة ولكن بشكل متفاوت بين شخص وأخر، ومن هنا ولدت الشخصيات التي تصنع التاريخ من حيث أنها تسجل المواقف والأحداث لتشكل في مجموعها تاريخ مجتمع ما في مكان ما، فالتاريخ هو مجموعة السير الذاتية للأشخاص المؤثرين والفاعلين فيه، وعلى اعتبار أن هناك علاقة عاطفية حميمية بين الإنسان وتاريخه، فقد وقفت في محراب تاريخ بلدي "دير الزور" بكل صدق وإخلاص وأمانة ووفاء وأدب يليق بعظمة هذا التاريخ ومن ساهم فيه من أفراد وجماعات، فعملت بجد متواصل، فوجدت أحداثا قد خلدت في ذاكرة الناس لما لها من دلالات ومعاني شجعتني على جمعها في هذا الكتاب لتأكيد خلودها ولتكون أرضية صلبة لأية تحولات مستقبلية تقوم بها الأجيال القادمة، ذلك أنه لا نستطيع أن نتصور تطوراً حضارياً لا يستند إلى مواريثه الذاتية وإلى عناصر القوة من خصوصيته، وأعتقد أن قيمة الحياة تكمن في بعض المعاني والمواقف والأحداث، ودونها تصبح الحياة بهيمية لا معنى لها ولا قيمة، ويستوي فيها البشر والكائنات الأخرى التي تولد لتعيش ثم تموت دون أن تضيف شيئاً، فهي لا تنتصر لقيمة ولا تعلي مبدأ ولا تضحي من أجل موقف أعمق وأنبل من الحياة بأسرها، وإن من حق "دير الزور" على أبنائها أن يعرفوا تاريخها، سيما وأنه تاريخ مشرق ناصع البياض ليفتخروا به وينشروه في أرجاء الدنيا.

**ما هو مشروعك الحالي في الكتابة؟

«أنجزت مؤخرا كتابا ضخما بعنوان (تاريخ محافظة "دير الزور") يقع في حوالي 900 صفحة من القطع الكبير، يتحدث عن تاريخ المحافظة الوطني والسياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي والرياضي».