تعد من الأعمال الرائجة في مدينة "دير الزور"، وأينما كان ثمة تجمع للديريين خارج محافظتهم، واردها المالي كبير، ويصل أجر العامل فيها إلى مستوى راتب موظف أو أعلى، هي أمكنة لتمضية الوقت وخلق حراك اجتماعي، وأحياناً ثقافي داخل جدرانها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 شباط 2015، "تيم خرابة" أحد أبناء "دير الزور" الذين افتتحوا مقهى في العاصمة "دمشق"، فقال: «من المعروف أن أبناء "دير الزور" يشتهرون دائماً بمقاهيهم الخاصة أينما تواجدوا، فقديماً كان مقهى "الحجاز" الشهير في العاصمة يسمى "قهوة الديريين" بسبب تردد معظم زوار العاصمة أو المقيمين فيها إليها، وهذا حال مقهى "النخيل" الشهير في "الرقة" أيضاً، وللديريين نوع "التنباك" الخاص بهم، وألعاب الورق الخاصة أيضاً ومنها "البوراكو" و"البنكيل"».

من المعروف أن أبناء "دير الزور" يشتهرون دائماً بمقاهيهم الخاصة أينما تواجدوا، فقديماً كان مقهى "الحجاز" الشهير في العاصمة يسمى "قهوة الديريين" بسبب تردد معظم زوار العاصمة أو المقيمين فيها إليها، وهذا حال مقهى "النخيل" الشهير في "الرقة" أيضاً، وللديريين نوع "التنباك" الخاص بهم، وألعاب الورق الخاصة أيضاً ومنها "البوراكو" و"البنكيل"

ويضيف "خرابة": «بالمصطلح العامي يقول الناس عن العمل في المقهى: (شريك الماء لا يخسر)؛ وهذا الكلام صحيح نسبياً، إذ إن وارد العمل في المقهى كبير بالنسبة لصاحبه، ومربح بالنسبة للعاملين فيه ابتداء من معلم "الأراكيل" وصولاً إلى "الطوافة"، في هذه الأيام انتقل الكثيرون من أهالي "دير الزور" إلى العاصمة، ولأننا نعرف أن الديري لا يصبر دون مقهى يجلس فيه لرؤية الأصدقاء ولعب الورق، بادرنا إلى افتتاح واحد، وكان رأينا في محله، فقد بدأت (الرجل تكثر على المكان) كما يقولون، ومن المهم أن يتم الاعتناء بالزبون "الطيار" كي يصبح دائماً، ويتعود أن يسمي المقهى (قهوتنا) هو و"الشلة" التي يجلس معها، وتربية الزبائن تحتاج إلى صبر وتعامل لطيف، وكسر الأسعار المنافسة».

تيم خرابة في مقهاه

وعن العمل وآلياته يقول "خرابة": «ثمة شرائح كثيرة لزبائننا وعليك أن تفهم كيف تستقطبهم، الفئة الأولى هي كبار السن، وهؤلاء من المتقاعدين عن العمل، وهم مدمنو المقهى، يأتونه صباحاً ولا يغادرونه إلا مساءً، وهؤلاء يجب أن تحفظهم لأنهم "يزعلون" بعد القدوم عدة مرات وهم يعيدون تكرار طلبهم الذي من المفروض أن يكون معروفاً سلفاً، هناك فئة (لعيبة الورق) وهم من أعمار مختلفة، وهؤلاء يهمهم أن توجد طاولة محجوزة باسمهم، ويعدّون ذلك نوعاً من الإنجاز الشخصي، وهناك الشباب الذين يحضرون المباريات كالدوري الإسباني، وهؤلاء يهمهم أن تكون الشاشات كبيرة وموزعة توزيعاً جيداً، كما يحبون تناول الوجبات السريعة التي تعد خط إنتاج ثانياً، وارد العمل عندما تتقنه يكون كبيراً، فالطاولات تتبدل بالساعة أحياناً، ومتوسط أجر العمل يقارب 25 ألف ليرة سورية، وهذا أجر جيد يعادل راتب الموظف، وساعات العمل ليست كثيرة لأن ثمة "ورديات" صباحية ومسائية، وأهم شيء نظافة الطلبات المقدمة وخصوصاً كؤوس الماء، ونظافة العمال وهندامهم لأنهم واجهة المقهى، وعلى احتكاك باللحظة مع الزبون فلا يقبل الزبون أن يتناول طلباً من عامل لا تبدو عليه النظافة والتعامل الجيد، بعد الأزمة ارتفعت الأسعار ولكل مقهى زبائنه، وكل واحد أغلى من الآخر، والناس يوازنون بين شيئين، رخص الأسعار وجودة المنتج، وهي معادلة دقيقة».

ويقول "فواز العبد الله" أحد أبناء "دير الزور" ومرتاد عتيق للمقاهي: «في "دير الزور" اشتهر عدد من المقاهي لأسباب مختلفة، منها مقهى "السرايا"؛ وهذا المقهى اجتذب الناس منذ زمن طويل، لأن أكابر البلد يجلسون فيه، وهو يقع على شاطئ "الفرات" ويطل على منظر طبيعي خلاب، إضافة إلى جوه التراثي الأثري، فهو مبنى قديم من أيام الاحتلال العثماني، اشتهر أيضاً مقهى "جرمز" الشعبي، وهناك يجلس بعض الزبائن على الكراسي، وآخرون يجلسون القرفصاء على الأرض؛ وهذا سبب التسمية من (الجرمزة)، والمميز في هذا المقهى أن التسعيرة واحدة لكل شيء، (كان كل شيء بعشر ليرات)، كان لدينا عادة وهي أن من يجلس في مقهى لا يغيره حتى لو نقلوه إلى مكان آخر فهو يتبعه».

مقهى السرايا الأثري

ويضيف "العبد الله": «حالياً تم افتتاح مقاهٍ يرتادها الديريون هنا في العاصمة، وقد تغيرت المقاهي عن أيام زمان، وأصبحت تجلس على طاولات أنيقة وتقدم الطعام بألوانه كـ"الكباب والشاورما" والوجبات السريعة وغيرها، ويتعالى صياح الشباب أثناء المباريات، ويقدمون عبر الشاشات أغاني حديثة، وليس لـ"فريد" و"أم كلثوم" كأيام زمان، ومع ذلك من يريد الحصول على جوه الخاص بإمكانه ذلك، لأن بعض المقاهي مقسمة إلى أجنحة حيث ينفرد كل ناس بزمانهم».

صورة قديمة لمقهى جرمز