تعتبر صناعة الجبن اليدوية من الصناعات التقليدية في "دير الزور" خاصة في فصل الربيع، حيث حافظت هذه الصناعة على وجودها واستمراريتها على الرغم من التطورات التكنولوجية التي توفر الوقت والجهد.

صناعة الجبن من الصناعات الريفية عموماً، وأصبح الجبن البلدي معلماً أساسياً من معالم "دير الزور" تتصدر موائدهم كما تعتبر هدية للأصدقاء من خارج المحافظة لمذاقها الشهي.

يعتبر الجبن أكثر المواد الغذائية عرضة للفساد، ولذلك نلجأ إلى تمليحه حفاظاً عليه، والذي يساعد بالمحافظة على الجبن لعام كامل

موقع eSyria التقى بتاريخ 24/3/2012 الحاجة "مفيدة الخلف" والتي قالت: «مع إشراقة الشمس في فصل الربيع تأخذ النساء الريفيات بالنزول إلى أسواق "الدير" على شكل أفواج إما سائرات على أقدامهن من الريف القريب أو راكبات في إحدى سيارات "البيك آب" ليجولوا في شوارع المحافظة حاملين على رؤوسهن طناجر الجبنة ليبيعوها لأحد تجارالمحافظة أو لبعض المنازل».

تجذيل الجبن المشلل

وعن طريقة صنع الجبنة البلدية تحدث الباحث "عامر النجم" بالقول: «بعد أخذ الحليب من الغنم يكون الحليب ساخناً، يوضع في إناء كبير ويوضع عليه "حبوب منُفحة" وهي عبارة عن حبوب مصنوعة من المعدة الثالثة للأغنام، وتسمى محلياً "بدور جبن" وهي شبيهة بالخميرة، فما إن توضع الحبوب على الحليب حتى يتجبن مشكلاً الجبن».

وأضاف "النجم" بالقول: «بعد أن يصبح الجبن جاهزاً يوضع في أكياس قماشية خفيفة "شاش" مصنوعة بشكل قمع أو زاوية ويربط الكيس حفاظاً على نظافتها وتماسكها، أما في الشتاء فطريقة التصنيع تختلف بعض الشيء وذلك بتسخين الحليب على نار خفيفة».

الباحث عامر النجم.

ويضيف "النجم" بالقول: «البرد عدو لدود للجبن إذ إنه لا جبن مع البرد إلا قليلاً بينما المطر صديق حميم للجبن إذ إن وجود المطر يعني وجود العشب ووجود العشب يعني امتلاء ضروع الأبقار والأغنام بالحليب، ولا تزال المنتجات المستخرجة من الألبان بالأساليب التقليدية باقية وتجد رواجاً عند أهالي دير الزور وأهمها الجبن والزبدة والسمن».

وأشار "النجم" إلى اختلاف الجبن بحسب المرعى قائلاً: «يختلف الجبن باختلاف المرعى فإذا كانت البادية مزهرة والأعشاب البرية نابتة فإن الجبن يأتي كامل الدسم وبنكهة مميزة، وفي حال شح الأمطار يلجأ المربون إلى إطعام الأغنام "الأعلاف" وهذا ما يتخلف عن جبن المرعى باللون والطعم والرائحة ويدعى ذلك الجبن "بجبن العلف"».

طريقة تصنيع الجبن المشلل

وعن طريقة صنع الجبن المشلل قال "النجم": «يصنع الجبن المشلل من الجبن المختمر أو بقايا الجبن المتكسر أثناء عملية التجبين، حيث يوضع في إناء نحاسي يغلى على النار مع قليل من الماء حتى يذوب، ومن ثم يشبك في الأيدي بعدة حركات ذهاباً وأياباً حتى يصبح بشكل خيوط يلف على بعضه حتى يصبح "كالجديلة" لأنه يشبه جديلة الفتاة».

وأوضح "النجم" بالقول: «لا يزال أهالي "دير الزور" يقومون بقياس الماء المملح بوضع بيضة داخله وعندما تطفو البيضة على سطح الماء يكون المعيار جاهزا لوضعه على الجبنة للتخزين».

وبينت "حياة الأسعد" ربة منزل بالقول: «بعد شراء الجبنة الطازجة من الريفيات أثناء شهري آذار ونيسان، تبدأ النسوة في المنزل بتقطيعه ووضعه لعدة ساعات في الملح وغليه وإضافة حبة البركة عليه ليغلف بعد ذلك في أكياس من النايلون ويخزن في أواني معدنية أو زجاجية لفصل الشتاء القادم ولشهر رمضان المبارك».

وبينت "الأسعد" بالقول: «يعتبر الجبن أكثر المواد الغذائية عرضة للفساد، ولذلك نلجأ إلى تمليحه حفاظاً عليه، والذي يساعد بالمحافظة على الجبن لعام كامل».