فتن "عماد حسين حاج سعيد" بالطبيعة الصحراوية التي عاش في قلبها، وتفنّن برسم محطات حياته وعوالمه الداخلية متأثراً بمسيرة العائلة في حبّ فن الرسم منذ الصغر، فوصل إلى قلوب الناس، وسافرت لوحاته خارج الحدود، ووجدت ما تستحق من اهتمام.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 تشرين الأول 2016، زارت الفنان "عماد حسين حاج سعيد" في مكان إقامته الحالية بمدينة "القامشلي"؛ ليتحدث عن رحلته مع الرسم، التي انطلق بها منذ الطفولة من أحضان مدينة "دير الزور"، فقال: «سرت على نهج وخطوات الوالدة التي مارست هواية الرسم مدة طويلة، إضافة إلى ميول جميع أفراد العائلة الفنية، فوجدت دعماً من قبل أفراد الأسرة منذ أن حملت عدّة الرسم، حتّى عندما دخلت المدرسة كتلميذ في الصف الأوّل كنتُ أتقن الكتابة والقراءة، بفضل عالم الفن الذي بدأت معه قبيل تلك المرحلة، وبفضل وجهد كبير من الوالدة، ويومياً كانت لدي لوحة تقدّم لمدرّس التربية الفنية أو تعرض على جدران المدرسة، ومنذ المرحلة الابتدائية بدأت أشارك في المعارض التي تقام على مستوى المحافظة، إضافة إلى اختيار لوحاتي كأجمل اللوحات على مستوى مدينتي، وعُرض بعضها على مستوى القطر في المراكز الثقافية. أمّا الهدايا التي قدمت لتميز اللوحات في المدرسة، فكانت كثيرة وعديدة، وحصلت على دعم كبير من مدرّسي التربية الفنية، خاصة أنني نلت مركز الريادة على مستوى المحافظة في مادة الرسم بالمرحلة الابتدائية مع شهادات تقدير كثيرة في ذات المرحلة وما بعدها».

مساهماته الفنية كثيرة في منطقتنا، لديه روح جميلة وممتعة في عالم الفن، يعتمد الشمولية في الألوان والمدارس الفنية، ولا يتقيد بلون واحد أو مدرسة بعينها، وتلك الحالة علامة فائقة للنجاح والتميّز، ودليل مهم على قدرته الاحترافية التي تجعله قادراً على التكيّف في شتى الأنواع الفنية الأخرى، ومن يتصفح رحلته الطيبة في عالم الرسم، يستطيع تقييم الإبداع الفني المثالي عنده

وعن الاجتهادات التي قام بها في عالم الرسم، يضيف: «في المرحلة الإعدادية أقمت معرضاً باسمي في رابطة الشبيبة بالمحافظة، التي احتضنت 21 لوحة متنوعة، لتكون سابقة في تاريخ "دير الزور" أن ينجز تلميذاً صغيراً معرضاً فنياً فردياً، حتّى إن صالة الشبيبة للمعارض لم تستوعب جميع اللوحات، فقمنا بنقل بعضها إلى الساحة الرئيسة للمبنى، بعدها واصلت إقامة المعارض بأماكن ومناطق مختلفة من المدينة التي أعيش فيها، وأثناء دراستي الثانوية شاركت بمعرض فني ضمّ نخبة من فناني القطر في مدينة "حمص"، بلوحة عبّرت عن جمال وبهاء مدينة "القنيطرة"، فنالت إعجاب أهل الفن أنفسهم، لتكون اللوحة بعد انتهاء المعرض هدية لشعبة المسرح المدرسي بمدينة "حمص" لشدة تعلق كادر الشعبة بها.

عشق الطفولة بأقلام الرسم

كانت لوحاتي تلفت الانتباه بسبب استخدامي لكل أصناف وأنواع الألوان، من الزيتي والغرافيك والمائي، إلى جانب استخدامي النحت، علماً أنني لم أترك الرسم ولا لحظة من اللحظات، حتّى عندما كنتُ موظفاً بإحدى شركات النفط، التي تطلبت مني البقاء في الصحراء لأيام طويلة وأسابيع كثيرة، فأثناء الفراغ والاستراحة كانت الريشة تعبر عن حالاتي وما يختلج في داخلي من أفكار، لأنها متنفس لي، خاصة أنّ للصحراء دوراً مهماً في إضفاء حالة الهدوء التي اعترتني، فكانت السمة الأبرز في هذه المرحلة، وسعدت بمناظر الغروب والشروق وأحوال الجو المتقلبة المختلفة عن المدينة، ليكون دافعاً لبعض خبراء النفط من دول أخرى، بكسب تلك اللوحات وأخذها معهم إلى دولهم».

ويضيف: «تنقلت بين دول كثيرة، منها: "الإمارات، الأردن، لبنان، السعودية"، وساهمت بإنجاز لوحات فنية عديدة في جميع الدول المذكورة، نالت الاهتمام والإعجاب، وخاصة تلك اللوحات عن الخيول العربية والتراث العربي التي صنعتها عن طريق النحت، وبعد العودة إلى الوطن تابعت وحافظت على مسيرتي مع الفن، وقدمت لأشهر طويلة في محافظة "الرقة" دروساً خاصة بالرسم للأطفال الوافدين حصراً، لذلك ساهمنا معاً بنشر بعض الهدوء والمتعة على وجوههم وأفئدتهم. أمّا اليوم وفي مدينة "القامشلي"، فالحفاظ على الهواية قائم، على الرغم من الأعمال الكثيرة الأخرى التي أقوم بها، لكن دعم الزوجة كان حافزاً كبيراً للمسيرة التي لم ولن تتوقف مع الرسم».

الوفاء للأصدقاء على خشبة الرسم

الفنان "ديدار ظاظا" من أبناء مدينة "القامشلي"، حدثنا عن زميله في المهنة، وقال: «مساهماته الفنية كثيرة في منطقتنا، لديه روح جميلة وممتعة في عالم الفن، يعتمد الشمولية في الألوان والمدارس الفنية، ولا يتقيد بلون واحد أو مدرسة بعينها، وتلك الحالة علامة فائقة للنجاح والتميّز، ودليل مهم على قدرته الاحترافية التي تجعله قادراً على التكيّف في شتى الأنواع الفنية الأخرى، ومن يتصفح رحلته الطيبة في عالم الرسم، يستطيع تقييم الإبداع الفني المثالي عنده».

يذكر أن "عماد سعيد" من مواليد مدينة "دير الزور"، عام 1962.