حاور بفنه جمال الطبيعة الفراتية، أول من درس الفن خارج القطر؛ هو ابن الشاعر الكبير "محمد الفراتي"، يقول عنه مجايلوه كأنه يقتلع الحزن من آلام المعذبين ويصبه في لوحة أو تمثال.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 آذار 2015، الفنان "غسان رمضان" الذي حدثنا عن "الفراتي" قائلاً: «استطاع "خالد" من خلال أعماله أن ينشر زوايا مدينة "دير الزور"، حدائقها، وريفها ومدارسها وبيوتها الطينية العتيقة، هذه المدينة التي فتح لها ذراعيه ليحتضنها ويرعاها كأنها طفلته الصغيرة، يعد من أوائل المتوجين للدراسة الأكاديمية من خلال سفره إلى إيطاليا لدراسة الفن وفق المنهجيات الحديثة ليعود عام 1960 حاملاً معه شهادة التخصص في الفن، ومع استقراره في أحضان "دير الزور" مدينته التي يحب ويهوى أصبح للحركة التشكيلية منحى آخر وشكلاً جديداً؛ حيث بدأت مرحلة جديدة وانطلقت عبرها مفاهيم جديدة أكاديمية البحث والدراسة وكذلك الهواية؛ لتكون نواة لتدريس مادة الفن في مدارس "دير الزور"، ولينهل منها الكثيرون من الفنانين الصغار والمبتدئين».

نشأ "خالد الفراتي" في بيئة شعبية وأحب البسطاء لأنه كان واحداً منهم، خسر كل شيء ولكنه ربح نفسه وفنه وأصالته، فهو أول فنان نقل مدارس الفن الأوروبي إلى القطر و"دير الزور" خاصة وعلمها لتلاميذه، احتراق دائم في مواقد التشكيل فيه رائحة الأرض والإنسان، حاور بفنه جمال الطبيعة الفراتية

ويضيف: «مثّل "الفراتي" بما يحمل من دراسة وروح فنية علامة بارزة وركيزة أساس للحركة الفنية التشكيلية بـ"دير الزور"، وكانت لحماسته البالغة ودأبه لصناعة شكل فني تمتاز به محافظته الأثر الكبير فيما بعد من فن أرسى قواعده وفق منهج أكاديمي حديث ومتطور، وقد عمل في أكثر من مجال؛ كالتصوير والنحت والميدالون، فأنتج أعمالاً فنية اتسمت بأسلوب واقعي متميز وكانت هناك بعض الأعمال التاريخية، وقد عرض لوحاته وأعماله في الواجهة البللورية للمصور المعروف "جلال"، وكان قد افتتح مرسماً لكنه لم يلبث طويلاً، ثمَّ افتتح مع الفنان "علي الهنيدي" مشغلاً، وكان ذلك عام 1968، وعملا كثيراً من الأعمال الفنية المتميزة كانت تدور بين التصوير والنحت والحفر، لكن ذلك المشغل لم يدم طويلاً أيضاً؛ حيث اتجه "الفراتي" إلى التدريس وكان مرسمه الوحيد داره».

من أعمال الفنان خالد الفراتي

الفنان "عبود سلمان" قال عنه: «نشأ "خالد الفراتي" في بيئة شعبية وأحب البسطاء لأنه كان واحداً منهم، خسر كل شيء ولكنه ربح نفسه وفنه وأصالته، فهو أول فنان نقل مدارس الفن الأوروبي إلى القطر و"دير الزور" خاصة وعلمها لتلاميذه، احتراق دائم في مواقد التشكيل فيه رائحة الأرض والإنسان، حاور بفنه جمال الطبيعة الفراتية».

ويضيف: «عاش فنه إنسانياً أكثر من أن يكون جمالياً معاصراً، وإن المعاصرة في فن "خالد الفراتي" هو أن يعيش الفنان مع آلام وعذابات الإنسان المسحوق والمقهور يشاركه أحزانه وأحلامه وطموحاته، وأن تكون أعماله صدى وتجسيداً لتلك المعاناة التي يحياها الإنسان البسيط لتتركز قيمة أعماله بما فيها من وحدة وتركيز وبناء وتشكّل حياتي متين وموسيقا متعطشة إلى الثبات والسكون والنظام بإيقاع موسيقي حزين يشدو من خلالها أناشيد الناس المتعبين المقهورين».

وفي مقال للناقد التشكيلي المرحوم "خليل صفية" في جريدة الثورة عام 1978م، قال عنه: «يبدي "خالد الفراتي" تفوقاً ملحوظاً في صناعة الميداليات كما نشهد أعماله المعروضة (الفراتي، الشاعر محمد الفراتي، والده، سيدة إسبانية)، ولا ندري لماذا غياب هذا الفنان الكبير عن الساحة التشكيلية في القطر، حيث تبقى تجربته التشكيلية تعمل بعمق خارج دائرة الضوء وتتنامى عبر علاقتها بالواقع وبالبيئة المحيطة».

يذكر أن الفنان "خالد الفراتي" من مواليد عام 1925م، عمل مدرساً في إعداديات وثانويات ومعاهد "دير الزور"، وموجهاً اختصاصياً لمادة الفن لمدة عشرين عاماً في المحافظات الشرقية "دير الزور"، "الرقة"، "الحسكة"، يحمل ماجستيراً أكاديمياً من روما ودبلوماً في الخزف، كما حصل على شهادة اختصاص مع دبلوم في الحفر على الخشب، نال جائزة المنظر الإيطالي من مدينة باري الإيطالية، حصل على الوسام الفضي عام 1958، ونال وسامين ذهبيين عام 1947 في معرض الفرات، شارك في عدة معارض فنية في "سورية" وإيطاليا.