بمناسبة مرور ثمانين عاماً على اكتشاف "ماري"، يقام في "معهد العالم العربي" في باريس معرض بعنوان "منذورون لعشتار، سورية يناير 1934، أندريه بارو يكتشف ماري".

ويستمر هذا المعرض حتى شهر نيسان القادم، في حين يستضيف "اللوفر" معرض اللقى الأثرية الخاصة بمملكة "ماري"، ويستمر حتى أيار القادم.

تمثل ماري إحدى الذرى التاريخية الأثرية في تاريخ الشرق، فقد مضى ثمانون عاماً ومازالت كل فترة تقدم لنا معلومات جديدة، في هذا المعرض صور وأفلام جديدة تقدم للمرة الأولى للجمهور الفرنسي والعربي وللمهتمين عموماً، نأمل أن نوفق بتقديم صورة عما وصلته التنقيبات الأثرية الراهنة في ذلك الموقع المهم

ازدهرت مملكة "ماري" أواسط الألف الثالثة قبل الميلاد، حتى مطلع الألف الثانية، وشكل اكتشافها منعطفاً حقيقياً في تاريخ المنطقة الحضاري، واليوم يحتفل العالم بمرور ثمانين عاماً على اكتشافها.

ماري منحوتات عاجية للملك

يحكي معرض "منذورون لعشتار"، كما تقول الدكتورة "مها مصري" من المركز الثقافي السوري في "باريس"، في حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 آذار 2014، كيف حدث هذا الاكتشاف، والمراحل التي مرت بها أعمال البعثات الأثرية في الموقع منذ انطلاقتها، مروراً بتوقفها خلال الحرب العالمية الثانية عام 1939، واستئنافها عام 1951، حيث بقي "أندريه بارو" على رأسها حتى وفاته عام 1980، حين تسلم رئاسة البعثة "جان مارغيرون J.Marqueron"، معتمداً على عدد هام من الوثائق والصور التي تعرض لأول مرة، إضافة إلى عدة أفلام فيديو توثق تلك اللحظات، وقد ارتبط الموقع باسم العالم الفرنسي "أندريه بارو" (1901-1980) الذي كان معروفاً منذ العشرينيات بتخصصه في تاريخ الشرق القديم، وقد ساهم في العديد من التنقيبات الأثرية في "سورية ولبنان والعراق"، ومنها تلك التي حصلت في مدينتي "جبيل" و"بعلبك".

أما معرض "اللوفر"، فقد قدم -برعاية استثنائية من قبل المتحف- عدداً كبيراً من اللقى الأثرية التي كانت من نصيبه، وفقاً للاتفاق مع السلطات السورية، إضافةً إلى عرض تمثال لملك "ماري"، المحفوظ في متحف "العالم العربي" بسبب أعمال الترميم في متحف "حلب" الوطني منذ العام 2010، وقد تم ضمه إلى باقي اللقى والتماثيل، ومنها عقود أثرية وعاجية، وعملات معدنية وذهبية، إضافة إلى منشورات البعثة الأثرية الفرنسية طوال السنوات الثمانين السابقة.

من معرض الوثائق في المعهد

كما رافق المعرضين عدة محاضرات تعريفية بالواقع الراهن لمدينة "ماري" آثارياً، إضافة إلى آخر الأبحاث الأثرية المرتبطة، قدمها "جان مارغيرون" المدير السابق للبعثة، وقد شهدت هذه المحاضرة أكثر اللحظات تأثيراً في الجمهور، فقد بكى الرجل ذو الثمانين عاماً أثناء تقديمه للمحاضرة، وكانت بعنوان "العمارة في ماري"، وقد ترأس الرجل البعثة الأثرية إلى "ماري" طوال ما يقارب ربع قرن، إضافةً إلى عمله مع "بارو".

وقدم الباحث "كميل لوكومبيت" بحثاً بعنوان "ماري في قت معبد عشتار، التاريخ السياسي والثقافي"، وقدم فيها لمحة عن المعبودات الشعبية لعشتار وشمش، حيث وجد المنقبون العديد من الألواح النذرية لعشتار في معبدها وتمثال الملك "لمغي ـ ماري".

د. مها المصري مع ضيوف فرنسيين

"إيريك ديلبون" مدير متحف "اللوفر" الذي يستضيف معرض اللقى الأثرية، قال تعقيباً على الاهتمام الفرنسي بآثار "ماري": «تمثل ماري إحدى الذرى التاريخية الأثرية في تاريخ الشرق، فقد مضى ثمانون عاماً ومازالت كل فترة تقدم لنا معلومات جديدة، في هذا المعرض صور وأفلام جديدة تقدم للمرة الأولى للجمهور الفرنسي والعربي وللمهتمين عموماً، نأمل أن نوفق بتقديم صورة عما وصلته التنقيبات الأثرية الراهنة في ذلك الموقع المهم».

يذكر أنه سيتم إلقاء محاضرتين إضافيتين يومي الجمعة 28 آذار، وأخرى 4 نيسان الجاري، تتناولان النظام السياسي العالمي في زمن مملكة "ماري"، ودور المرأة السورية كآلهة للحب والحرب في ذلك الوقت.