شاعر وقاص كان له وما زال تأثير ملحوظ في الحراك الثقافي في مدينته "دير الزور"، كما عمل لسنوات طويلة في الصحافة الثقافية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 13 تشرين الأول 2014، الشاعر والقاص "خالد جمعة"، وكان هذا الحوار:

يتميز "خالد جمعة" بالإصرار والمثابرة، وهو يمتلك ما يمكن أن نسميه روحاً قتالية، فعلى الرغم من مرضه إلا أنه كان حريصاً على حجز مكانه كواحد من الأرقام الصعبة في المشهد الثقافي في المحافظة، متسلحاً بموهبة إبداعية، ومخزون ثقافي كبير، يندر أن تحدث أي مناسبة ثقافية إلا وتجده مساهماً فيها إما منظماً أو مشاركاً أو حاضراً عن طريق إبداعه أو عمله الصحفي في مختلف وسائل الإعلام في المحافظة، تواضعه الجم وأدبه الرفيع ما يجعله محبوباً من جميع مثقفي المحافظة، يتعامل كأخ صغير مع من يكبرونه سناً وكأخ كبير للذين يكبرهم، ساهم في إغناء المحافظة عن طريق الحضور الفاعل في تأسيس منتديات ثقافية وأخرى تهتم بالتراث، تجده دائماً على سفر، متوجهاً إلى مختلف القرى والبلدات في المحافظة لتقديم الأصبوحات والأمسيات الثقافية، والمحاضرات

  • أيّما أقرب إلى الورقة البيضاء، القصة أم الشعر؟
  • صورة شخصية لخالد جمعة

    ** الشعر بالنسبة لي حالة متفردة، تتملكني فتذهب إليها كلماتي دونما تحضير، فأتوه فيه شوقاً وحباً فأقتحم بهاءه وجلاله دونما خوف يعتريني أو وجل يصيبني، وبذلك تكون القصيدة، أما القصة القصيرة فهي أقرب إلى الخيال والفكر دون سواه من الأجناس الأدبية الأخرى، أتفكر بها وأعودها دائماً أناقش حدثها وأسلوبها وشخوصها، أحب مساحتها الواسعة، فيها أسى فيها لوعة، شوق، حب، مناقشة حالة اجتماعية وما إلى هنالك من القضايا التي يمكن معالجتها في القصة، والشعر والقصة كلاهما ينبعان من القلب ويولدان الأحاسيس المشبعة، فإما أن تكون متفائلاً أو متشائماً، فالنثر الشعري موسيقا لا يمكنك صمُّ أذنيك عن سماع ذاك اللحن المنفرد الشجي؛ لذا أقول إنه كلما هزَّ الشعر أوتار القلب، راحت قيثارة الكلمات تشدو بقصيدة يكتبها القلم، يستهويني العالم الشعري فأجمع أوراق الشجر وأستفيء بالأغصان لتحط كلماتي عندها، بذلك عاهدت كلماتي وحسبي أني بررت بعهدي.

  • لمَ الأدب، وليس الصحافة؟
  • قد يكون لعملي في الصحافة الثقافية جل اهتماماتي الأدبية إلا أن ميولي الأدبية كانت قبل ذلك بكثير، وذلك أولاً من خلال قراءاتي المتعددة وكذلك تحصيلي العلمي بمعهد اللغة العربية، ولحبي أولاً وأخيراً للأدب وللحياة الأدبية، فقد قرأت الكثير من الأعمال الأدبية المتعددة سواء أكانت شعراً أم نثراً، وهذا كان بالنسبة لي كالزاد الذي نهلت منه في حياتي اللاحقة، وقد أكسبني ذلك زاداً معرفياً استطعت أن أنهل من معينه الكثير، وأن أعطي بعض الشيء للمشهد الثقافي في مدينتي التي أعشق، "دير الزور" مدينة "الفرات" من خلال عملي الصحفي بصحيفة "الفرات" عشقي، وبعض المنابر الإعلامية الأخرى، وكنت فيها متخصصاً في الشأن الثقافي الفراتي، والأدب بالنسبة لي،عالمٌ أعيشه أعيش تفاصيلهُ بكل جوانبه ولا أخص كتابة القصة بحد ذاتها بل بكل ما يتعلق بالكتابة، ولكني عندما أكتب القصة أخلق عالماً وشخوصاً أعيش وأتعايش معها، لأنها دائماً نبض قلبي ومرجل شعوري وإحساسي، أكتبها لأنها تستنفر الذاكرة للولوج إلى الحياة المتعلقة بالأفراد والجماعات.

  • ما هي كمية ماء "الفرات" في أدبك؟
  • ** لا غرو أن تتجلى المدينة أو النهر في الأعمال الأدبية، وتصنع لهم تلك الخصوصية؛ فالفرات له خصوصية لا يمكن أن نستثنيه من أدبنا شعراً كان أم قصة، هاجسهما يبقى يحوم بالانتماء إلى البيئة، وما بيئة "الفرات" إلا ذاك المكان الذي يعطينا الكثير من دفقاته، مع كل قطرة ماء تمر، ولا ننسى أشجار الغرب والزيزفون وزهور الياسمين، جميعها مصدر لأدبنا ننهل منه ومن معينه الذي لا ينضب، فمنذ الأزل كان "الفرات" وما حمل إلينا أضحى المرجع الحقيقي للأدباء والعامل الروحي الذي يؤثر في كتاباتنا.

  • المشهد الأدبي الفراتي، كيف تراه؟
  • الشعر الفراتي جمع بين مفرداته قساوة الصحراء وعطاء نهر "الفرات"؛ فهو يتمحور كما باقي المناطق الأخرى بين الكلاسيكي أي الشعر العمودي المقفى، وشعر التفعيلة والشعر النثري أو ما يسمى بشعر الحداثة، المنطلق دون قيود؛ ولكل منهم حلاوته وطلاوته وكل منهم يحتوي على الشعر الغث والسمين؛ فنجد قصائد رائعة لكل حالة والأمثلة كثيرة من ديواننا الشعري العربي.

    * أخيراً، كيف تكتب؟

    ** هناك في المجتمع مفردات لا يمكن أن نتغاضى عنها من عادات، تقاليد، ألم، إنسانية، وطن، حب، فرح، أنا منخرط بكل ذلك ومع كل التفاصيل؛ لذلك أحاول أن أعكسها بكلماتي، وعندما أكتب عن نفسي أكتب عنه.

    عن تجربة "خالد جمعة" يقول الشاعر "حميد النجم": «يتميز "خالد جمعة" بالإصرار والمثابرة، وهو يمتلك ما يمكن أن نسميه روحاً قتالية، فعلى الرغم من مرضه إلا أنه كان حريصاً على حجز مكانه كواحد من الأرقام الصعبة في المشهد الثقافي في المحافظة، متسلحاً بموهبة إبداعية، ومخزون ثقافي كبير، يندر أن تحدث أي مناسبة ثقافية إلا وتجده مساهماً فيها إما منظماً أو مشاركاً أو حاضراً عن طريق إبداعه أو عمله الصحفي في مختلف وسائل الإعلام في المحافظة، تواضعه الجم وأدبه الرفيع ما يجعله محبوباً من جميع مثقفي المحافظة، يتعامل كأخ صغير مع من يكبرونه سناً وكأخ كبير للذين يكبرهم، ساهم في إغناء المحافظة عن طريق الحضور الفاعل في تأسيس منتديات ثقافية وأخرى تهتم بالتراث، تجده دائماً على سفر، متوجهاً إلى مختلف القرى والبلدات في المحافظة لتقديم الأصبوحات والأمسيات الثقافية، والمحاضرات».

    يذكر أن "خالد جمعة الحسين" من مواليد "دير الزور" 1972، يعمل مشرفاً على الصفحة الثقافية في صحيفة "الفرات" بـ"دير الزور"، وأمين تحرير مجلة "صدى التربية" الصادرة عن مديرية التربية بـ"دير الزور"، وعضو هيئة تحرير مجلة "منارة الفرات" الخاصة بـ"دير الزور"، حاز العديد من الجوائز؛ أهمها جائزة اتحاد الكتاب العرب للقصة القصيرة فرع "دير الزور" 2007.