كانت تستخدم في البيع والشراء، ورغم انتهاء صلاحيتها ولشكلها الفني المميز استخدمها أهالي "دير الزور" كحلية تزين النساء، إنها الليرات الذهبية والفضية...

السيدة "علياء الحمد" من قرية "كباجب" تؤكد أنها لم تكن في السابق تعرف الذهب الذي يوجد في الأسواق حالياً بأشكاله وأنواعه حيث كانت الزينة تقتصر على بعض القطع الذهبية والفضية القليلة بالإضافة إلى الليرات المصنوعة من الذهب والفضة، والتي كانت تستخدم كنقد للبيع والشراء.

قام العثمانيون بصك الليرة الذهبية وأجزائها وكذلك الليرة الفضية كعملة متداولة مربوطة بالاقتصاد، واستخدمت للبيع والشراء وعند الانتهاء من العمل بها كنقد استعملت "بدير الزور" في زينة النساء، ودخلت ضمن تجهيز العروس وبيعت في محلات الصاغة

وأضافت: «ومع ظهور العملة الورقية والمعدنية بطل العمل بهذه الليرات، ولما لها من أهمية كبيرة وقيمة مادية فقد احتفظ بها الأغلبية، وحولها إلى حلي تخص المرأة والأطفال، وصنعت منها القلائد والأساور والحجول أو مايسمى "الخلخال" والأطواق، التي توضع على رأس المرأة، ومنذ زمن بعيد لم يعد هذا النوع من الحلي موجود».

الباحث عامر النجم

ولزيادة المعرفة بهذه العملة وتاريخها وكيفية استخدامها التقينا الباحث "عامر النجم" والذي بدأ حديثه معنا بالقول:

«قام العثمانيون بصك الليرة الذهبية وأجزائها وكذلك الليرة الفضية كعملة متداولة مربوطة بالاقتصاد، واستخدمت للبيع والشراء وعند الانتهاء من العمل بها كنقد استعملت "بدير الزور" في زينة النساء، ودخلت ضمن تجهيز العروس وبيعت في محلات الصاغة».

الليرة الفضية

ولليرة الذهبية أسماء أخذت غالبيتها من الحكام العثمانيين الذين سكت في زمانهم، وكذلك دخلت ضمن حلي المرأة، وعنها يقول: «من العملات "الليرة الرشادية" وكانت تعرف من قبل الناس "بالعصملية" وهي كلمة عثمانية وتم تسميتها نسبة للسلطان "رشاد"، الذي سكت في عهده، ومكتوب على الوجه الأول من اليمين بخط الثلث عبارة "عز نصره" ضرب في قسطنطينية /1293/ أو /1327/ وفي الوجه الآخر الطرة العثمانية "الطغراء"، وفيها السلطان "غازي عبد الحميد خان ثاني" ابن "عبد المجيد" وبجانبها كتب لقب "الغازي"، وفي أسفل الطرة تاريخ سنة /32/ وماتزال هذه الليرة إلى أيامنا تعرف باسم الليرة "الرشا دية"، وصنعت منها القلائد أو مايسمى عند أهالي الدير "اللبة" التي توضع في العنق، وكانت توضع على عصابة الرأس فوق "الهبرية" وتسمى "الغوازي"، وقيلت فيها بعض الأهازيج ومنها " ياذهب يا ابو الغوازي / من غيرك مانعتازي"، وذلك دليل على قيمتها العالية، ويوجد منها وبنفس الشكل والتفاصيل ليرة فضية».

وتابع "النجم" قائلاً:

«هناك أساور تضعها المرأة في معصمها، وهي عبارة عن سكة ربع ليرة ذهبية عددها /18/ توصل مع بعضها بواسطة حلقات ذهبية وترصف هذه القطع، بحيث يوضع طرف القطعة الأولى على منتصف القطعة التي تليها، وهكذا حتى تتشكل الأسوارة، ويوضع في نهايتها قفل من الذهب لإحكامها على المعصم ومنع سقوطها».

قلادة من الفضة تظهر في أسفلها الليرة الفضية

وكذلك هناك نوع من الحلي يسمى "الجهادي"، حدثنا عنها بقوله: «"الجهادي" عملة عثمانية واستخدمت في صناعة طوق المرأة، وتوضع بين القطعة والأخرى فاصل مصنوع من الذهب يسمى "الحسك"، وتتألف القلادة من /11/ قطعة جهادية، والواحدة منها تزن /18/ غراما وهي من عيار /22/ وتسمى باللغة التركية "قره نيصة" وهو تقريباً أشهر أنواع الحلي، وكذلك تستخدم في بعض الأحيان بتزيين القطعة القماشية التي توضع على خصر المرأة وتسمى "المحزم"».

ودخلت أيضاً النقود "الفضية" في زينة المرأة، وصنعت منها القلائد والأساور وحجول الأطفال الصغار، حيث قال بهذا الخصوص:

«من القطع النقدية الفضية التي صنعت منها الحلي "المجيدي"، حيث استخدم في صناعة اللبة وأساور الأطفال والنساء، وكذلك الحجول وهي تشبه الأساور ولكنها توضع في أسفل الساق، والمجيدي نقد عثماني فضي ضربه السلطان عبد المجيد سنة /1260/ هـجري /1844/ م فسمي نسبة إليه، وضرب أيضاً نصف مجيدي وربع، ومع أن السلاطين العثمانيين الذين تولوا الحكم بعد السلطان "عبد المجيد" ضربوه بأسمائهم إلا أنه ظل محافظاً على هذا الاسم».‏

والتقينا الصائغ " كريم حنتي" الملقب بـ "أبو عزيز"، وهو من أقدم الصاغة بـ"ديرالزور"، والذي قال: «استخدمت هذه النقود الفضية منها والذهبية في صناعة حلي المرأة، وكنت أصيغ "الحسك" الذي يوضع بين القطع الذهبية، وهو مصنوع من الذهب وقوالبه ماتزال موجودة في محلي ولكن لم يعد أحد يتعامل بهذه الحلي، وذلك لدخول فنون الصياغة بأشكال مختلفة ورائعة، وكانت فترة السبعينات من القرن الماضي آخر فترات استخدام هذا النوع من الحلي».

الحاجة "نورا العلي" من قرية "العبد" قالت:

«لم نكن نعرف الذهب الموجود حالياً في الأسواق حيث استخدمنا العملة النقدية الذهبية والفضية في الزينة، وذلك عندما لم تعد تستخدم في البيع والشراء بعد دخول العملة الورقية والمعدنية، وكانت جميلة ورائعة المنظر ومع ذلك لها قيمة نقدية عند بيعها في سوق الذهب، ولم نعد نرى النساء يتزين بها وفي الغالب صيغت هذه القطع لمواكبة الأشكال التي ظهرت في هذه الأيام».