خلال ربع قرن من الاغتراب، حصل على العديد من شهادات الثناء من أشهر الجامعات في العالم في مجال اختصاصه جراحة العيون، واستطاع أن يثبت أن للطبيب "السوري" بعلمه وخبرته، مكانته المرموقة بين أطباء العالم.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت عبر الإنترنت في 3/9/2013 مع الدكتور "سمير إسماعيل" المقيم في "اليونان"، فكان هذا الحوار الذي بدأه بالقول: «اليوم قرع بابي وكلي وجل، فتحته وبالعجل، ورأيت الأمل، مع أني مررت بآخر امتحان منذ سنوات عديدة، وقلت آنذاك وأنا أطير من الفرح هذا آخر امتحان أمام لجنة علمية، ومع أني كل يوم أمر بأنواع عديدة من الامتحانات في العمل والبيت وغيرها، لكن امتحانكم لي اليوم سيكون أصعب منها كلها ولكن أجملها، أبدأ بالتعريف عن نفسي "سمير عبد الصمد الأحمد الإسماعيل"، من مواليد "سورية" محافظة "دير الزور" 1/5/1961، درست الابتدائية في مسقط رأسي "دير الزور" وأنهيت الثانوية في "دمشق"، نلت شهادة الطب البشري عام 1986 في "رومانيا"، والاختصاص في "الاتحاد الأوروبي" الذي مازلت أعمل به في "اليونان" حالياً، وأملك شهادات ثناء من "الأكاديمية اليونانية" لطب العيون ومن غيرها وبلغات مختلفة وأملك حالياً عيادتي الخاصة التي أعالج بها المرضى الذين يأتون من كل بقاع العالم».

أخي "سمير" تعرفت عليه في العام 1995، في لقاء للمغتربين "السوريين"، وما شدني إليه كان حبه لعمله وإتقانه لكل ما يقوم به، وبشكل خاص لاختصاصه طب العيون الذي تفوق به على الأطباء الأجانب، ومعه لا أشعر بالغربة، بل أشعر بأنني في موطني الحبيب، ونتحادث تقريباً كل يوم، وأغلب حديثنا يكون عن الوطن وذكرياتنا فيه، فعادة ما يكون عنده أو عندي كل يوم أخبار عنه، فنحن كالإخوة وأكثر، فهو شخص حنون، كله محبة ووطنية وإنسانية، وفي كل المجالات دؤوب لا يكل ولا يمل، وأهم شيء فيه بالنسبة لي هو تواضعه اللا متناهٍ

لكل اغتراب قصصه ونجاحاته التي لا تأتي من العدم، وقد شرح لنا الدكتور "سمير" قصته بالقول: «العلم هو نفسه أينما كنت، يكفي أن تكون جديراً بتعلمه والعمل فيه، وهناك الكثير من القصص التي حدثت معي وأنا في الغربة وبشكل خاص أثناء علاجي للمرضى، فكثيراً ما كان يأتيني مرضى من بلدان مختلفة من العالم إلى عيادتي الخاصة المتواضعة، وكان بعضهم في البداية لا يصدق أن طبيباً من "سورية" وفي "اليونان" أيضاً، يمكن أن يكون على هذا القدر من الجدارة والدقة في عمله، وبعد وصف العلاج المناسب لهم، يذهبون إلى مشافيهم وأطبائهم في بلادهم للتحقق، وعندما يعودون يقولون لي إن أطباءهم قالوا لهم ما قلته حرفياً، وهم نادمون على الذهاب للتأكد، ولن يفعلوا ذلك مجدداً، ومرات يتصل أطباؤهم بي لتجري بيننا محادثة يكون الشكر المتبادل نهايتها، وفي بداية الأمر، عدم ثقتهم بي كطبيب عربي من "سورية" كانت تزعجني، إلا أني أشعر بلذة النصر عندما يعودون إلي وهم على ثقة تامة بقدرتي على علاجهم».

الدكتور سمير اسماعيل مع وزيرة الصحة في زامبيا

وعند سؤاله إذا كنت تعتبر نفسك سفيراً وممثلاً جيداً لبلدك في المغترب أجاب بالقول: «أقول وبخجل عميق وبفخر ليس له وصف: نعم وأعيدها نعم، وأنا فخور كل الفخر بذلك، خاصة عندما ينادونني "السوري"، مع أن بعضهم يتقصد التنقيص من قيمتي لكنه لا يستطيع، وكلامه كان يؤثر فيّ إيجابياً، والسبب سهل ومنطقي جداً لأن أغلب "السوريين"، خاصة في الغربة، موضع احترام في كل شيء وفي كل المجالات، وأكثر ما أفتخر به أنهم قبلوني لتمثيل "اليونان" لهم و"لبعثة يونانية" من منظمة أخرى تابعة لوزارة "الخارجية اليونانية" للمساعدة التطوعية في "زامبيا" عام (1990 – 1991)، وكنت وقتها لا أملك الجنسية "اليونانية" ومع ذلك مثلتهم جميعهم، وللدعابة أذكر حين عودتي من "أفريقيا" حاملاً على صدري هوية "كونكارد" الممنوحة لي من قبل حكومتهم، فموظف المطار عند ختمه لجواز سفري "السوري"، نظر إلي متعجباً وقال بتعجب أكبر: لكنك لست "يونانياً"! وقتها لم أجبه لسببين، أولهما لأني سكرت من الانتعاش، وثانيهما لأني أحببت أن أتركه في تساؤلاته علّه ينقلها إلى غيره، وأنا متأكد من ذلك لأنه سيقول بتعجب ولكل أصدقائه رأيت اليوم أمراً عجيباً، شخص "سوري" يمثل "اليونان" في الخارج، وسجلي في أطباء بلا حدود "اليوناني" يحمل رقم (3)، نعم ثلاثة يعني أني من مؤسسيها في "اليونان"، وكنت محط إعجاب وثقة، ممثلاً ورئيساً للعديد من النقابات وأغلبها خيرية، حتى إن اسمي مرتبط بأفضل مركز تطوعي للعناية بالمعاقين في كل "جزر اليونان"، فقد كنت من خمسة أشخاص حققوا هذا الحلم وثانيهم في الأهمية».

وعن نجاحه ومشاريعه المستقبلية أضاف: «بعد أكثر من ربع قرن في الاغتراب، وفيه الإيجابي والسلبي، الحمد الله كنت ومازلت ناجحاً في الجامعة والاختصاص بامتياز على المستوى العلمي والثقافي والمادي ولدي كثير من الأصدقاء والزملاء الذين أجلهم وأحترمهم، وبجملة واحدة ألخص كل هذا النجاح، فالحمد لله الذي كافأني على جهدي وبأكثر مما كنت أعتقد أنني أستحق، ومع كل هذا أعتبره نصف نجاح، لأسباب أهمها أن هذا النجاح حققته في بلاد الغرب، وليس في بلدي الحبيب "سورية" ومدينتي الرائعة "دير الزور" بكل ما فيها، وهذا يحز في نفسي مرتين، الأولى لأنني لا أستطيع خدمتها وخدمتهم، والثانية لأنني لا أستطيع أن أكون فيها وبينهم، حاولت أن أفعل ذلك مرتين، الأولى بعد تخرجي، والثانية منذ عدة سنوات، ولم تنجح أية محاولات أخرى لأسباب أحتفظ بها لنفسي، صحيح أنني حققت كل أحلامي منذ الطفولة وحتى الآن إلا شيئاً واحداً، وسيأتي بإذن الله وما هي إلا مسألة وقت فقط، وذلك بافتتاح مركز جراحي للعيون في مدينتي ومسقط رأسي محافظة "دير الزور"، ولايزال هذا المشروع يراودني حتى أحققه بإذن الله».

الدكتور سمير اسماعيل مع وفد البعثة لزامبيا

وفي الختام نصيحة لكل من يفكر في الاغتراب: «نصيحتي لكل أبناء وطني الحبيب "سورية" بشكل خاص، عندما يفكرون في الاغتراب أن يأخذوا باعتبارهم ثلاثة أشياء، اثنان منها تعلمتها من أهلي، الشيء الأول، إذا أردت فعل أي شيء افعله بإتقان أو لا تفعله بالمرة أو اترك غيرك يفعله، الشيء الثاني، عند أي فعل ما لشخص ما، خذ مكانه واعطه مكانك، نظرياً طبعاً، وتمعن بما ستفعله، هل كان ليرضيك إن قام بذلك معك وتصرف على هذا الأساس، والشيء الثالث هو المساواة في تصرفاتك تجاه من تقدم خدماتك إليهم، وأقصد أن تضع لنفسك قانوناً معيناً، ويجب عليك تطيبقه على الجميع دون استثناء مثلاً، (كل من سأعالج سأعتبره أخي)، إضافة لكل ذلك يجب أن يكون هناك تصميم على النجاح، ووضع كل العقبات كحافز له».

ومن أصدقاء الدكتور "سمير إسماعيل" تكلمنا مع الدكتور "رياض عجاج العلي" جرّاح وجه وفكّين، اختصاصه نادر في أغلب البلدان، يعمل في "أثينا"، فحدثنا بالقول: «أخي "سمير" تعرفت عليه في العام 1995، في لقاء للمغتربين "السوريين"، وما شدني إليه كان حبه لعمله وإتقانه لكل ما يقوم به، وبشكل خاص لاختصاصه طب العيون الذي تفوق به على الأطباء الأجانب، ومعه لا أشعر بالغربة، بل أشعر بأنني في موطني الحبيب، ونتحادث تقريباً كل يوم، وأغلب حديثنا يكون عن الوطن وذكرياتنا فيه، فعادة ما يكون عنده أو عندي كل يوم أخبار عنه، فنحن كالإخوة وأكثر، فهو شخص حنون، كله محبة ووطنية وإنسانية، وفي كل المجالات دؤوب لا يكل ولا يمل، وأهم شيء فيه بالنسبة لي هو تواضعه اللا متناهٍ».

الدكتور سمير اسماعيل في العيادة