بني بيت سعيد الطوالبة الأثري في مدينة "نوى" من الحجر البازلتي الأسود المنحوت بدقة متناهية، فهو يحتوي على زخارف وقناطر وتزيينات وموازين حجرية يفهم من تنوعها المستوى الرفيع من البذخ والترف الذي تنعمت به العمارة الحورانية.

المنزل مؤلف من ثلاث كتل رئيسية مع أروقة وباحة أمامية، وهنا يتابع الآثاري "باسل الجهماني" رئيس شعبة آثار "ازرع" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 29/1/2013 بالقول: «يقع هذا البيت جنوب بيت "المذيب" بحوالي 150 م. وهو مسجل بالقرار الوزاري رقم 142/آ تاريخ 21/10/ 1968. وحسب ما تبقى من جدرانه وأساساته الأصلية، مؤلف من ثلاث كتل رئيسية مع أروقة وباحة أمامية ضيقة مدخلها الرئيسي من الجنوب. بني البيت كحال بيوت حوران الرومانية من الحجر البازلتي الأسود المنحوت بدقة متناهية، وما احتواؤه على الزخارف والتزيينات النباتية إلا دليل أكيد على أهميته ومكانته على شغلها يوماً، ويتألف من أكثر من عشر غرف أثرية».‏

المنزل يعود إلى القرن الثالث الميلادي، وجدد قسم من المنزل في الفترة المملوكية التي تدل عليها الزخارف والقناطر التي تحمل ربدان حجرية وخشبية ومن القصب، وعند الدخول للمنزل تجد القاعة الرئيسية التي تؤدي إلى غرف متنوعة منها طابق أرضي وطابق ثانٍ، التيجان والقناطر في المنزل لها قواعد رشيقة، التاج الغربي غير الشرقي، ويفهم من تنوعهما أنه يدل على المستوى الرفيع من البذخ والترف الذي تنعمت به العمارة الحورانية

وعن توصيف المنزل يقول: «الغرفة الأولى الباحة الأمامية أبعادها 19.68م للشمال والجنوب، و4.27م للغرب والشرق. تقوم وسطها بعض الجدران الحديثة. المدخل الرئيسي من الجهة الجنوبية، تعتبر الباحة الأمامية ضيقة وتصبح مسقوفةً بالأروقة بعد اجتياز المدخل الرئيسي. وتنفتح عليها الأبواب نحو الكتل الرئيسية، بحيث يكون مدخل الكتلة الشمالية في صدرها تماماً، والغرفة الثانية واحدة من أغنى قاعات البيت من حيث زخارفها الفنية وطريقة تشكيل القنطرة، وهي أول قاعة من اليسار بعد المدخل الرئيسي، القسم الشرقي منها تم إزالته بفترات سابقة، والسبب التعديلات التي طرأت على المبنى وتوسيعه باتجاه الغرب. أبعاد الغرفة 5.87م للشمال والجنوب، ومثلها للغرب والشرق. بارتفاع 4.51م، الجدار الشمالي قد أزيل امتداده الشرقي ويحوي باباً مطموراً متقن البناء. الجدار الغربي أفضل الأقسام المتبقية، فيه خزانتان جداريتان ونافذة أو باب باتجاه الغرب، ولا تزال بقايا الطينة الحديثة موجودة عليه "طين وتبن"».‏

اسطبل الخيل

يحتوي المنزل على قنطرة أثرية مهمة في الغرفة الثانية والممر وهنا يقول: «القنطرة من أجمل القناطر فهي نصف دائرية لها قاعدة هندسية، في وسطها إطار نصف دائري منصف يحدده خطان متوازيان. بعد القاعدة يوجد تشكيل نباتي وهندسي في غاية الجمال قوامه من كل جهة قطفان من العنب ذي الحجم الكبير. تنعقد أغصانهما بعقدتين يعلوهما شكل صدفي يشبه قرص الشمس، فيه عشرة خطوط تنطلق من المركز باتجاه الأعلى وحلقتان متطاولتان من كل جهة وإطار منقط. مع أربعة رؤوس أسهم في الأسفل. هذا التشكيل يشبه إلى حد بعيد الجزء العلوي لإنسان. على اعتبار أن قطوف العنب هي الأكتاف والشكل الصدفي هو الوجه. والحلقتان هي الأذنان ورؤوس السهام هي الفم. والسقف قوامه ربد وموازين، أما الأرضية فمطمورة بكميات من الأتربة والأوساخ».‏

الغرفة الثالثة والرابعة تحتويان على إفريز زخرفي فيه أشكال هندسية ونباتية وورد وهنا يضيف: «أبواب الغرفة الرابعة المنفتحة على الغرفة الثالثة تؤكد قدمها. أبعادها المفترضة 8.40م غرب شرق و3.85 م للشمال والجنوب. هناك موازين في أعلى الجدار الشمالي ولكن قد تكون من فترة لاحقة. والغرفة الرابعة تلاصقها من الشمال، تحتوي على إفريز زخرفي فيه أشكال هندسية ونباتية "ورد"، وهو ينحني شمالاً ليشكل على ما يبدو قنطرة يظهر أنها تشابه قنطرة قصر "زين العابدين" في مدينة "إنخل" الواقعة إلى الشمال من مدينة "نوى"، وجدران المنزل الجنوبية والغربية والشرقية تضم الباب الرئيسي والنوافذ، كذلك كوة جدارية في الغرب وأخرى في الشرق. ويضمان أبواباً من جميع الاتجاهات والقناطر والسقف بحالة ممتازة وهما نموذج متقدم للفن الحوراني، يمكن مقارنتهما بالبيوت الموجودة في كل من بلدات "محجة وغزالة وانخل" بشكل خاص».‏

رئيس شعبة أثار ازرع

أما بقية الغرف فلها كوّات جدارية في جدارنها، وتحتوي على معالف وباب للخيل وعنها يقول: «بقية غرف المنزل غرف مستطيلة شمال جنوب مداخلها من الغرب لها كوات جدارية في جدارها الشرقي، سقفها متقن وقوامه ربدان وموازين غرب شرق فيها أتربة وتبن. فيها قنطرة رائعة جداً شمال جنوب وسقف من الربد والموازين. حالتها جيدة وفي جدارها الشرقي معالف وباب للخيل، ثم درج يصعد من خلاله للطابق الثاني "العلوي"، حيث غرفة من الجهة الشرقية وأخرى من الشمالية. الجدار الشمالي فيه بابان أحدهما فوق الآخر وهذا القسم هو على ما يبدو كإسطبل، وهناك قاعة حديثة تقع للغرب من الغرفة الخامسة. بناؤها غير جيد، فيها أربع قناطر شرق غرب وموازين حجرية تحمل ربدان حجرية، وأخرى من الخشب والقصب بابها الرئيسي من الجنوب. في قسمها الغربي ثلاث قناطر أخرى تقسمها جدران حديثة. تنتهي في الشمال بجدار قديم فيه موازين وكوات جدارية. تغطيها الردميات والأتربة».

الباحث في التراث "نضال شرف" احد سكان مدينة "نوى" قال: «المنزل يعود إلى القرن الثالث الميلادي، وجدد قسم من المنزل في الفترة المملوكية التي تدل عليها الزخارف والقناطر التي تحمل ربدان حجرية وخشبية ومن القصب، وعند الدخول للمنزل تجد القاعة الرئيسية التي تؤدي إلى غرف متنوعة منها طابق أرضي وطابق ثانٍ، التيجان والقناطر في المنزل لها قواعد رشيقة، التاج الغربي غير الشرقي، ويفهم من تنوعهما أنه يدل على المستوى الرفيع من البذخ والترف الذي تنعمت به العمارة الحورانية».

زخارف هندسية

ثم تابع: «وهذا يدل على الثورة الزراعية في القرن الثالث الميلادي، ما انعكس على الواقع المادي لأهل المنطقة، والتاج الغربي يضم غصناً نباتياً طويلاً متعرجاً فيه ثمار وأوراق العنب. والثاني أشبه ما يكون بسلسلة مستقيمة، أما الثالث فهو عبارة عن شريط هندسي مؤلف من قطع صغيرة بشكل عرضي تقطعها عمودية، والشكل الرابع أشكال بيضوية مع اطارين متطاولين، وعند بداية القنطرة إكليل نباتي معقود تشكل نهاياته السفلية قطوف العنب، والتاج الشرقي من الأسفل شريط زخرفي عبارة عن خطوط متصالبة بالامتداد تبرز في الفراغات المتأتية ورود وأشكال لقرص الشمس، ثم واجهة القنطرة يعلوها تاج نباتي مركزه العلوي ورقة أكانثا».