تشكل مدينة "بصرى الشام" متحفاً طبيعياً ومصدراً ثرياً لكل من يريد أن ينهل من المعلومات التاريخية ليس في المنطقة فحسب بل في كل الحضارات العالمية، ولاسيما أن حضارات "بصرى" تبوأت مكاناً متقدماً من بين حضارات العالم في حقب تاريخية، ولاسيما في أيام الغساسنة وغيرهم.

لذلك تكتسب مدينة بصرى الشام الأثرية أهمية تاريخية خاصة بسبب تعاقب الحضارات عليها ولصمود الآثار. ومن آثارها المهمة التي لا تزال "القوس المركزي" أو قوس النصر.

يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث للميلاد تخليداً لانتصار القائد "جوليانوس" قائد الفرقة البارتية، إبان حكم الإمبراطور "فيليب العربي" كما تشير الكتابات الموجودة على أحد الركائز، وهناك ارتباط بين قوس النصر وبين المعسكر الروماني الخاص بالجنود الرومانيين المقيمين في "بصرى"، والواقع في شمال المدينة القديمة

حيث يقع هذا القوس إلى الشمال من القلعة وتقول السيدة "وفاء العودة" مديرة آثار "بصرى الشام" لموقع eDaraa عن هذا القوس الأثري المهم: «يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث للميلاد تخليداً لانتصار القائد "جوليانوس" قائد الفرقة البارتية، إبان حكم الإمبراطور "فيليب العربي" كما تشير الكتابات الموجودة على أحد الركائز، وهناك ارتباط بين قوس النصر وبين المعسكر الروماني الخاص بالجنود الرومانيين المقيمين في "بصرى"، والواقع في شمال المدينة القديمة».

جانب من القوس

تتألف واجهة القوس الشمالية من ثلاثة أقواس وهنا تتابع حديثها: «تم اكتشاف نقوش على قاعدة القوس اليسرى، وفيها زخارف، ويتوسط هذا القوس الشارع المستقيم في بصرى، إلى الشمال من القلعة. وكان له واجهتان تهدمت الواجهة الجنوبية بفعل الزلازل، وتتألف الواجهة الشمالية من ثلاثة أقواس أعلاها الأوسط حيث يصل ارتفاعه إلى ثلاثة عشر متراً، وكان القائد يقدم عنده الأضاحي للآلهة عند عودته من المعركة كما كان شائعاً في العهد الروماني، وبنيت هذه الأقواس المركزية لترمز إلى عودة الجيوش الظافرة وكانت تقام عادة على أطراف الساحة العامة».

يعود تاريخ القوس إلى القرن الثالث الميلادي ويسمى من قبل السكان المحليين "باب القنديل"، وهو متطابق مع أبواب ما كان يسمى المدن العشر وهنا يقول الآثاري "علاء الصلاح" من دائرة آثار "بصرى": «اكتسبت مدينة "بصرى" أهمية خاصة عندما قرر الأنباط نقل عاصمتهم من "البتراء" جنوب الأردن إلى "بصرى" في القرن الأول للميلاد، وفي هذا العهد نمت "بصرى" بصورة سريعة وازدهرت نتيجة لتحول طرق القوافل التجارية إليها. وهذه المدينة وجدت قبل الميلاد وتحديداً في القرنِ الرابع عشر. ودولاً كثيرة مرت عليها بدءاً من الدولة الأكادية مروراً بالدولة الأمورية والكنعانية والآراميِة والنبطية والغسانية انتهاء بالدولة الإسلامية، وكل رموزها وآثارها ازدهرت على مر السنين ومنها "القوس المركزي"، الذي يطلق عليه السكان المحليين اسم "باب القنديل" ويعود تاريخه إلى القرن الثالث الميلادي، وهو متطابق مع أبواب ما كان يسمى المدن العشر، يتشابه هذا القوس مع معظم أقواس النصر، حيث له بوابتان صغيرتان على جانبيه بينما البوابة الوسطى هي الأكبر والتي يبلغ ارتفاعها 13متراً، ولا تزال واجهة البناء الشمالية بحالة جيدة بينما انهارت الواجهة الجنوبية نتيجة للهزات الأرضية. وتشير الكتابة اللاتينية إلى أن هذا القوس أقيم لذكرى انتصار أحد القادة، وأعمدة هذا القوس منحوتة وفق الطراز الأيوني وهي أول أعمدة من الحجر الكلسي، وهو مزين بمحاريب وأعمدة نصفية تعلوها تيجان منحوتة على الطراز النبطي، وكانت الواجهة مزينة بجبهة على شكل هرم وزخارف نبطية متأثرة إلى حد كبير بالطراز الهيلينيستي. ولا تزال التنقيبات والاكتشافات في طور التنقيب في المدينة مثل الحمامات والقصور والأقواس، ومنها لا يزال ينتظر من يظهره إلى الوجود وينفض عنه غبار وتراكمات الزمن».

مديرة أثار بصرى الشام
أحد ابواب القوس