يعتبر حمام النبي "أيوب" الذي يقع في بلدة "الشيخ سعد"، أحد أهم المواقع السياحية الدينية في "سهل حوران"، فهو يشهد كل عام توافد أفواج سياحية من عدة بلدان عربية وإسلامية لزيارته.

يقول السيد "فرحان مطر" /سائح أردني/ وأحد زوار الحمام: «في الحقيقة إنها زيارتي الأولى إلى الحمام، فأنا أعرف قصة نبي الله "أيوب" عليه السلام، وسمعت أن هناك حماماً يرتبط بقصته فأحببت أن أزوره، واعتقد أن المكان جميل ولكنه بحاجة إلى اهتمام أكبر من القائمين عليه».

في الحقيقة إنها زيارتي الأولى إلى الحمام، فأنا أعرف قصة نبي الله "أيوب" عليه السلام، وسمعت أن هناك حماماً يرتبط بقصته فأحببت أن أزوره، واعتقد أن المكان جميل ولكنه بحاجة إلى اهتمام أكبر من القائمين عليه

وحول أهمية الحمام التاريخية وتاريخ منطقة "الشيخ سعد" تحدث الآثاري "ياسر أبو نقطة" عن الحمام بتاريخ "5/9/2011" لموقع "eDaraa" قائلاً: «تعتبر قرية "الشيخ سعد" الواقعة على بعد 35 كم إلى الشمال من مدينة "درعا" من أهم قرى المحافظة الغنية بالأوابد الثقافية والآثار الفنية والمباني التاريخية والذكريات الروحية. ويعتبر حمام النبي "أيوب" من المواقع السياحية المهمة فيها وفي المنطقة، ويشهد كل عام توافد عدد كبير من السياح العرب والمسلمين من عدة دول.

فناء الحمام

والنبي "أيوب" علية السلام عاش في جنوب سورية، وقد وعاش ومات في أرض حوران في منطقة "الشيخ سعد"، وقد اتصف بالصبر والمقولة الشهيرة "يا صبر أيوب"، وارتبط اسم "الشيخ سعد" دينياً باسم النبي "أيوب" عليه السلام الذي اغتسل من مياه الحمام الذي يشهد لوقتنا الحاضر إقبالاً كبيراً بقصد الاستشفاء من أمراض عديدة».

وعن الأهمية التاريخية للحمام يقول الآثاري "باسل جهماني" رئيس شعبة آثار "ازرع": «يعتبر حمام النبي "أيوب" من أهم الآثار في المحافظة، وله صدى عالمي لكونه يزوره السياح من جميع أنحاء العالم، ويعود إلى فترة الألف الثانية قبل الميلاد. يقع في وسط البلدة، ويبعد حوالي 150 متراً عن الجامع القديم بجهة الشرق، والحمام أو ما يقال بالعامية "وطية" أو "دعسة" النبي "أيوب" عبارة عن غرفة واحدة مبنية من الحجر البازلت أبعادها 4×4 م وارتفاع الغرفة 4م، مدخلها من الجنوب حيث "نبع الماء"، ارتفاع باب الغرفة 1،60 سم وبعرض 80 سم، والسقف مبني من الحجر الأزرق "ربدان"، على الزاوية كان يوجد في أعلى السقف قبة مثمنة مبنية من "الآجر"، ويعتقد أن ارتفاعها حوالي مترين وهي منهارة حالياً، وبنيت بالفترة العثمانية.

منظر عام للحمام

داخل الغرفة "الحمام" يوجد نبع ماء صغير ولا تزال المياه تتدفق من النبع وكلما أخذ من النبع كمية من الماء تعود وتتجدد باستمرار، حول الحفرة يوجد مقعد من الحجر يستخدمه الزوار للجلوس ووضع أرجلهم في الماء طلباً للاستشفاء من بعض الأمراض، ويشاهد في المكان حتى يومنا هذا رسم لقدم إنسان محفور بالحجر للدلالة على قدم النبي "أيوب" عليه السلام ويقال عنها "الوطية"، وأمام هذه الغرفة فسحة سماوية مستطيلة أبعادها 15/10 م، محاطة بسور وهي فناء خارجي للحمام، وجنوب الفسحة كان يوجد غرفة كبيرة بقنطرتين مقابلة لغرفة الحمام كانت تستعمل للعلاج وتم ترميمها عام 2009».

وحول المكتشفات الأثرية فيها يقول الدكتور "محمد نصر الله" رئيس دائرة آثار "درعا": «أنجزت مديرية الآثار في المحافظة في الفترة الماضية العديد من أعمال الترميم في الحمام، من أجل الحفاظ على هذا المعلم الديني والأثري المهم، وحماية نبع الحمام من التلوث واستكمال جميع النواقص في الحمام لوضعه في الاستثمار الفعلي خدمة للسياح والزوار. واهم الأعمال المنفذة انجاز بناء الجدران الغربية والشمالية والجنوبية، وبناء قنطرة كانت مفقودة، وصيانة الأساسات والجدران المتصدعة واستكمالها بحجارة مشابهة للحجارة التي كانت مبنية بها.

مدير أثار درعا

ويتم البحث عن "ربدان" حجرية مطابقة لتلك التي كانت موجودة لإتمام بناء سقف الحمام. و تم إزالة الأنقاض والمخلفات من ساحة الحمام، وعثرت البعثة الوطنية التابعة لمديرية آثار "درعا" خلال أعمالها سابقاً في المنطقة على كتلة حجرية مكونة من قطعتين ارتفاع الأولى 180 سم والثانية 120 سم وعرضهما 120 سم وبسماكة 50 سم، وهما تشكلان مسلة مصرية عليها نقوش باللغة الهيروغليفية القديمة تؤرخ لفترة رمسيس الثاني 1500- 1400 قبل الميلاد، وهي القطعة الأثرية الأولى التي يعثر عليها في سورية ولهذه القطعة قطعة مشابهة موجودة في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس.

والدولة العثمانية أثناء حكمها لسهل حوران أولت اهتماماً كبيراً بالمقام والحمام، وكانت تجعل له صرة "مبلغ من المال" من خزينة لواء حوران من أجل الترميم والإشراف على هذا المكان السياحي الديني، وورد النبع في القرآن الكريم "اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب"، لذا صار يعتبر مكان حج عند "الأقدمين"، وهذا ما نصح به أهل فلسطين للباحثة "أميرتا" المسيحية بزيارة هذا المكان المقدس وفعلت ذلك، وما زال إلى يومنا هذا يؤمه اليوم الناس من مختلف أنحاء العالم لزيارة الحمام والمقام».