برز سوق المدينة القديمة في مدينة "بصرى" الأثرية كمركز تجاري هام ومحط رحال تجار العرب من بلاد الشام والجزيرة العربية، تعرض فيه صناعات المنطقة ومحصولاتها وبضائع القوافل التي يجري تبادلها.

الآثاري "ياسر أبو نقطة" من دائرة آثار "درعا" تحدث لموقع eDaraa بتاريخ 29/9/2011 عن أهمية سوق المدينة سابقاً بالقول: «يعتبر سوق مدينة "بصرى" القديم، من أهم اكتشافات المديرية العامة للآثار والمتاحف في مدينة "بصرى"، ويبلغ طوله سبعين متراً وعرضه عشرين متراً.

لم ينقطع سوق "بصرى" التجاري بعد الإسلام بل زاد أمد قيامه، وكان العرب في الجاهلية إذا انتهوا من سوق "دير أيوب" قدموا إلى سوق "بصرى"، حيث كان يشرف عليه عمال الروم وبعض من عرب "غسان"، وتطول مدة هذا السوق بما يتناسب مع ما قطعوا في سفرهم إليه من زمن، وكانت هذه المدة 25 ليلة. وقد اشتهرت "بصرى" بصناعة صنفين من السلع هما الخمر والسيوف، فالخمر يكثر العرب من ذكرها وخاصة خمرة بصرى المشهورة، وقال فيها أبو ذؤيب الهذلي: سلافة راح ضمنتها أداوة/ مقيرة ردف لمخرة الرحل تزودها من أهل بصرى وغزة/ على جسرة مرفوعة الذيل والكفل

وكان يستعمل هذا السوق كمركز تجاري تعرض فيه بضائع القوافل ويجري تبادلها، وهو في الأصل نواة امتدت حوله المخازن التجارية والأروقة، وهو يشابه هذا البناء إلى حد كبير الأسواق المسقوفة في "دمشق وحلب"، الواجهة الحالية للسوق مزينة بمحاريب كبيرة وصغيرة تبرز على جوانبها حجارة أعدت لحمل التماثيل، أما الغرف الجانبية الصغيرة داخل السوق فكانت مخصصة لبيع الأشياء الثمينة، وأُعدت فيه أماكن خاصة لحفظ الودائع والأمانات.

السوق مقصد للسياح

ولقد ظن بعض علماء الآثار أن الآثار الموجودة الآن للسوق كانت عبارة عن حمامات المدينة ولكن أعمال السبر أثبتت أنه سوق المدينة القديم. وهذه السوق تشبه إلى حد بعيد الأسواق المعروفة حتى الآن في العصر الروماني ومن أكبرها وأطولها».

تعددت استعمالات السوق خلال الفترة الرومانية وهنا تقول المهندسة "وفاء العودة" مديرة آثار "بصرى": «المدن الرومانية كان فيها السوق معرضاً وميداناً للمصارعة، وتأبين كبار الشخصيات لذلك زينوه بالأعمدة التي تحمل الأروقة التي أُعدت لحماية الواقفين من أشعة الشمس والأمطار، وتحفظ بضائع القوافل القادمة في السوق أثناء الليل، ويتألف السوق من بناء مسقوف وفناء واسع تبلغ مقاييسه سبعين متراً طولاً وعرضاً عشرين متراً.

جانب من السوق

وكان السقف مؤلف من بقايا أحجار بركانية محروقة وكلس ورمل بنيت على شكل عقود متتالية، أما الفناء فكان مزيناً بمحاريب كبيرة وصغيرة تبرز على جوانبها حجارة أُعدت لحمل التماثيل وتتميز بوقايتها للتماثيل لحفظها. وكان السوق حافل بالتجارة خلال فصل الصيف».

الباحث في التراث الحوراني السيد "تيسير الفقيه" تحدث عن سوق "بصرى" القديم بالقول: «لعبت حوران دوراً اقتصادياً هاماً في العصرين الجاهلي والإسلامي فهي سوق كبيرة ترتادها القوافل من كل حدب وصوب وخصوصاً من الجزيرة العربية، وذلك بعد الانتهاء من أسواق الحجاز، ومن أشهر أسواق حوران "سوق بصرى" الذي كان محط رحال تجار العرب من بلاد الشام، وكان له شهرة في الجاهلية ليس لدمشق مثلها، وكان التجار يقدمون إليه بمحاصيل الحبشة والهند واليمن.

الباحث تيسير الفقيه

وقد انتظم سير القوافل الغربية إلى "بصرى" قبل الإسلام بزمن طويل، وكان السجاعون والمتهكمون يرددون على سبيل التندر مرة والجدية مرة أخرى فيقولون "من كان يريد الخمر والخمير، والآمر والتأمير، والديباج والحرير، فليلحق "بصرى" والحفير"».

ويقول الباحث في التراث "محمد فتحي المقداد": «لم ينقطع سوق "بصرى" التجاري بعد الإسلام بل زاد أمد قيامه، وكان العرب في الجاهلية إذا انتهوا من سوق "دير أيوب" قدموا إلى سوق "بصرى"، حيث كان يشرف عليه عمال الروم وبعض من عرب "غسان"، وتطول مدة هذا السوق بما يتناسب مع ما قطعوا في سفرهم إليه من زمن، وكانت هذه المدة 25 ليلة.

وقد اشتهرت "بصرى" بصناعة صنفين من السلع هما الخمر والسيوف، فالخمر يكثر العرب من ذكرها وخاصة خمرة بصرى المشهورة، وقال فيها أبو ذؤيب الهذلي:

سلافة راح ضمنتها أداوة/ مقيرة ردف لمخرة الرحل

تزودها من أهل بصرى وغزة/ على جسرة مرفوعة الذيل والكفل».

الآثاري "علاء الصلاح" من دائرة آثار "بصرى" يتحدث لنا عن السوق بالقول: «كان يطلق على السوق المركزي في بصرى "خان الدبس"، وجاء موقع السوق في مركز المدينة الحساس، حيث تسانده الحمامات المركزية من الغرب وثلاثة شوارع معمدة من ثلاث جهات، كما لا يفصله عن الحمامات الجنوبية سوى الشارع الرئيس للمدينة. وقليلاً إلى الغرب السوق العامة التي تجاورها أو تحيط به السوق الأرضية، بالإضافة إلى العديد من الأبنية الهامة والتي يتم الكشف عنها والتحقق من هويتها باستثناء سبل المياه الشرقية والغربية المتقابلة والتي تحدد نهاية الخان من الزاوية الجنوبية الشرقية.

كما نلاحظ أن أطراف السوق أو الخان وبشكل خاص في زواياه الجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية عبارة عن نقاط تلاقي أو تقاطع الشوارع الأهم في المدينة، وقد جاء البناء على شكل فسيح ومكشوف بامتداد شمال جنوب بطول 70/20 م، ويفصله عن شارع السقايا عدد الحنيات المستديرة ذات الأقطار الكبيرة، والتي تشرف على الداخل ويتقدمها صف من الأعمدة الكلسية البيضاء من الطراز الكورنثي، ترتكز فوق ركائز رباعية من الأسفل ودائرية من الأعلى بقطر 90 سم وسماكة 40 سم.

كما وجد في الموقع تيجان أيونية وهذا النمط لم يوجد ولم يستعمل إلا في تزيين شارع المسرح، وأرضية السوق مبلطة بالبلاط الكلسي الأبيض، وبعض غرف السوق كانت مخصصة لبيع الثمين من البضائع، وكان جزء من الباحة "الفناء" مسقوفاً لحماية الناس من العوامل الجوية».