عثرت بعثات التنقيب الأثرية في "درعا" على الكثير من اللقى الفخارية التي تتمتع بأهمية تاريخية وأثرية لكونها تعود لعصور موغلة في القدم.

وعن الاكتشافات الفخارية في "درعا" تحدث الآثاري "ياسر أبو نقطة" من دائرة آثار "درعا" بتاريخ "1/8/2011" لموقع "eDaraa" قائلاً: «اكتشفت في المحافظة نماذج فخارية مختلفة تعود للعصور البرونزية وعصر الحديد والعصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية، كالأسرجة وقناديل الإضاءة والأواني متعددة الاستخدامات والأحجام والأطباق والجرار وأواني الشرب، وجرار تخزين الحبوب والمياه، وقوارير صغيرة للتجميل.

تميزت "حوران" بالفخار الأسود المزخرف الموخوز بالإبر كما هو الحال بالفخارالمكتشف في "تلال الأشعري وشهاب وعشترة والشيخ سعد ودرعا البلد"، وينسب إلى منطقة "سيناء" المصرية. حيث أشارت الدراسات الأولية إلى أن "سيناء" كانت المصدر الرئيس لهذا النوع من الفخار

كما عثر على أعداد كبيرة من القطع الفخارية التي عرفت بالفخار الأسود، وتحمل مدلولات قوية على وجود تواصل حضاري بين إنسان "حوران" وإنسان "وادي النيل".

الآثاري ياسر أبو نقطة

وفي المتحف الوطني بـ"درعا" يوجد نحو /4200/ قطعة فخارية منها /1200/ قطعة اكتشفت في مدافن تل "الأشعري" وتعود إلى عصر البرونز الوسيط الممتد من /2100- 1600/ قبل الميلاد، وهي عبارة عن قطع للاستخدامات المنزلية وحفظ الزيوت وخاصة الطبية منها ما يدل على تطور العلوم في ذلك العصر.

أما في متحف مدينة "بصرى" فيوجد مجموعة نادرة ومتميزة من الفخار التي تشهد على الأهمية السياسية والتجارية لهذه المدينة. حيث يضم أكثرمن/435/ قطعة فخارية تعود لعصور "البرونز الحديث والحديد والهلنستي والنبطي والروماني والبيزنطي والإسلامي"، وتتنوع بين الأسرجة والجرار والأباريق والأواني المنزلية والمدامع والقوارير والقنابل اليدوية الأيوبية.

قطع فخارية في متحف درعا

كما عثرت البعثات الأثرية في "بصرى" على قطع فخارية للاستعمال اليومي في السوق الأرضية والمسرح الموسيقي والحمامات الرومانية».

وفيما يتعلق بميزات الفخار "الحوراني" قال "أبو نقطة": «تميزت "حوران" بالفخار الأسود المزخرف الموخوز بالإبر كما هو الحال بالفخارالمكتشف في "تلال الأشعري وشهاب وعشترة والشيخ سعد ودرعا البلد"، وينسب إلى منطقة "سيناء" المصرية. حيث أشارت الدراسات الأولية إلى أن "سيناء" كانت المصدر الرئيس لهذا النوع من الفخار».

جرة فخار

وحول تاريخ صناعة الفخار في "حوران" ذكر السيد "نضال شرف" باحث قي قضايا التاريخ والتراث الحوراني: «عرفت صناعة الفخار واستخداماته المتعددة في "حوران" منذ زمن بعيد، وخاصة أن طبيعة المنطقة قدمت لصانعي الفخار المواد الأولية، فلم يحتاجوا لمواد مستوردة من بيئات أخرى، لكونها تتمتع بتنوع التربة من حمراء أو صفراء أو سوداء.

وقد كشفت بعثات التنقيب المحلية والأجنبية أن صناعة الفخار في "حوران" بدأت قبل /3/ آلاف عام قبل الميلاد، وتنوعت أحجام القطع الفخارية وتعددت استخداماتها، أهمها تلك التي وجدت في المدافن، وتعود لعصر البرونز القديم الممتد من /3100-2100/ قبل الميلاد.

إذ تشير بشكل أو بآخر إلى أن الإنسان اعتقد بالحياة الأخرى التي سيحياها بعد الموت قبل أن يعرف الأديان السماوية، ما يستدعي منه تأمين مستلزماتها بأدوات بسيطة كتلك التي كان يستخدمها في الطعام».

وفيما يخص تطور ملامح الفخار في العصور المختفلة يقول "شرف": «تجلت ملامح الفخار في العصر البرونزي بوجود شوائب وبعض القطع الحجرية، إضافة إلى كونه سميكاً نوعاً ما. ومع تطور الصناعة بدأ التركيز على نوع الخلطة الغضارية وتنقيتها بشكل كبير من الشوائب وشيهاً بدرجات حرارة عالية.

وفي العصر الروماني أصبح الفخار متقناً إذ استخدمت القوالب في عملية التصنيع سواء قوالب الحجر أو العظم أم الخشب.

وظهر الفخار الأحمر ذو الإبريق المعدني "السيغالاتا"، وبدأ الإنسان بالاعتناء بالخطوط والنقوش والأشكال التزينية النباتية والحيوانية، كما ظهر الفخار الأسود الذي ينتج عن استخدام خلطة ترابية سوداء أو من شي الفخار بأفران مغلقة كثيفة الدخان.

أما في العصر الإسلامي فتم استخدام تقنية جديدة تتمثل بطلاء الفخار بأكاسيد المعادن، إضافة للحصول على الفخار المزجزج بتنزيل أكثر من لون على الآنية الواحدة.

وقد استفادت هذه المهنة في مراحلها كافة من تطورالعلوم والتجارة، ومرحلة الفتوحات الإسلامية فتأثر الفخار بالفنون في كل من الصين وإيران، فظهر الخزف الذي تمتع بالشكل الجمالي وسهولة التنظيف».

وعن الملامح التي قدمها الفخار لتطور العلوم الإنسانية قال السيد "منير الذيب" باحث في قضايا التراث الحوراني: «قدم الفخار ملامح هامة لتطور العلوم وفكر الإنسان الديني والاقتصادي. حيث عمد الإنسان الحوراني إلى استخدام جرار الفخار الكبيرة في دفن الموتى وخاصة الأطفال.

وعلى حماية نشاطه التجاري من استيراد وتصدير، وحماية الملكية على طريقته من خلال استخدام أختام مسطحة أو اسطوانية، ووضع رسوماً خاصة بكل تاجر على هذه الأختام فوق أغطية جرار التصدير لحمايتها من السرقة أو الضياع».