تضم محافظة "درعا" العديد من الجوامع الأثرية التي تعود لفترات تاريخية قديمة بعضها لفترة الفتوحات الإسلامية. والعدد الأكبر لهذه الجوامع المنتشرة في المحافظة هو مساجد عمرية، وجميعها تأخذ نفس الاسم وقد تتشابه في بعض مكوناتها وتختلف في بعضها الآخر.

لكن ثمة ملامح تشابه تؤكدها الدراسات التاريخية والأثرية بشأن هذه الجوامع الأقدم في العالمين العربي والإسلامي، وتتماثل في بنائها مع غيرها من الأبنية الدينية في "حوران" وسورية، ومن المؤكد أنه شهد أغلب العصور والحضارات، فهي محطات تؤرخ لمراحل تاريخية عرفتها أرض بلاد الشام.

يعتبر الجامع العمري بـ"درعا" أحد الجوامع الأثرية الهامة في المنطقة، وهو بناء يعود للفترة الإسلامية، وجاءت تسميته نسبة إلى "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه الذي أمر ببنائه عند زيارته لحوران، وهو يقع وسط مدينة "درعا" القديمة. وأصبح بمخططه الحديث بعد عمليات الترميم، عبارة عن نسخة مصغرة عن الجامع الأموي الكبير بـ"دمشق" من حيث احتوائه على صحن خارجي مكشوف ومئذنة وحرم للصلاة، ويمتلك ثلاثة أبواب رئيسية أكبرها الشمالي، وأبوابه الغربية والشرقية تفتح على فضاءات خارجية. سقف المسجد يشبه جميع الأبنية في "حوران" إذ ترتكز على "القناطر" بشكل معاكس حوامل بارزة من كل جهة يليها "عوارض" أكثر بروزاً للربط بين الحوامل وتغطية الفراغات، يعلو العوارض طبقة ممزوجة من الكسر الحجرية الصغيرة الناتجة عن "التقصيب" و"النحت" والمخلوطة بالكلس ثم طبقة سميكة من التراب

اقترنت الأهمية الدينية والاجتماعية والحضارية للمساجد العمرية بحضورها واستمرار الحفاظ عليها في إشارة واضحة الدلالة لتعايش مختلف فئات المجتمع على هذه الأرض، إذ اقترن مشهد حضور هذه المساجد بقربها من الكنائس.

الجامع العمري بازرع

موقع eDaraa التقى بعض الباحثين الآثاريين لتسليط الضوء على هذه المساجد بتاريخ 4/4/2011. فقال الباحث الأثري "ياسر أبو نقطة" عن مسجد "ازرع" العمري: «للجامع قيمة كبيرة لدى أهالي مدينة "إزرع" لكونه يقع في وسط المدينة القديمة، وتحيطه الكنائس والبيوت القديمة من جميع الجهات، وهو أحد أربعة مساجد عمرية تعود بفترة بنائها للخليفة الراشدي "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، بعد أن أمر بإشادتها وذلك أثناء زيارته للمنطقة.

ويضم الجامع الكثير من العناصر المعمارية والأثرية الهامة التي تخص بالضرورة أبنية دينية قديمة، ويتألف الجامع من عدة أقسام أهمها "المئذنة"، وكانت مربعة الشكل من الأسفل ترتفع لحوالي 37 م، مع وجود 13 جرساً فيها وعدد من النوافذ والفتحات، فيها ممرات عند قاعدتها، لكنه لم يبق منها شيء يدل على شكلها القديم لكن يعتقد بأنها في الزاوية الشمالية الغربية من الصحن، كالتي توجد في جامع "درعا".

جامع مبرك الناقة

أيضاً "الحرم" ويتألف من خمسة أجنحة تنصفها صفوف من الأعمدة التي تحمل أقواساً نصف دائرية كبيرة، وهو مكان لإقامة الصلاة، ومن الأقسام "القسم الشمالي" من البناء ويمثل الفناء المكشوف كما حال العديد من الجوامع التي أقيمت بتلك الفترة، ولم يعد يبقى منه سوى كتلة معادة البناء في الشمال عبارة عن قنطرتين ونصف تم إغلاقها بفترة لاحقة، وجزء صغير من الجدار الشرقي.

بالإضافة "للباب الرئيسي" الذي يقوم فوقه قوس نصف دائري وساكف يحمل حجراً مربعاً فيه عدد من الدوائر المفتوحة، وإلى الجنوب منه يقوم باب آخر مردوم ولا تظهر منه إلا مساحة قليلة ويقع هذا الباب في الجهة الغربية، أما بالنسبة لـتاريخ البناء بأكمله فيفترض أنه يعود للعصور الوسطى، وعلى النقيض تماماً من جامعي "بصرى" و"درعا" فإن زخارف جامع "إزرع " الثانوية تعكس تيار التطور الرئيس لعمارة سورية في القرون الوسطى، بينما التصميم العام يتبع النماذج التقليدية في "حوران"».

الجامع العمري في بصرى

وعن المسجد العمري في "بصرى" تقول السيدة "وفاء العودة" مديرة الآثار في "بصرى": «يقع المسجد العمري أو كما يطلق عليه جامع العروس، في وسط مدينة "بصرى الشام" الأثرية، بني أيام الخليفة "عمر بن الخطاب"، ويعرف بالجامع العمري نسبة إليه.

ولا يزال يحتفظ بتفاصيله المعمارية، وأعمدته التي بقيت في مكانها، ويعد من أقدم المساجد في سورية، وهو الجامع الوحيد الذي بني في عهد الإسلام الأول، وحافظ على واجهته القديمة حتى الآن. وكشفت أعمال الترميم التي قام بها المهندس الفرنسي "إيكوشار" عام 1936م، عن كتابة أموية كوفية مؤرخة عام 102هـ / 720م وهذا نصها:

"وهذه المئذنة قام على صنعتها بعد سنة مئة وكتب الحرث".

وقد جدد الجامع أمين الدولة "أبو منصور كمشتكين الأتابكي" عام 506هـ/ 1122م. كما توجد كتابة على الجدار الشمالي من الخارج بالخط النسخي تشير إلى تجديد الصحن في العهد الأيوبي عام 618هـ/ 1221م. كما وجدت كتابات أموية أخرى في إحدى الدعامات في الرواق الشرقي مؤرخة عام 128هـ / 745م. وتشير كتابة كوفية على أحد مسطحات السقف بأنه جدد أحد أقسام السقف عام 460هـ/ 1067م، وهي تقول "جدده في سنة ستين وأربعمئة".

ويتألف المسجد من صحن مكشوف أبعاده 16×13م تتوسطه ميضأة مربعة 2×2م داخلها نافورة ماء ويحيط بها عامود رخامي قطره 50 سم وتاج دوري ارتفاعه 2م.

رصفت أرضية الصحن بالحجر الكلسي الأبيض والبازلتي الأسود على شكل متداخلات مع تزيينات وأشكال هندسية مختلفة الألوان، تلتف حول الصحن أربعة أروقة ويشكل الرواق الجنوبي حرم الصلاة ويبلغ عرضه 12 مترا.

زين المسجد من الداخل بكساء من الملاط الكلسي مع تزيينات نباتية وهندسية جاءت مع السلاجقة من شرق آسيا عبر إيران وكتابات قرآنية بالخط الكوفي المزين بالحجم الكبير وعلى امتداد جدار القبلة، أما المئذنة فهي على ارتفاع 6م تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من المسجد، جاء قسمها السفلي مربع الشكل، نفذ فيها مدخلان أحدهما للمسجد والآخر يفتح إلى خارج المسجد».

وعن بقية الجوامع الأثرية الموجودة في المحافظة والتي تزداد في مدينة "بصرى" الأثرية تقول المهندسة "وفاء العودة": «من أهم الجوامع وأندرها جامع "مبرك الناقة" لهذا الجامع أهمية خاصة في تاريخ العمارة الإسلامية، حيث يعتبر أقدم مبنى أثري في سورية، أنشئ ليكون مدرسة دينية، ولا يوجد نماذج أقدم منه قائمة في سورية، ويعود تاريخ بنائه إلى بداية العهد الإسلامي. ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية من مدينة "بصرى" الإسلامية.

ويعتقد أن هذا المسجد أقيم في المكان الذي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام في شبابه، وذلك عند زيارته لمدينة "بصرى" أو أنه يشير للمكان الذي بركت فيه ناقته.

جامع "فاطمة" يقع هذا المسجد بين الكاتدرائية ودير الراهب "بحيرا". ويعود بنائه إلى العصر الأيوبي، وذلك في النصف الأول من القرن السابع الهجري "الثالث عشر ميلادي". ويتكون من غرفة يتخللها ثلاثة أقواس مستعرضة ومئذنة مربعة.

جامع "الخضر" أمر بتجديد هذا المسجد "أبو منصور كمشتكين الاتابكي" والي "بصرى" عام 528 هجري، وهو مسجد إسلامي قديم يطلق عليه الأهالي اسم "جامع الخضر" نسبة إلى المقام المجاور له. والجامع يتألف سقفه من عتبات مستطيلة مقطوعة من حجر البازلت، تستند على قوسين وجذوع أعمدة من الحجر ذاته، وهو مبني على شكل مربع يبلغ طول احد أضلاعه سبعة أمتار وأربعين سنتيمترا.

ويظهر فوق محرابه بقايا نقوش عربية ومدخل الجامع مؤلف من ثلاثة أبواب حجرية متتالية، وفي غربي الجامع بناء يعود تاريخه للعصر الروماني.

مسجد "ياقوت" أشاده "شهاب الدين يوسف بن ياقوت" والي قلعة "بصرى"، ويعود تاريخه إلى 655هـ/ 1257م».

الدكتور "محمد نصر الله" رئيس دائرة آثار "درعا" حدثنا عن الجامع العمري في مدينة "درعا" وقال هنا: «يعتبر الجامع العمري بـ"درعا" أحد الجوامع الأثرية الهامة في المنطقة، وهو بناء يعود للفترة الإسلامية، وجاءت تسميته نسبة إلى "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه الذي أمر ببنائه عند زيارته لحوران، وهو يقع وسط مدينة "درعا" القديمة.

وأصبح بمخططه الحديث بعد عمليات الترميم، عبارة عن نسخة مصغرة عن الجامع الأموي الكبير بـ"دمشق" من حيث احتوائه على صحن خارجي مكشوف ومئذنة وحرم للصلاة، ويمتلك ثلاثة أبواب رئيسية أكبرها الشمالي، وأبوابه الغربية والشرقية تفتح على فضاءات خارجية.

سقف المسجد يشبه جميع الأبنية في "حوران" إذ ترتكز على "القناطر" بشكل معاكس حوامل بارزة من كل جهة يليها "عوارض" أكثر بروزاً للربط بين الحوامل وتغطية الفراغات، يعلو العوارض طبقة ممزوجة من الكسر الحجرية الصغيرة الناتجة عن "التقصيب" و"النحت" والمخلوطة بالكلس ثم طبقة سميكة من التراب».