تعكس طبيعة العدد الكبير من النقود المكتشفة في مواقع عديدة من "حوران" البيئة الاقتصادية والتجارية المزدهرة السائدة خلال العصور الكلاسيكية في المنطقة، حيث يضم متحف "درعا" أندر القطع النقدية في العالم، ويحتوي على عدد كبير من القطع النقدية زادت على 7000 قطعة، اكتشف بعض منها في مدينة الصنمين "إيرا بوليس".

حيث تعود تلك القطع إلى فترة الإصدار النقدي الأول في العهد الروماني، عبر قطعة نقدية تؤرخ للقرن الثالث الميلادي صادرة عن دار ضرب "بصرى" في عهد الإمبراطورة السورية "جوليا ماميا"، وبعضها الآخر يعود للعصر البيزنطي.

قطع نادرة لأهم النقود التي صحكت على مستوى العالم، يعرضها متحف "درعا" للزوار للتعرف على النقود القديمة التي تم تداولها خلال الحضارات المتعاقبة على المنطقة، وأهمها الإمبراطور "فيليب" العربي، بالإضافة لآلاف القطع المتنوعة التي تدل على المناسبات والدلالات التي صكت لأجلها بتلك العصور

المواطن "صلاح السعيد" أحد زوار متحف "درعا" الوطني قال لموقع "eDaraa": «قطع نادرة لأهم النقود التي صحكت على مستوى العالم، يعرضها متحف "درعا" للزوار للتعرف على النقود القديمة التي تم تداولها خلال الحضارات المتعاقبة على المنطقة، وأهمها الإمبراطور "فيليب" العربي، بالإضافة لآلاف القطع المتنوعة التي تدل على المناسبات والدلالات التي صكت لأجلها بتلك العصور».

طعة نادرة تحمل صورة الإمبراطور فيليب العربي

وللتعرف على أهم القطع النقدية الموجودة بالمتحف التقى موقع eDaraa بتاريخ 1/3/2011 السيد "أيهم الزعبي" أمين متحف "درعا" الوطني فقال لنا: «اعتبرت "حوران" أحد المراكز الاقتصادية في سورية التي اعتمدت عليها الجزيرة العربية وروما لتأمين المحاصيل الزراعية وخاصة القمح، وتداولت النقود منذ آلاف السنين بدلاً من نظام التقايض الذي ظل معمولاً به عند عدد كبير من الحضارات المجاورة.

ولعبت "حوران" دور الوسيط بين الساحل الفينيقي والجزيرة العربية، من خلال موقعها التجاري الهام، ودليل ذلك ما تقدمه النقود الموجودة في المتحف من شواهد على الأزمات الاقتصادية التي مرت بها الإمبراطوريات المتعاقبة على حكم "حوران"، من خلال ابتكار النظام العشري في النقد أو تخفيض أوزان النقد أو تغيير نوع المعدن».

قطع نقدية نادرة

قطع نقدية مهمة ونادرة يضمها المتحف الوطني وبهذا المجال يقول: «أندر القطع النقدية في العالم يضمها المتحف، وأهمها قطعة نقدية نادرة تحمل صورة الإمبراطور "فيليب" العربي "ماركوس يوليوس فيليبوس" الذي حكم روما في الفترة ما بين 244-249 للميلاد.

وعثر على القطعة النقدية النادرة في موقع "سحر اللجاة تراخونيتس" الواقع في الجهة الشمالية الشرقية من منطقة "اللجاة"، وإلى الجنوب الشرقي من بلدة "المسمية" بحوالي 6 كم في موسم تنقيب عام 1999، حيث لا يوجد من هذه القطعة سوى نسختين، الأولى في متحف "درعا" والثانية في مكتبة "بيربونت مورغان" في "نيويورك" بحسب توصيفات المؤرخين».

أيهم الزعبي أمين متحف درعا الوطني

يعرض المتحف الآلاف من القطع النقدية التي تعود إلى عصور عديدة وهنا يقول مدير المتحف: «يضم المتحف مجموعات نقدية يفوق عددها 7500 قطعة تعود منها للأباطرة "جوستين" وزوجته "صوفيا"، صكت في تركيا وكل من "موريس بيتر" و"هيرقل" اللذين حكما في الأعوام 582-602 و 610-641 للميلاد على التوالي، ويضم المتحف أيضاً آلاف النقود منها 6000 قطعة نقدية اكتشفت في مدينة "الصنمين" "إيرا بوليس"، تحدد فترتين من الإصدار النقدي تعود الأولى للعصر البيزنطي، انطلاقاً من القرن الخامس الميلادي. وأغلب هذه النقود صكت في عهد الإمبراطور "انستاسيوس" الذي حكم ما بين 491 -518 للميلاد، والثانية تعود للعهد الروماني وأهم ما يمثلها قطعة نقدية تؤرخ للقرن الثالث الميلادي صادرة عن دار ضرب "بصرى" في عهد الإمبراطورة السورية "جوليا ماميا"، وحمل النقد على ظهره صورة لرأس الإله "ذو الشرى النبطي".

ودلت النقود المكتشفة على أن الإمبراطور "انستاسيوس" أول من أجرى إصلاحاً نقدياً شاملاً في العصر البيزنطي، وأوجد الأجزاء العشرية بالحروف اللاتينية».

دلالات ومناسبات عديدة كانت النقود المصكوكة عليها تدل إليها وهنا يختم حديثه بالقول: «كرست بعض النقود المصكوكة المعارك والطابع الاحتفالي وتخلد الانتصارات والآلهة المعبودة في تلك العصور، عبر إصدارات متواصلة نقدية تحمل دلائل هذه المناسبات، وفي العصور الإسلامية ضربت الدولة الإسلامية أولى عملاتها الإسلامية الخالصة من الذهب عام 77 للهجرة، بأوزان أقل من العملات البيزنطية أيام الخليفة الأموي "عبد الملك بن مروان". وصكت مدينتا "البتراء" و"دمشق" النقود من الفضة والبرونز منذ أن دخلت النقود في التداول خلال فترة الحكم الفارسي، وتميزت بحجمها الصغير وأطرافها المسننة».