تكثر في محافظة "درعا" المعالم والآثار الرومانية المتناثرة في جميع أنحائها، والتي تبقى شاهدا مهما على الأهمية التاريخية لهذه المدينة منذ أقدم العصور، وتشكل الجسور الرومانية واحدة من البصمات التي تركها أجدادنا على أرض حوران.

موقع eDaraa وللحديث عن أهمية هذه الجسور وأسباب إقامتها التقى بتاريخ "12/01/2011" الباحث في الآثار الأستاذ "ياسر أبو نقطة" الذي يقول: «أقيمت هذه الجسور لربط أجزاء المدينة الواحدة على ضفتي الأنهار والسيول، تسهيلا لحركة المرور للقوافل التجارية والعناصر البشرية وللتحرك في أرجاء وأجزاء المدينة الواحدة، وفي مدن "حوران" نلاحظ أن أغلب هذه التجمعات أقيمت بالاعتماد على الينابيع المائية والأنهار للاستفادة منها في مستلزمات الحياة اليومية.

تقسم الجسور في محافظة درعا إلى جسور رومانية وأخرى إسلامية "عثمانية ومملوكية" وذلك حسب ما بقي منها وهذه الجسور بالمجمل كانت تبنى وتقام حسب عرض النهر وارتفاع المنسوب، أما بالنسبة للنمط الروماني فلدينا الجسر المؤلف من قنطرة واحدة وبعضها من قنطرتين وهكذا إلى أن نصل إلى تسع قناطر

ويمكن أن نتحدث هنا عن عدة أودية رئيسية كانت معروفة في تلك الأيام إضافة إلى الأودية السيلية والمغذية لها والتي كانت تخترق المدن مقسمة إياها فكان من الطبيعي أن يتم وصل هذه المدن بشبكة مواصلات متقنة قوامها الرصيف الحجري إضافة إلى الجسور الحجرية التي كانت تقام عند المنخفضات والأودية والسيول، ومن حسن الحظ فإن هذه الجسور ما تزال بحالة جيدة على الرغم من الظروف التي مرت».

الباحث ياسر أبو نقطة

وعن أشكال وتصاميم وأساليب بناء الجسور الرومانية يتحدث الباحث "ياسر أبو نقطة" فيقول:«تقسم الجسور في محافظة درعا إلى جسور رومانية وأخرى إسلامية "عثمانية ومملوكية" وذلك حسب ما بقي منها وهذه الجسور بالمجمل كانت تبنى وتقام حسب عرض النهر وارتفاع المنسوب، أما بالنسبة للنمط الروماني فلدينا الجسر المؤلف من قنطرة واحدة وبعضها من قنطرتين وهكذا إلى أن نصل إلى تسع قناطر».

يضيف "أبو نقطة" فيقول: «بنيت الجسور الرومانية بالحجر البازلتي المحلي، أو بالحجر الكلسي القاسي وذلك حسب طبيعة الأرض، وأقيمت هذه الجسور على الصخر الطبيعي وبأساسات قوية لها مقدمة مثلثة لتكسر قوة اندفاع الماء، للجسر الروماني قناطر نصف دائرية مرتكزة عليها، أقيمت بهذا الشكل لتوزيع كتلة السقف "امتداد الطريق" على الجانبين ومنها إلى الأرض.

جسر عتمان

البعض من هذا الجسور ما يزال محافظا على شكله وهو قيد الاستخدام إلى اليوم مثل "جسر الهرير وجسر درعا البلد وجسر عتمان" أما القسم الآخر من هذه الجسور فبعضها أقيم جسور جديدة بالقرب من القديمة وسحبت منها الحيوية والنشاط وأبقتها معالم للذكرى فقط».

تنتشر الجسور الرومانية في العديد من مدن المحافظة، هذا الانتشار وأهم هذه الجسور يذكرها الباحث "ياسر أبو نقطة" بقوله: «تنتشر هذه الجسور بشكل كبير في القسم الجنوبي الغربي من سهل حوران حيث تتواجد الأودية الرئيسية في هذه المنطقة مثل " الزيدي والذهب والهرير والعلان والرقاد"، وبالنسبة لأهم الجسور الموجودة إلى الآن فهي "جسر الرقاد" و"جسر تسيل والصنمين والشيخ مسكين وجسر جمرين"، وجميعها تحمل سمات متشابهة من حيث نمط البناء إذ إنها جميعها تعود للعصر الروماني».

الدكتور محمد نصر الله رئيس دائرة آثار درعا

بعض الجسور الرومانية مازال يحافظ على شكله ونمطه ويشكل معلما مهما في المحافظة مثل جسر "الطيبة" الذي يذكره "أبو نقطة" فيقول: «يقع هذا الجسر في قرية "الطيبة" على وادي "الزيدي" ويربط الطريق الواصل بين مدينتي "بصرى" و"درعا" اتجاهه من الشرق إلى الغرب، يتألف الجسر من قنطرتين نصف دائرتين، طوله /14/ م، وعرضه/6،5/م، وارتفاعه عن قاع الوادي يصل إلى /10،5/ م، بني هذا الجسر في العصر الروماني، وفي الوقت الحاضر خضع لعمليات ترميم حسنت من واقعه الإنشائي ليدل على جمالية العمارة المحلية خلال الفترة الرومانية».

"جسر عتمان" من الأمثلة المهمة على روعة هذه الجسور، وعنه يتحدث الباحث "أبو نقطة" فيقول: «يقع "جسر عتمان" وسط البلدة على وادي "الذهب" وهو مبني من الحجر المنحوت، يبلغ طول الجسر /30/ م، وعرضه /6،20/ م، وارتفاعه /4،20/ م، كان يوجد على سطحه من الأعلى مجرى لقناة ماء قطرها /1/ م، تمر فيها المياه من الشمال إلى الجنوب حيث كانت توجد بركة ماء قطرها /50/م، ولكنها للأسف مردومة الآن.

يمكن مشاهدة الجسر من طريق "دمشق- درعا" القديم، والجسر مقسم إلى ثلاث قبوات أو قناطر ارتفاع كل واحدة منها /3،20/م، قامت البلدية بالتعاون مع الشبيبة في "درعا" بترميم هذا الجسر ضمن مشروع "عتمان" القرية الهدف، واصب الآن بوضع جيد».

جهود دائرة آثار "درعا" في الحفظ على هذه المعالم يتحدث عنه رئيس الدائرة الدكتور "محمد نصر الله" فيقول: «أغلب هذه الجسور لا يعود استملاكها إلى مديرية الآثار فبعضها يعود إلى الموارد المائية وبعضها يعود إلى الخط الحديدي الحجازي لذلك فان أمر صيانتها يتم بالتنسيق مع هذه الجهات، قمنا في الفترة السابقة بإعادة إصلاح وترميم جسر "العلان" ونعمل الآن بالتنسيق مع خط الحديد الحجازي بالعمل على صيانة جسر "تل شهاب" الذي بات مهددا بخطر السقوط نتيجة وجود تسريبات مائية أثرت عليه».