عند تقطع طريق السويداء- القنيطرة من الشرق إلى الغرب على الخط الرئيسي دمشق- عمان- الحجاز، طريق الحج أو طريق الملوك High King Way من الشمال إلى الجنوب.

وعند موقع الشيخ مسـكين تستوقفك لافتة سياحية تقول: (اقصـدوا ألف باء الفن المعماري الكنسي) والمقصود كنيسة القديس جورجيوس للروم الأرثوذكس القائمة في مدينة ازرع.

بنيت الكنيسة فوق أساسات معبد وثني للآلهة ثياندريت كما تشير لذلك الكاتبة والباحثة فهميه نصر الله في كتيبها الصغير عن مدينة ازرع، وذلك أواخر عام 515م أو بداية 516 م وفقاً لتقويم بصرى السائد آنذاك.

والحقيقة أنها البناء الوحيد القائم حتى الآن الذي تتمثل فيه كيفية انتقال الكنائس من الطراز البازليكي المستطيل إلى الشكل المربع الذي تعلوه قبة من الحجر، قائمة على قاعدة مثمنة الشكل. إنها معاصرة لأشهر الكنائس في العالم القديم أمثال: كنيسة سيرجيوس وباخوس في بصرى 512م، كنيسة سانت فيتال في ايطاليا، كنيسة أيا صوفيا في استنبول 535م.

مازالت الكنيسة تحافظ على أصلها الأول، ولعل التغيير الوحيد الذي أصابها قد نتج عن الحروب التي خربت جزءاً من قبتها في أعقاب حملة إبراهيم باشا.

بنيت بكاملها من حجر البازلت الحوراني المنحوت بدقة متناهية، شكلها الخارجي مربع في الضلع الشرقي منها يبرز شبه منحرف، يتضمن حنية الهيكل ويوجد داخل الكنيسة شكل مثمن يتوزع أمام كل ضلع من أضلاعه الثمانية عضادة ضخمة ذات شكل فريد، تتألف الواحدة منها من عدة أضلاع متداخلة ومنكسرة ومنحنية تحمل هذه العضادات فوقها كتلتي القناطر والسقف وكتلة القبة.

ويوجد في كل زاوية من الزوايا الرئيسية الأربعة من الداخل، حنية على شكل غرفة نصف دائرية، يحد كلاً منها وفوق قطرها المنفتح على جسم البناء الداخلي قنطرة جميلة تعلوها نافذة مقوسة.

أعطت الكنيسة مدينة ازرع خلوداً أبدياً وجعلتها قبلة السياحة الثانية بدرعا بعد بصرى العظيمة، تقصدها على مدار اليوم قوافل ومجموعات الزوار والسياح من كل دول العالم، تحدث عنها الباحث منير الذيب في كتابه حوران جنوب سورية كذلك الدكتور الباحث خليل المقداد وأوردها في العديد من كتبه ومؤلفاته.

يقول هنا المختار عمر الفشتكي: إنها من رموز بلدنا الحضارية والمعمارية فكم دخلناها والتقينا بإخوتنا المسيحيين وشاركناهم أفراحهم وأتراحهم وهم كذلك يبادلوننا المشاعر.

بينما أشار أبو إلياس إلى روعة العمارة وروح الحضارة النابض من هذا المكان العزيز على قلوب أهالي وسكان مدينة ازرع والمدن القريبة منه.

وقد روى لنا الكثير من أهالي المدينة أن هذا المكان له كرامات جراء وجود مقام لسيدنا الخضر عليه السلام منها: حادثة الطيار السوري، ففي العام 1973 وأثناء خوض بلدنا الحبيب لحرب التحرير في تشرين الأول فقد أصيبت طائرة أحد طيارينا الحربية وكاد يحترق بها لكنه تمكن من القفز ورأى للحظات هيئة ملائكية تحمله بهدوء وتنزله للكنسية وتبعد الطائرة عن هذا المكان شمالاً حيث يتجمع عدد كبير من الإخوة المواطنين حول الكنسية ولو أن الطائرة سقطت على الكنيسة لكانت مجزرة مروعة قد حصلت لا قدر الله.

وانفجرت الطائرة شمال الكنيسة بحوالي 500 متر بينما سقط الطيار بسلام ويأتي في كل عام ويضحي ضحية لوجه الله تعالى، وهذه إحدى الحوادث الموثوقة التي يتداولها أهالي المدينة حول الصفات العجائبية لكنيسة الخضر مارجورجيوس.