ليست الأعوام الأربعين التي قضاها "أبو حلب" بائع المكسرات مع عربته الخشبية البسيطة وسط "سوق درعا"، هي السبب الوحيد لشهرته بين الأهالي.

بل إن صدق العم "أبو حلب" وأمانته التي اختبرها أهالي "سوق درعا" وزواره هي التي منحته ثقة الناس، يقول السيد "عمار الزعبي" تاجر مجوهرات في سوق "درعا" عن "أبو حلب" خلال لقائنا معه بتاريخ "22/8/2011":

ما زلت محافظاً على شهرتي لأنني لم أتراخى يوماً في عملي، وعلى الرغم من كبر سني إلا أنني سأظل واقفاً إلى جانب عربتي ما دمت قادراً على الوقوف، لأقدم لزبائني القدامى والجدد والذين هم بازدياد دائم والحمد لله، أنظف وأجود أنواع الموالح

«في بداية الثمانينيات وعندما كنت صغيراً آتي مع والدي إلى دكان الصاغة الذي يملكه وسط سوق "درعا" القديم؛ أذكر أنه كان يشتري لي من عربة البزر والفستق التي كانت تقف على زاوية الشارع وإلى جانبها شخص يقال له "أبو حلب"، وبعد مرور عشرا ت السنين أصبحت أنا من يملك محل والدي وأشتري لأولادي من عند "أبو حلب" الذي مازال واقفاً مكانه إلى جانب نفس العربة».

السيد طلال الشريف إلى جانب أبو حلب

"الزعبي" تحدث عن سبب تسمية هذا الرجل "أبو حلب" عندما قال: «بعد أن أصبحت جار "أبو حلب" في السوق وزبونه الدائم في شراء الموالح عرفت منه أن أهالي محافظة "درعا" من زبائن وجيران قد اتفقوا على تسميته "أبو حلب" وذلك قبل /40/ عاماً عندما كان يسافر إلى محافظة حلب كل يوم جمعة لإحضار بضاعته من البزر والفستق».

أثناء لقاء العم "أبو حلب" وبالمصادفة حضر شخص يدعى "طلال الشريف" ليخبرنا بأنه من كان يرافق "أبو حلب" إلى حلب فقال: «قبل /40/ عاماً كنت اصطحب "أبو حلب" بسيارتي الخاصة لينتقي بضاعته من أشهر تجار الموالح ويأتي بها إلى "درعا"، ورغم بعد المسافة ما بين "درعا" و"حلب" إلا أنه كان يصر على الذهاب بنفسه كل أسبوع لإحضار البضاعة ويرفض الاعتماد على أحد ممن كان يرغب بتقديم خدمة المساعدة له».

العم أبو حلب وبعض زبائنه

السيد "سهيل عيسى" الملقب "أبو حلب" حدثنا عن بداياته فقال: «منذ عام /1972/ وأنا أقف مكاني صيفاً شتاءً وبنفس الزاوية من "سوق درعا القديم" وعلى عربتي الخشبية هذه، بداية كنا لا نعرف من الموالح أكثر من "البزر البلدي وبزر النمس والفستق والقضامة" تلك الأنواع التي كنت أحضرها أسبوعياً من مدينة "حلب الشهباء".

وفيما بعد توافرت في "دمشق" نفس البضاعة وبنفس الجودة فأصبحت أذهب مرتين في الأسبوع لآتي بها بنفسي، تلك البضاعة لم تعد عبارة عن /4/ أصناف لا أكثر، فبعد الانفتاح على دول العالم وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير أصبحت ألبي متطلبات المجتمع المحلي من الموالح التي قد تكون مستوردة من "الإمارات، الصين، اليابان، إيران"، وازدادت أصناف عربتي لتصل إلى ما يقارب الخمسين صنفاً منها "فستق ولوز وكاجو وقضامة مدخنة وكاجو بجبنة وبزر جبس بلدي وخلطة يابانية وغيرها الكثير.."».

وعند سؤال "أبو حلب" عن ماذا كانت المحامص الحديثة قد أثرت على عمله أجاب: «ما زلت محافظاً على شهرتي لأنني لم أتراخى يوماً في عملي، وعلى الرغم من كبر سني إلا أنني سأظل واقفاً إلى جانب عربتي ما دمت قادراً على الوقوف، لأقدم لزبائني القدامى والجدد والذين هم بازدياد دائم والحمد لله، أنظف وأجود أنواع الموالح».

يذكر أن السيد "سهيل عيسى" المعروف على مستوى محافظة "درعا" بمدينتها وريفها هو فلسطيني الجنسية من مواليد حيفا عام /1944/، متزوج ولديه من الأبناء /7/ ذكور و/5/ إناث.