لشهر رمضان المبارك في حوران مكانة قدسية وروحانية خاصة تميزه من باقي شهور السنة، حيث تلتقي فيه النفوس وتتسامح، وتتنوع فيه الطقوس والعادات.

في محاولة لرصد طقوس وأجواء رمضان وأشهر العادات والتقاليد المحببة في حوران التقى موقع eDaraa في 8/8/2011 العديد من الأشخاص ليحدثونا عن هذه العادات والتقاليد فقال السيد "صلاح السعيد" من مدينة "الشيخ مسكين": «من أهم العادات التي ما زالت خالدة في الذاكرة الحورانية، تزيين الحارات القديمة والمضافات بالعبارات المرحبة بشهر رمضان وفرش السجاد بعد غسله، وذهاب الناس بعد الإفطار لأداء الواجبات الدينية "التراويح".

في السابق كنا ننتظر قدوم شهر رمضان ببالغ الصبر حتى نرى "أبو طبلة"، واليوم لا تزال هذه العادة وإن ذهبت نكهتها موجودة ببعض الأحياء والمناطق، حيث يجوب المسحراتي الشوارع ليوقظ الناس بصوته العذب الذي يشعرك بمدى الأمان، وعلى الرغم من أنه أصبحت معظم العادات القديمة تتلاشى شيئاً فشيئاً إلا أن عادة واحدة مازلنا نحافظ عليها، وهي قولنا لبعضنا بعضاً "رمضان كريم" و"رمضان كريم للفقراء والمحتاجين"

وانتشار السهرات بين أهالي الحي ولعب المنقلة والطاولة، ومن العادات التي كانت قديماً التوجه إلى المقاهي الشعبية "القهوة"، والاستماع إلى الحكواتي والقصص الشعبية القديمة، التي يتحدثون فيها عن الحكايات والقصص التاريخية التي تصف بطولات وشجاعة بعض الشخصيات العربية القديمة، وأهمها "الزير سالم" و"قيس وليلى"».

السيد جاسم المحمد

الأستاذ "حسني البخيت" مدرس فلسفة من قرية "مساكن جلين" شاركنا الرأي بهذا الموضوع فقال لنا: «في السابق كنا ننتظر قدوم شهر رمضان ببالغ الصبر حتى نرى "أبو طبلة"، واليوم لا تزال هذه العادة وإن ذهبت نكهتها موجودة ببعض الأحياء والمناطق، حيث يجوب المسحراتي الشوارع ليوقظ الناس بصوته العذب الذي يشعرك بمدى الأمان، وعلى الرغم من أنه أصبحت معظم العادات القديمة تتلاشى شيئاً فشيئاً إلا أن عادة واحدة مازلنا نحافظ عليها، وهي قولنا لبعضنا بعضاً "رمضان كريم" و"رمضان كريم للفقراء والمحتاجين"».

أما الدكتور "علي عياش" فقال: «لا تزال العادات ذات البعد الاجتماعي متداولة في ريفنا الحوراني، وأهمها عادة "السكبة" أي "الطعمة" العادة الأصيلة والتي لها دلالات طيبة، حيث يتبادل أهالي الحي ما يتم طبخه، بحيث يتناول معظم أهالي الحي طعام بعضهم بعضاً على الإفطار أو السحور، وهذه عادة ما زالت موجودة في قرانا الطيبة‏، ومن أجمل الأشياء في شهر رمضان المبارك هي لمة "العيلة" التي تكون لها خصوصيتها ونكهتها، حيث يجتمع أفراد الأسرة على سفرة رمضان على الإفطار ويتوسطهم كبير العائلة مع أبنائه وأحفاده».

شراء هدية العنية

عادات جديدة باتت تدخل إلى طقوس رمضان وهنا يقول "شادي الراشد" موظف بمديرية الزراعة: «كانت تنتشر في مدينة "درعا" العام الماضي الخيم الرمضانية التي تزيد طقوس رمضان جمالاً، حيث تقدم برنامجاً يومياً يكون أحد مكوناته الحكواتي الذي يقوم بتقديم قصة وحكاية قديمة يومياً، يرافقها تقديم وجبات الطعام ومنها الأكلات الرمضانية والحلويات الرمضانية الخاصة.

بالإضافة للمشروبات في جو رمضاني خلاب، لكن اليوم الأجواء في المدينة حدّت قليلا من هذا الأمر في بداية الشهر الكريم وستبدأ الانطلاق بعد أيام، ومن الأجواء الرمضانية اكتساء الأسواق والمحال التجارية بالخيرات، وتلونها بشتى أنواع السلع والخضراوات والفواكه والمشروبات الرمضانية كالسوس والتمر الهندي، وأكلة القطايف والناعم الضيف الجديد».

الدكتور علي عياش

الأطفال لهم أهازيج خاصة وطقوس خاصة نقلها لنا السيد "نضال خليف" من قرية "اليادودة" فقال: «يضيف الأطفال شكلاً كبيراً من أشكال البهجة على الشهر الكريم، حيث يجولون الحي الذي يقطنون به بشكل أسراب مرددين أهازيج خاصة بهذا الشهر من التراث الحوراني القديم، مثل "رمضان جانا جانا وفرحنا له من جوانا، وفردنا له جنحانا".

طبعاً بالإضافة إلى الأطباق الرمضانية التي تشتهر بها حوران، مثل "المزنرة" وهي أكلة "حورانية" عريقة، إضافةً للأطباق التالية الشيشبرك أي "آذان الشايب" والكباب والزقاريط والمكامير والمليحي والفطاير».

وقال السيد "جاسم المحمد" عن بعض عادات الشهر الكريم: «يتميز رمضان في "حوران" بدعوات الإفطار العائلية شبه اليومية، حيث تقيم العائلة يومياً الإفطار عند أحد الأبناء، وتوزيع طعمة رمضان على الأخوات "العنية"، وعادة ما تكون "فروج ني" أو مقدار ثمنه نقوداً تعطى للعنية، حيث لصلة الرحم علامة بارزة في هذا الشهر وتعد من أبرز عادات "درعا" الرمضانية.

ويتزامن هذا الشهر فترة التحضير للمؤونة والمدارس، حيث يبدأ الناس استعداداتهم لمؤونة الشتاء بأصنافها المتعددة والمتنوعة، بالإضافة للاهتمام بأهم الأكلات الحورانية التي تقدم على موائد الإفطار خلال شهر رمضان وتتمثل في المنسف والفريكة والشاكريه والشوربات والسلطات المتعددة إضافة للحلويات المهمة القديمة وأهمها، "الزلابيا واللزاقيات" ثم "البسيسة" التي اندثرت تقريباً، وقوامها طحين مع دبس وعادةً ما يستخدمها الفقراء لرخص ثمنها».