غصم قرية في منطقة حوران، ذات تراث ومركز حضاري مرموق لقربها من مدينة "بصرى"، تمتاز بوجود آثار رومانية وبيزنطية وإسلامية منتشرة في البلدة القديمة، كبقايا الكنائس والأبنية والمساجد والآبار والقناة الرومانية التي تعد قمة في الفن الهندسي.

السيد "يوسف الحسين" رئيس بلدية "غصم" تحدث لمدونة وطن eSyria عن التركيبة السكانية للقرية قائلاً: «"غصم" تبعد عن مدينة "درعا" 30 كم وهي واحدة من بلدات شرق المحافظة على منتصف الطريق بين مدينتي "درعا" و"بصرى الشام"، وتمتاز بالتطور العمراني الواضح وبتوجه أبنائها نحو الاغتراب بكثرة. تبعد عن "بصرى الشام" 8 كم، وعن قرية معربة 3 كم، مساحتها 64 الف دونم، وقد اعتمدت على وادي الزيدي في تأمين مياه الشرب إضافة إلى بعض البرك القديمة، وتشتهر القرية بزراعة الحبوب وأشجار الزيتون والحمضيات بالإضافة إلى الخضار، ما جعل اغلب الأهالي يعملون بالزراعة، وأبرز منتجاتها العسل».

تشكل نسبة التعليم بين أبناء القرية 100 بالمئة، حيث لا يوجد فيها أمي واحد، وكذلك في الآونة الأخيرة بات أهل القرية يعتمدون على المغتربين من أبنائها، ويوجد في القرية الكثير من السياسيين والمفكرين والشخصيات المهمة في القطر

ويقول السيد "سليمان حويلة" من أهالي القرية عن العائلات الرئيسية وعدد سكان القرية: «عدد سكان قرية "غصم" حوالي 6500 نسمة، القرى المجاورة لها "معربة، بصرى، مدينة الجيزة، المتاعية، ندى، السهوى"، والعائلات الرئيسية فيها "المقداد، الحويلة، الكفري، المشاكل، الشدايدة، النعسان، الحمصي"، وفي غصم مجموعة مثقفة وواعية، وقد عرفت القرية على مستوى المحافظة باسم غصم الثورة سابقا لتاريخها النضالي في دحر المستعمرين عن المنطقة والوطن».

أثار قديمة

خرجت هذه القرية الكثير من السياسيين والمفكرين والشخصيات المهمة في القطر وهنا تقول السيدة "صباح محمد شريف الكفري" من سكان القرية: «تشكل نسبة التعليم بين أبناء القرية 100 بالمئة، حيث لا يوجد فيها أمي واحد، وكذلك في الآونة الأخيرة بات أهل القرية يعتمدون على المغتربين من أبنائها، ويوجد في القرية الكثير من السياسيين والمفكرين والشخصيات المهمة في القطر».

أما معنى اسم القرية ومدلولاته فيقول عنه السيد "ياسين الكفري": «كانت تعرف القرية سابقاً "القاسم" أيام الدولة العثمانية، ولا يزال هذا الاسم مكتوبا على محطة القطار باسم محطة "القاسم" إلى يومنا هذا، وقد عرفت القرية أيضاً على مستوى المحافظة باسم "غصم الفقر"، حيث ورد في الكتب التاريخية ذكر اسم القرية في كتاب البداية والنهاية لابن كثير، وهو من وثق الكتب التاريخية، وطريقته في عرض التاريخ بحسب السنوات. ما يؤكد قدم القرية وأيضاً العثور على قطع نقدية وآثار بيزنطية ورومانية وجدت في هذه القرية، وهناك رواية تقول إنه سابقاً اسمها "المتوهجة" وهو اسم روماني، وأيضاً يقال إن اسمها كان غصن الزيتون، حيث كانت تشتهر بزراعة الزيتون ثم تحولت مع الزمن إلى "غصم"».

السيد سليمان حويلة

تزخر القرية بالعديد من الآثار وعنها يقول المهندس "أحمد علي" مدير آثار "بصرى الشام" التي تتبع لها القرية إدارياً: «من يمر بالقرية يشاهد فيها آثاراً رومانية وبيزنطية وإسلامية، وخاصة في مركز البلدة القديمة كبقايا الكنائس والأبنية والمساجد والآبار، والقناة الرومانية التي تعد قمة في الفن الهندسي، من حيث طريق الجريان وصولاً إلى المصب في بركة رومانية أيضاً، وأيضاً "خربة الصهب" على طرف القرية من الجنوب التي تضم أحجاراً رومانية قديمة. يعتقد انها كانت مسكونة منذ العصر القديم الروماني.

وبالقرب من القرية يمر الطريق الروماني القادم من "بصرى" إلى "درعا"، كما تمر في القرية السكة الحديدية الحديثة، فضلاً عن المحطة العثمانية فقد كانت تعرف محطة القطار في هذه القرية أيام الدولة العثمانية باسم محطة القاسم، ولا تزال هذه المحطة موجودة إلى يومنا هذا، وتحمل في أعلاها اسم المحطة على لوحة رخامية بيضاء، ومجموعة الخرب الأثرية، والمسجد والكنيسة محاذيان لبعضهما ما يؤكد الصلة والتواصل والتراحم الديني في القرية من الزمن البعيد».

خلايا النحل المنتشرة بالقرية

نسج أبناء "غصم" قصصاً بطولية على ميادين وطنية في دحر المستعمر عن حوران والوطن وهنا يقول الباحث والكاتب "أحمد عطا الله الزعبي": «نسج أبناء غصم قصصا بطولية ففي عام 1918 تم لقاء الرموز النضالية في هذه القرية باجتماع سري مع سيد السهل الأخضر "طلال حريذين"، من أجل مناصرة الثورة العربية الكبرى، وبعد هذا الاجتماع العاجل تم التخطيط من أجل تسديد ضربات قاتلة للمستعمر التركي، ومن أشهر المعارك التي أنزلت ضربات قاتلة في صفوف القوات التركية معركة طاحنة قام فيها رجال "غصم"، وهي نصب كمين في جنوبي قرية "نصيب" على الحدود الأردنية- السورية، وتم زرع الألغام وتدمير القطار الذي يقل القوات التركية والاستيلاء على الأسلحة.

ولم تنته أدوار "غصم" النضالية ولم يتخل رجالها عن السلاح بل ازداد إيمانهم وتمسكهم بالقضايا الوطنية، ففي يوم 29 أيار 1945 اندفعت موجات من القوات الشعبية القادمة من جهة الشرق عبر السكة الحديدية، منطلقين من "بصرى" مرورا بقرية "معربة" حتى وصلوا قرية "غصم"، وحينها صعد على القطار رموز نضالية من "غصم"، وكانت زغاريد النساء تشق عنان السماء من أجل شحن وتزويد الرجال بالحماسة الوطنية، بالإضافة إلى الأناشيد والأهازيج، وحين وصولهم مدينة "درعا" تقدموا لتطويق المعسكر الفرنسي "المذخر"، وحينها استبسل المجاهد "حسن حسين المقداد" حينما شاهد استشهاد "دهش وغالب المقداد"، وكان حسن دقيقاً في رمايته وعلى الفور صاح صوتاً عنيفاً شق عنان السماء، فسدد بندقيته ورمى اثنين من الجنود الفرنسيين قتلى، فهذا الرد السريع لثأر الشهداء وجرح "محمد فيصل المقداد" الذي أصيب في هذه المعركة والتي كانت نتيجة مخاضها جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض حوران وبالتالي عن الوطن».