إحدى قرى سهل حوران التي تشكلت من 7 تجمعات صغيرة، تشتهر بمدافن "الدولمن" التي تعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام، والينابيع العذبة التي تنتشر في القرية والتي يزيد عددها على 20 نبعاً، لتصبح تلك الأرض التي تزينها الأشجار والخضرة على مدار العام ملاذاً يقصده جميع السياح.

"مدونة وطن -eSyria" زارت القرية والتقت السيد "فارس السعيد" من أهالي هذه القرية والذي تحدث عنها بالقول: «تقع قرية "عين ذكر" على تخوم الجولان المحتل، إلى الجنوب الغربي من مدينة "نوى"، وتحيط بها قرى "نافعة، بيت آره، كويا، جملة، عابدين"، عدد سكانها والمزارع التابعة لها حوالي 2500 نسمة، وتمتاز بكثرة المياه والأراضي الرعوية والزراعية، وهي أرض جميلة تزينها الأشجار والخضرة على مدار العام، ولهذا السبب تمسكت فيها العديد من القبائل العربية أهمها قبيلة "ولد علي" التي مازالت تقطنها إلى يومنا هذا».

كانت القرية سابقاً يطلق عليها "نقرة ابن سمير"، والتي باتت تعرف إدارياً باسم "عين ذكر"، لا يعرف اسمها القديم وإن كان ثمة اعتقاد بوجود صلة بالماء، ولاسيما أن الزائر الذي يقصدها يشاهد ثلاثة ينابيع صافية، بالإضافة إلى طبيعة المكان الصخرية مع تربة سوداء داكنة غاية في الخصوبة، مع غابات من الكينا الخضراء النضرة والتي تزيد أعمارها على مئة عام على أقل تقدير

السيد "أحمد البخيت" من سكان القرية ذكر بالقول: «تتشكل قرية "عين ذكر" من 7 تجمعات صغيرة، تجمعت تحت اسم "عين ذكر" هي "الشيخ حسين، أبو حارتين، القرية الغربية، عين ذكر، المسريتية، صيصون، الويحق، وهي تتبع لناحية "الشجرة".

مدافن الدولمن

تجمع قرية "عين ذكر" بين الهدوء شبه التام وبين جمال المظهر حيث تعتني الناس ببناء بيتوهم، يتميز مناخها بالمعتدل نهاراً والبارد قليلاً في أوقات الليل خلال فصل الصيف، أما في فصل الشتاء فهو بارد في أغلب مناطقه، لذلك ترى أغلب أبناء المحافظة يقصدونه صيفاً للتمتع بالطبيعة اللطيفة، وشتاءً يبتعدون بسبب البرد القارص لكونها قريبة من هضبة الجولان الباردة».

وعن العائلات التي سكنت القرية والعادات والتقاليد التي تتميز بها يقول السيد "محمد سمير" من أهالي القرية: «ما زال الناس في القرية محافظين على العادات والتقاليد العربية البدوية الأصيلة، من إكرام الضيف وحماية الدخيل ومساعدة الفقير، وكان هنالك قديما أكبر قاضي دم في سورية هو القاضي "هزاع الحمد" من قبيلة "ولد علي" رحمه الله، وكان من الرجال القليلين في المنطقة ذا حكمة وعقل كبيرين وكان قاضي قضاة الدم، وأيضاً الشيخ "متعب السمير" الذي له أياد بيضاء كثيرة في عمل الخير ومساعدة الناس، حيث لم يدخل بيته أي إنسان ذي حاجة وخرج دون مساعدة، وتم تكليفه بالجاهات والصلحات على مستوى سورية كاملة، وأهم صلحة قام بها، هي حادثة البدو في اللجاة مع الدروز في محافظة "السويداء"، حيث تم تكليفه رسمياً من أعلى السلطات السورية بهذه المهمة الكبيرة جداً وقام بحلها».

الشيخ متعب السمير

السيد "حمدان البخيت" أحد السكان القاطنين في القرية قال: «يمنح واديا "اليرموك والهرير أو الطعيم" ميزة كبيرة للقرية وهما من أهم معالمها الآثرية، حيث يقع وادي اليرموك جنوب القرية ويمتد من "عين ذكر" إلى قرية الحمة، وهو واد انهدامي ضيق ينخفض عن سطح البحر 150 م في قرية الحمة، بينما ينخفض عن الأرض المجاورة بين 200 – 300م. بعرض يتراوح بين 200م إلى 2كم، وتمر في هذا الوادي سكة حديد "دمشق– درعا– تل شهاب– الحمة"، بينما وادي "طعيم" يزرع فيه أهالي القرية جميع أنواع الخضار، وسمي بوادي "طعيم" بسبب كثرة الأشجار المزروعة فيه والتي يعتمد الأهالي عليها في المؤونة السنوية».

الشيخ "متعب السمير" شيخ القرية التي كانت تعرف إداريا باسم "نقرة ابن سمير" حدثنا عن المدينة بالقول: «كانت القرية سابقاً يطلق عليها "نقرة ابن سمير"، والتي باتت تعرف إدارياً باسم "عين ذكر"، لا يعرف اسمها القديم وإن كان ثمة اعتقاد بوجود صلة بالماء، ولاسيما أن الزائر الذي يقصدها يشاهد ثلاثة ينابيع صافية، بالإضافة إلى طبيعة المكان الصخرية مع تربة سوداء داكنة غاية في الخصوبة، مع غابات من الكينا الخضراء النضرة والتي تزيد أعمارها على مئة عام على أقل تقدير».‏

غابات الكينا الخضراء النضرة

السيد "ياسر أبو نقطة" باحث آثار تحدث بالقول: «أخذت القرية الواقعة في أقصى شمال غرب المحافظة شهرتها، وذلك من خلال وجود مدافن "الدولمن" التي تعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام خلت في ذلك الحقل الصخري الذي يضم نحو مئتين منها،‏ حيث يمثل الجنوب السوري جزءاً مهماً من الاكتشافات المتعلقة بالدولمن المدافن المقدسة، إذ ظهرت في موقع "عين ذكر" عدة قبور من طراز الدولمن دلت على أن الإنسان هناك عرف الدفن في القبور، ولو بشكلها البدائي قبل نحو 5000 عام، وهي فترة العصر الحجري النحاسي».

يتابع: «يدل انتشار هذه المدافن على أن إنسان تلك العصور بحث عن المادة الأولية لبناء القبور وهي الكتل الحجرية الكبيرة التي نتجت عن البراكين الثائرة قبل آلاف السنين، لتشكل هذه المدافن سبيلاً للتعرف على حضارات هذه المنطقة، والآثار تدل على أن قبور الدولمن الموجودة في "عين ذكر ودرعا" تمتاز بضخامتها التي توحي بأن إنسان في تلك العصور كان عملاقاً وقويا ًويزيد طوله على إنسان هذه الأيام بمتر إلى متر ونصف المتر، كما تدل المظاهر الأولية للأشخاص المدفونين بأنهم رعاة متنقلين يبحثون عن الماء والكلأ، إضافة إلى وجود بيوت دائرية ومستطيلة ومربعة بجوار الدولمن، ورموز ورسوم حيوانية غير مكتملة الدلالات، ما يدل على أن جنوب سورية تمتع منذ أقدم العصور بالخصوبة وكثافة مصادر المياه».

السيد "محمد خالد السعيد" من سكان القرية أضاف بالقول: «كميّات هطول المطر الغزيرة التي تشهدها القرية سنوياً جعلت أراضيها الأغنى بالينابيع، حيث يوجد في القرية أكثر من 20 نبعاً، ويستمر جريان بعضها على مدار العام، والبعض الآخر ينقطع ليعود مجدداً في وقت آخر من السنة، وبإمكانك أن تتوقع أن يتفجر عين تحت قدميك بينما تخطو، ويستمر تدفق مياه الينابيع على مدار السنة ويكون شهر آذار هو الأغزر بالنسبة لها.

ويوجد في البلدة عدة ينابيع دائمة الجريان خلال فترة السنة، تتوزع من مناطق مختلفة في القرية، حيث تحصل القرية على مياه الشرب من هذه الينابيع ودون ضخ».