لا تزال أوابد مدينة "بصرى" الأثرية شاهداً حاضراً على عظمة المراحل التاريخية التي مرت على المدينة، ومن أهم الآثار في تلك المدينة مسجد "مبرك الناقة" الذي يعد أقدم مبنى أثري قائم في سورية، وهو المكان الذي بركت فيه ناقة الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم، التي حملت أول نسخة من القرآن الكريم إلى بلاد الشام.

وعن سبب تسمية المسجد وأهميته الأثرية والدينية تحدث لموقع eDaraa الآثاري "علاء الصلاح" بتاريخ 15/1/2012 عن تاريخ بناء الجامع وأهميته الأثرية والدينية وهنا يقول: «يعود تاريخ بناء الجامع كما أشارت بعض الروايات إلى بداية العهد الإسلامي، ويعتقد أن المسجد يشير إلى المكان الذي بركت فيه ناقة الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم التي حملت أول نسخة من القرآن الكريم إلى بلاد الشام، أثناء زيارته للمدينة وهو صغير، أو أُقيم في المكان الذي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام وذلك عند مروره بمدينة "بصرى"، وهناك بشر به الراهب النسطوري "بحيرا".

يكتسب الجامع أهمية خاصة في تاريخ العمارة الإسلامية، حيث يعتبر أقدم مبنى أثري قائم في سورية انشئ ليكون مدرسة دينية، ولا توجد له أية نماذج أقدم منه قائمة في سورية، يتألف المسجد من 3 أقسام لكل منها محراب، وفيه بلاطة يقال إن ناقة الرسول الكريم ناخت فوقها، وقد بنيت البلاطة مجدداً عام 530هـ / 1135م. والحالة الراهنة للمسجد ممتازة، وربما ترجع إلى استخدامه في القرن التاسع عشر كضريح، ويحمل الجزء الشمالي للجامع تقاليد الفن الروماني ببنائه ونقوشه. أما الجزء الشرقي فقد جدد بناؤه في عصور متلاحقة، تحيط بالجامع مقبرة قديمة تعود إلى عصور الرومان والأنباط والمسلمين

ويوجد أمام محراب المسجد في الزاوية الجنوبية الغربية من بيت الصلاة، حجر مربع الشكل يحمل عدة فجوات تم تفسيرها بأنها آثار ركب الناقة التي حملت النبي "محمد" إلى المدينة. ولا توجد في سورية أية نماذج لمدارس أقدم منه، والحالة الراهنة للمسجد ممتازة، وهو يقع في الزاوية الشمالية الشرقية من سور المدينة، وصار مركزاً ثقافياً للتدريس، وكان استخدامه في القرن التاسع عشر كضريح لـ"محمد باشا" ابن خديوي مصر "عباس الأول" الذي توفي في منطقة مجاورة لمدينة "بصرى" في عام 1854 م خلال رحلة دراسية».

البلاطة الحجرية التي وطأت عليها ناقة الرسول

وعن عمليات الترميم للمسجد يقول: «تم الترميم الأول للمسجد على يد نائب ملك مصر "سعيد باشا"، حيث أعيد بناء القبة وإصلاح الإيوانات الجانبية وتجديد بلاط الصحن وتغطية الجدران الداخلية بطبقة من الجص، وأخيراً تمت رعاية جميع أجزاء المبنى خلال فترة امتدت من عام 1986 إلى عام 1989. ‏

وبنيت إلى جانبه المدرسة الدينية لتدريس المذهب الحنفي عام 530هـ/1136م. ويعد أقدم مبنى أثري قائم في سورية أنشئ ليكون مدرسة دينية. وهذا المسجد يلاصق الزاوية المحصنة للمدينة التي يحتوي جزء صغير منها على نقش كتابي يوناني في حالة سيئة بفعل العوامل الجوية مدمج في الجدار الغربي لغرفة المدفن، وهذا النقش يشير إلى أن كل السور الروماني تقريباً قد اندثر».

السيدة وفاء العودة

ذكريات تاريخية عظيمة متعاقبة يقترن فيها اسم المسجد وهنا تقول السيدة "وفاء العودة" مديرة آثار "بصرى": «يكتسب الجامع أهمية خاصة في تاريخ العمارة الإسلامية، حيث يعتبر أقدم مبنى أثري قائم في سورية انشئ ليكون مدرسة دينية، ولا توجد له أية نماذج أقدم منه قائمة في سورية، يتألف المسجد من 3 أقسام لكل منها محراب، وفيه بلاطة يقال إن ناقة الرسول الكريم ناخت فوقها، وقد بنيت البلاطة مجدداً عام 530هـ / 1135م. والحالة الراهنة للمسجد ممتازة، وربما ترجع إلى استخدامه في القرن التاسع عشر كضريح، ويحمل الجزء الشمالي للجامع تقاليد الفن الروماني ببنائه ونقوشه. أما الجزء الشرقي فقد جدد بناؤه في عصور متلاحقة، تحيط بالجامع مقبرة قديمة تعود إلى عصور الرومان والأنباط والمسلمين».

يميز المكان المحيط بالجامع العلاقة الوطيدة بين الديانتين الإسلامية والمسيحية التي يسعى لرؤية ولادة هذه العلاقة زمانياً ومكانياً مسيحيو العالم ومسلموه وهنا تقول: «ما جعل المدينة والمكان المحيط بالجامع محط أنظار الجميع هو تجاور الأوابد الأثرية للديانتين المسيحية والإسلامية، فليس أروع ولا أجمل من حالة الانسجام والتلاحم بين الجامع العمري وجامع "مبرك الناقة" والجامع الفاطمي من جهة، وبين جيرانها الكاتدرائية و"دير الراهب بحيرا"، فالسائح الذي يزور دير الراهب "بحيرا" والكاتدرائية يطلب من السياحيين زيارة جامع "مبرك الناقة" والجامع العمري، كما أن العلاقة بين هذه الآثار في مدينة "بصرى الشام" بين الديانتين هي علاقة تبشيرية، حيث بشر الراهب "بحيرا" من ديره بنبوة الرسول "محمد" صلى الله عليه وسلم الذي زار مدينة "بصرى الشام"، وبني في مكان إقامته بالقرب من دير الراهب "بحيرا" جامع مبرك الناقة.

البلاطة الحجرية

وهذا معناه أن في مدينة "بصرى الشام" علاقة وطيدة بين الديانتين الإسلامية والمسيحية يسعى لرؤية ولادة هذه العلاقة زمانياً ومكانياً مسيحيو العالم ومسلموه، وهذا التلاحم يعتبر نموذجاً حياً ويكاد يكون وحيداً لمجمع الآثار الدينية في منطقة واحدة».