بلدة "معربة" إحدى بلدات منطقة "بصرى" في محافظة "درعا" تحمل تراثاً وحضارةً متعاقبة لكونها مركزاً حضارياً مرموقاً، بسبب قربها من مدينة "بصرى" فهي نموذج حي على فعالية المجتمع الأهلي، تتميز البلدة التي تقع في سهل "حوران" بتربتها الخصبة البركانية وزراعة الحبوب، ودخول زراعة الزيتون حديثاً إليها، بمناخها المعتدل.

إضافة لغناها باللوحات الفسيفسائية، وبقايا المباني الأثرية كالقبور والأحجار المصفوفة، ولكونها كانت استراحة للأباطرة الرومان أثناء قيام عاصمتهم في "بصرى الشام" التي تبعد عن البلدة /7/ كم.

كانت البلدة مركزاً للمقاطعة الرومانية في الشرق، وهو ما ترك مزيداً من المؤشرات على وجود آثار رومانية وبيزنطية وإسلامية منتشرة في وسط البلدة القديمة "لمعربة"، كالآبار والبرك والجامع الكبير والقصور المتميزة والكنائس ولوحة الفسيفساء ذات النقوش البديعة المكتشفة بالقرب من الجامع القديم مباشرة، والتي تعود إلى الفترة البيزنطية، لذلك البلدة اليوم تحمل تراثاً ومركزاً حضارياً مرموقاً لقربها من مدينة "بصرى" الهامة في تلك المنطقة

موقع eDaraa في 29/1/2011 التقى مع الموطن "خالد عبد الرحيم المقداد" الذي حدثنا عن علاقته بالبلدة بالقول: «عشت منذ صباي في بلدة معربة التي تتميز بأمور كثيرة، ففي مجال الزراعة اشتهرت بزراعة الزيتون حديثاً، والتي أصبحت إحدى مصادر الدخل للمواطنين، عدا غناها بالمواقع الأثرية وتراثها القديم لكونها قريبة من مدينة "بصرى" الأثرية، ولكونها كانت محط القوافل والحجاج سابقاً تبعد عن مدينة "درعا" 35 كم، وعن مدينة "بصرى" 7 كم، وعن "دمشق" 130 كم.

جامع البلدة القديم

ويبلغ عدد سكانها 13 ألف نسمة، وترتفع عن سطح البحر 800 كم، يمر بجانبها وادي "الزيدي" ووادي "الرقيق"، تقوم فيها زراعات عديدة يعتمد عليها السكان في تحقيق الاكتفاء، وقد كانت هذه الأراضي تسقى من الأودية المجاورة لها.

وتشتهر البلدة بالعلاقات الاجتماعية، والتي تتجلى واضحة في مناسبات القرية من أفراح وأتراح، وبمشاركة واسعة من كافة الفئات حتى وكأنك تشعر بأن أهل القرية عائلة واحدة، وإن لمستوى التعليم البارز دورا كبيرا في تجاوز العلاقات العشائرية المحدودة والنزعات الطائفية البغيضة».

الدائرة الخضراء -بصرى-، أما الدائرة الصفراء -بلدة معربة-.

مختار البلدة "علي المصلح" حدثنا عن أهل بلدة "معربة" وأهم العائلات الموجودة فيها هنا يقول: «بلدة "معربة" كباقي بلدات وأحياء "حوران"، لا تخلو من عائلاتها الأصلية التي سكنتها من مئات السنين، تعود أصول السكان إلى عائلات متعددة ولكن تجمعهم قيم أخلاقية وسلوكية رفيعة وسامية من كرم وشجاعة ومحبة وأمانة، ومن تلك العائلات "المقداد" ومنهم "المصلح، الشوخ، الطوقان، المحمود"، بالإضافة "للكفري، الزنيقة، العامر، الشقران، البلخي، الكلش"، ويوجد في البلدة عدد من العائلات المسيحية أيضاً.

كرم وطيب أهل البلدة حديث السياح الذين يقصدونها صيفاً، وهم يروون عنها حكايا الكرم والمروءة والوفاء، ويعتبر سكان البلدة أن كرمهم ومحبتهم لبعضهم بعضا ولهجتهم وعاداتهم وتقاليدهم هي امتداد للمدينة عبر التاريخ».

السيد خالد المقداد

الآثاري "ياسر أبو نقطة" حدثنا عن أهم الآثار الموجودة بالبلدة وأهم الفترات التي مرت عليها فقال: «كانت البلدة مركزاً للمقاطعة الرومانية في الشرق، وهو ما ترك مزيداً من المؤشرات على وجود آثار رومانية وبيزنطية وإسلامية منتشرة في وسط البلدة القديمة "لمعربة"، كالآبار والبرك والجامع الكبير والقصور المتميزة والكنائس ولوحة الفسيفساء ذات النقوش البديعة المكتشفة بالقرب من الجامع القديم مباشرة، والتي تعود إلى الفترة البيزنطية، لذلك البلدة اليوم تحمل تراثاً ومركزاً حضارياً مرموقاً لقربها من مدينة "بصرى" الهامة في تلك المنطقة».

السيدة "وفاء العودة" رئيسة دائرة آثار "بصرى الشام" تحدثت عن مجموعة الآثار المكتشفة والموجودة في "معربة" بالقول: «تحتوي البلدة على العديد من الآثار المهمة، لذلك قامت دائرة الآثار في "بصرى" لاستملاك جزء من البلدة القديمة ذات الطابع الأثري، تم العثور على مدفن بيزنطي في بلدة "معربة" منذ عامين يتألف من أربعة قبور، وله مدخل رئيسي عبارة عن بوابة حجرية أمامها قاعة أو فسحة صغيرة، وعثر في هذه القبور العديد على المكتشفات الأثرية الهامة، المدفن الأول وجد فيه "مكحلة فخار" ذات شكل اسطواني يضيق باتجاه الفتحة وباتجاه الأعلى لها عروة واحدة والشفة مفتوحة قليلاً للخارج والبطن محزز، وكسر زجاج وفخار، بالإضافة لأربع أساور نحاسية متأكسدة، بينما وجد في بقية القبور مكحلتي فخار ذواتا شكل اسطواني، وثلاث أساور حديدية عليها طبقة من الصدأ، وست أساور نحاسية متأكسدة وقطع نحاسية مهترئة على شكل حلقة».

"حسن المصلح" رئيس مجلس البلدة حدثنا عن أهم الميزات في البلدة بالقول: «تمتاز بلدة "معربة" بخصوبة أرضها في السنوات الماطرة، وهو ما وفر زراعة الأشجار المثمرة ومنها الزيتون والكرمة، وهي ثاني بلدة بالمحافظة تقوم بتمويل "دمشق" و"درعا" بالطيور الداجنة لكونه يوجد فيها أكثر من 150 مزرعة دجاج، وتشتهر بزراعة الحبوب في الأعوام الماطرة وتنتشر فيها ورشات حرفية عديدة، ويوجد في البلدة وحدة إرشادية زراعية ومركز لطب الأسرة، ووحدة ثقافية.

بالإضافة لوجود 8 مدارس، وتتميز بشبكة مياه حديثة وشبكة طرق معبدة تشهد كل عام توسعاً لتخديم الأحياء الجديدة على امتداد مخططها التنظيمي، وشبكة صرف صحي تغطي إحياءها كافة، وتمتاز البلدة بكثرة الشباب المثقفين والحاصلين على الشهادات العليا رسالة ماجستير وحملة الدكتوراه في كافة الاختصاصات العلمية والنظرية، إضافة إلى حملة الشهادات الجامعية والباقي ما زالوا في طور التعلم في شتى المراحل التعليمية وبإعداد كبيرة».

كما تضم "معربة" معالم بارزة، تعبر عن الأهمية التاريخية للمدينة وهنا يقول رئيس مجلس البلدة: «يوجد في البلدة بعض اللوحات الفسيفسائية، وبقايا المباني الأثرية كالقبور والأحجار المصفوفة بعناية فيما ترجح بعض المصادر إن البلدة كان يوجد فيها مخازن للزراعة ومستودعات الحبوب، وكانت أيضاً عبارة عن تجمع للخدم والعسكر التابعين لمقر الإمبراطورية الرومانية.

كما تضم البلدة القديمة المسجد الكبير الذي يقع وسط البلدة، وهو مبني على أنقاض جامع قديم وجدد بناؤه عام /1351/ للهجرة، له مئذنة مربعة تقع في الزاوية الشمالية الشرقية له مدخلان من الجهة الشمالية وأبعاده 32 ×14 م، ويحوي الجامع من الداخل رواقين من القناطر ترتكز على أعمدة اسطوانية تحمل سقفا من الحجر الأسود القطاعيات، ويصل ارتفاع هذا الجامع إلى أحد عشر متراً ولا يزال يصلى فيه».