تمكن الدكتور "رئيف المهنا" أستاذ العمارة في جامعة "دمشق"، من الحصول على عدة جوائز محلية وعالمية، لابتكاره تصميم منزل في بلدة "بصير"، دون أعمدة، موفراً بذلك الوقت والتكاليف، بعد أن راعى كافة الشروط الفنية للبناء.

يقول السيد "منيرالذيب" باحث في قضايا التراث لموقع eDaraa:

حصل التصميم على جوائز متعددة أهمها: جائزة "الآغا خان" العالمية في العمارة، وشهادة منظمة "الوايبو العالمية" للحماية الفكرية، وجائزة المستوطنات البشرية الصادرة عن منظمة "الهابيتا" الموئل، وجوائز المشروع المعماري والأكاديمية الدولية المعمارية في "صوفيا" بلغاريا

«اعتمد الدكتور "رئيف المهنا" في بناء منزله على القناطر الحجرية والاسمنتية، بدلاً من استخدام الأعمدة، وقد برع في التصرف بهندسة النوافذ والأبواب بما يناسب البناء، وراعى إمكانية توافر الشروط الصحية من شمس وتهوية وغيرها، وكان هذا النوع من البناء موجوداً في زمن الأنباط والرومان، وهو هندسة سورية».

وذكر السيد "رياض السهو"، مهندس معماري: «إن المنزل عبارة عن بناء من الحجرالأزرق الذي تشتهر به منطقتنا، ويحقق العزل الحراري حيث يكون دافئاً في فصل الشتاء وبارداً في الصيف، وقد استخدم فيه الحجر البازلتي، كعناصر حاملة في الجدران والأسقف، وتم الاستغناء عن البيتون المسلح والحديد بتاتاً، في الوقت الذي تم فيه اعداد التصاميم والحسابات اللازمة لذلك».

أما السيد "أيهم المهنا" رئيس مجلس بلدية "بصير" فقال: «كان ارتفاع أسعار مستلزمات البناء وخاصة الحديد، الحافز الأهم لابتكار طريقة جديدة بالبناء لتوفير تكاليفه، وبالفعل استطاع الدكتور "رئيف" بناء منزل يؤدي هذا الغرض، يواكب الحاضر ويحافظ على أصالة الماضي، وقد أصبح هذا البناء نموذجاً يحتذى به في القرية والقرى المجاورة، فقد تم نقل طريقة البناء إلى عدد من مساكن القرية، وعدداً من المناطق المجاورة، بعد أن أدخل الحجر الكلسي الأبيض في البناء والنقوش المتطورة والديكورات، إضافة إلى استخدامه في الأبنية المدرسية وبعض الأبنية الحكومية الأخرى، ما يؤكد قابلية هذا التصميم للتطوير مستقبلاً، وإمكانية إنشاء طوابق متعددة، إلا أنها تحتاج لمساحات واسعة لكون الجدران سميكة».

وحول فكرة إنشاء المنزل تحدث الدكتور "رئيف المهنا" مصمم البناء لموقع eDaraa بتاريخ 21/12/2010 قائلاً: «ولدت فكرة المنزل من رحم الأصالة والتراث، وإمكانية حل المشكلات المحتملة في العمارة، وبما يتوافق مع العصر الحديث ومتطلبات الرفاهية في آن واحد، وقامت الفكرة على أساس تقديم معطيات الحداثة بلغة الماضي، بحيث يجمع مقومات المتانة والصلابة والجمال، في مواصفاته الفنية والإنشائية، مع إمكانية تطويع طريقة البناء التي ابتكرها أهالي حوران قبل مئات السنين، في تصميم المنازل باستخدام الربض والميزان، وتنظيم حجارة السقف ورصفها وتطويرها بما يتلاءم متطلبات العصرالحديث».

وعن المواصفات الفنية للمنزل قال: «مؤلف من طابقين ومبني على شكل قبوات، تبلغ مساحته الطابقية /660/ متراً مربعاً، وبني من حجر البازلت الطبيعي الذي تشتهر به منطقة "حوران"، دون أن يعتمد على أي نوع من الحديد، في عملية إنشاء القواعد والأعمدة والسقف، وعمد توجيه المنزل إلى جهتي الجنوب والشرق، وتم عزل الجهتين الشمالية والغربية، واستخدام سماكات متعددة للجدران إذ تراوحت بين /70/ سم للداعمة، و/40/ سم لباقي الجدران.

ويقوم بناؤه على استخدام الطريقة التقليدية في بناء المساكن بالمنطقة، مع معالجة نقاط الضعف التي اعترتها، وحل المشكلات المحتملة كالانهيار وقلة مقاومة الزلازل ومشكلات التربة الحمراء وغلاء مواد البناء الحديثة، كما اعتمد بنائه على حسابات دقيقة في التكاليف والزمن، ومراعاة عوامل الطبيعة كاتجاهات الرياح والاستفادة من أشعة الشمس في تخفيض استخدام الطاقة، مع الحفاظ على القيمة الجمالية».

وفيما يتعلق بالبدائل التي يمكن استخدامها في البناء أضاف الدكتور "المهنا": «يمكن استخدام "الطينة" الاسمنت المخلوط مع الرمل الأبيض داخل القبوة أو الاستغناء عنها، كما يمكن نقش الحجر قبل بنائه، لتظهر النقوش في هذه القبوة بعد رفع الدف والأقواس، ويمكن استخدام "الطينة" الملونة بسماكة رقيقة وتغطيتها بأكياس نايلون ثم رفعها، وبالتالي تظهر النقوش على الطينة من الداخل».

وفيما يخص الوقت الذي استغرقه بناء المنزل ذكر الدكتور "المهنا": «استغرق زمن البناء الفعلي للمنزل عاماً ونصف العام ليصبح جاهزاً للسكن، أي سبع الزمن المطلوب للإنشاء في حال استخدم الحديد، علماً أن الطرق المتعددة في تشكيل القبوة من الداخل، وفرت الوقت الذي تستغرقه أعمال الديكور والمواد المستخدمة في التصاميم المختلفة، ما يعني تحقيق وفورات مادية حقيقية وبتكاليف تعادل ثلث منزل مشابه».

وعن مدى قدرة المنزل على مقاومة الزلازل يقول الدكتور "المهنا": «تم اختبار مدى مقاومة المنزل للزلازل قبل عدة أعوام، فتبين أن القبوة البسيطة المدعومة إنشائياً تتحمل /4 / درجات على مقياس ريختر، أما القبوة المدعومة ذات الجدران المتعامدة أو المتقاطعة مع قبوات أخرى فتتحمل /6/ درجات على المقياس نفسه، علماً أن اعتماد وحدات الإنشاء في البناء يسمح بهدم أجزاء من المنزل دون تأثر الباقي، لكون كل وحدة منفصلة عن الأخرى إنشائياً، ما يعني إمكانية إحداث تغييرات في الديكور واجراء تصليحات للبناء بأقل التكاليف».

وحول الجوائز المحلية والعالمية التي حصل عليها هذا التصميم قال الدكتور "مهنا": «حصل التصميم على جوائز متعددة أهمها: جائزة "الآغا خان" العالمية في العمارة، وشهادة منظمة "الوايبو العالمية" للحماية الفكرية، وجائزة المستوطنات البشرية الصادرة عن منظمة "الهابيتا" الموئل، وجوائز المشروع المعماري والأكاديمية الدولية المعمارية في "صوفيا" بلغاريا».