إلى الشمال من مدينة "درعا" ترتسم لوحة تاريخية قديمة بلون أسود يجسد عظمة تاريخها وعراقتها وأصالتها، "عتمان" إطلالة الشمال، وصاحبة الأوابد الأثرية الخالدة على مر السنون، اشتهرت بآثارها البازلتية التي تعود إلى العصر الروماني والبركة والجسر القديم.

eDaraa سلط الضوء على قرية "عتمان" التي حملت لقب القرية الهدف لعام ألفين وعشرة، والتقى السيد جهاد المصري رئيس مجلس القرية للحديث عن تاريخها وأهميتها بتاريخ 18/1/2010.

"عتمان" كلمة تعود إلى العهد الروماني وتعني "بلد المال" لما كان لها من سيط آنذاك في الثراء والغنى، كونها كانت تحتوي على المعبد الروماني القديم

في الحديث عن أهمية القرية يقول "جهاد المصري": «يبلغ عدد سكان "عتمان" عشرة آلف ومائة واثنان وستون نسمة حسب الإحصائية الأخيرة بداية عام ألفين وعشرة، تعتمد القرية على زراعاتها وصناعاتها الإسمنتية والرخامية وكانت في القدم تشتهر بتربية المواشي، وشهدت القرية نقلة نوعية كبيرة في الآونة الأخيرة حيث افتتح المركز الصحي ووحدة الإرشاد الزراعي و توسيع المدارس و الطرقات، وتجهيزها من مختلف النواحي الخدمية، لضمان حياة أفضل لسكانها، فقد شيدت اربع مدارس و جمعية خيرية ووحدة مياه شرب، وتم تشييد العديد من الطرق الحديثة وخاصة المؤدية منها إلى المدارس».

"جهاد المصري"

وفي الحديث عن تسمية القرية يقول: «"عتمان" كلمة تعود إلى العهد الروماني وتعني "بلد المال" لما كان لها من سيط آنذاك في الثراء والغنى، كونها كانت تحتوي على المعبد الروماني القديم».

ويتابع "المصري" حديثه عن أهم الأماكن الأثرية في عتمان فيقول: «هناك أماكن أثرية كثيرة في القرية أهمها المعبد الروماني الذي مازال قائما إلى اليوم وعلى الطرف الأيمن لوادي الذهب ويتوسط القرية القديمة المبنية من البازلت الأسود، اضافة إلى المسجد القديم والكنيسة والبلدة القديمة المبنية على التل الغربي للقرية، اضافة إلى أهم معلم تشتهر به عتمان وهو الجسر الروماني القديم المؤلف من ثلاثة قناطر تقسم وادي الذهب الذي يتوسط القرية بشكل عرضي تمر من فوقه قناة المياه القديمة التي تصب في البركة القديمة، ليتابع الوادي سيره وسط القرية ليمر بالأراضي الزراعية».

المعبد الروماني

وعن تاريخ الحياة البشرية للقرية يضيف: «هذه القرية مسكونة قبل الميلاد وآثارها تدل على ذلك "تل جمحة، تل عرار"، وفيما بعد أصبح القرية ممر تجاري هام للقوافل التجارية، وفيما بعد أصبحت ممر رئيسي لقوافل الحجاز ، وحتى اليوم طريق رئيسي لكل من يتوجه إلى "دمشق"».

ويتحدث "المصري" عن أهم الأحداث التي شهدتها "عتمان" فيقول: «أهم ما يسجله تاريخ عتمان من أحداث ، زيارة رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر إلى القرية عام تسعة وخمسون، ورئيس الحكومة الفرنسية "شارل ديغول" أثناء الاحتلال الفرنسي، أثناء حرب السبعة وستين قام العدو الإسرائيلي بقصف القرية مرتين وذهب العديد من الشهداء من أبناء القرية ومنهم"جميل محاميد، عبد اللطيف محاميد، عوض هلال المصري" والكثيرين، وفي حرب تشرين قدمت القرية العديد من الشهداء منهم"أحمد المصري، أحمد محاميد" وقصف آنذاك "تل عرار" لما له من أهمية عسكرية».

الجسر الروماني مع وادي الذهب

وللصناعات الحرفية في القرية أهميتها الخاصة حيث يقول "المصري": «شهدت القرية في أواخر الثمانينات نقلة نوعية حرفية حيث قامت مجموعة من الحرف والمهن والمنشآت الصناعية لتصنيع مواد البناء وبالتالي القضاء على مسالة البطالة وزيادة نسبة الأيادي العاملة ورفع المستوى المعيشي لأهل القرية، فهناك العديد من مصانع الحجر، والرخام وغيرها، وتمتلك القرية أسطول نقل بري داخلي وخارجي، ويكتسب أهلها مواهب متنوعة وكل ذلك يجعل منها أنموذجا حقيقياً ».

بقي أن نشير إلى أن "عتمان" تعد المدخل الشمالي لمدينة "درعا" وأجمل مداخلها من حيث الطبيعة الخلابة، وتبعد عن مركز المدينة حوالي أربع كيلو مترات.