لا تندرج تحت العلم والمسلّمات لافتقارها للدليل العلمي والنقلي وقد تكون من نسيج الخرافات والعادات الشعبية التي يلفظها العقل والنقل.

"التخريج" أو "التحويط" هو من التقاليد التي كانت وما زالت متبعة عند أبناء المجتمع الحوراني بغض النظر عن الانتباه لصوابها من عدمه، فهو عبارة عن مجموعة من الكلمات التي تردد من قبل شخص ما على آخر يعتقد بأنه مصاب بعين الحسد بهدف إبطال تأثير هذه العين.

كثيرة هي المرات التي أجلستني بها جدتي إلى جانبها بهدف التخريج عني، وذلك بقراءة كلمات كانت قد حفظتها منذ زمن عن والدتها وجدتها تباعاً لاعتقادهن بأنها تشفي من عين الحسد وتقي منها

للتعرف على ما يقال في التخريج التقى موقع "eDaraa" بتاريخ 2/1/2012 السيدة "شمعة أبو دايس" من سكان مدينة "درعا" لتقول: «على من سيقوم بتخريج المصاب بالعين أن يتوضأ ثم يبدأ بالبسملة "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم الصلاة على النبي "اللهم صل على سيدنا محمد" بعدها يقول: «"حوطتك بالله/ ثانيها بالله/ ثالثها بالله/ رابعها بالله/ خامسها بالله/ سادسها بالله/ سابعها بالله/ ثامنها بالله/ تاسعها بالله، حوطتك بالعشرة اللي نايمة تحت الشجرة/ لا بياكلو ولا بيشربو بس مفتحين بكلمات الله بيلتهو، عين الجار فيها نار/ عين الزلمة فيها حلمة/ عين البنت فيها كلنك/ عين الشب فيها سيف/ عين الحسود فيها عود/ والعين اللي ما تصلي ع النبي تطق وتنطفي"».

الطفلة مرام البرماوي

تابعت السيدة "شمعة" كيفية قراءة التخريج بقولها: «"العين قالت أنا بصهن صهين الخيل وأوقظ ظلام الليل وآخذ الجمال من تحت الحمال وآخذ الفرس من تحت الخيال وآخذ العروس من مجلاها وآخذ الطفل من السرير وآخذ الفدان من تحت النير.. قلتلها اخرجي يا عين يا معيونة يا حاسدة يا ملعونة

سكبت عليكي نحاس ورميتك ببحر الغطاس/ ضيفنا الرسول/ والطبيخ عدس/ والمرة بشوش/ والزلمة عبس/ يا أيها النبي أخرج الوجع من هذه النفس

السيد محمد فتحي المقداد

اللي فيك بيدي واللي بيدي بالأرض/ بسم الله ترجيت ملائكة السما والأرض تحميك"».

الطفلة "مرام البرماوي" من سكان مدينة "درعا" قالت: «كثيرة هي المرات التي أجلستني بها جدتي إلى جانبها بهدف التخريج عني، وذلك بقراءة كلمات كانت قد حفظتها منذ زمن عن والدتها وجدتها تباعاً لاعتقادهن بأنها تشفي من عين الحسد وتقي منها».

وأضافت "البرماوي": «قد يصيب أحدهم الآخر بعين الحسد مسبباً له ألماً شديداً ومفاجئاً في الرأس أو أي في جزء من جسده مترافقاً ذلك بوهن عام، ويمكن أن يكون الحسد ناتجاً عن مجرد الإعجاب بهذا الشخص أو تمني ما هو ملكه».

من جهته عرف السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث "التخريج" بقوله: «تقليد متبع عند بعض أبناء حوران من أهل الريف خاصة، وفيه تقال عدة جمل تعرف باسم "التخريج" أو "التحويط" للشخص المصاب بعين الحسد أو من يريد الاتقاء من شر هذه العين، على أن يجلس من يريد التخريج عن المصاب إلى جانب الأخير واضعاً يده على رأسه وجبينه ومحاولاً تمرير يده من فوق جسده مردداً كلمات التخريج».

وأضاف السيد "المقداد": «يعتقد أهل حوران ممن يمارسون هذا التقليد أنه كلما تثاءب من يقوم بالتخريج أثناء عمله، كان ذلك دليلاً قاطعاً على الإصابة بعين الحسد وبالتالي بدء الاستجابة للشفاء بفضل التخريج، بالإضافة إلى إحساسه بصداع في الرأس».

وعما إذا كان هذا الاعتقاد سائداً لدى كافة أبناء المجتمع الحوراني قال "المقداد": «لابد من الإشارة إلى أن الكثير ممن يمارسون هذا التقليد ويؤمنون بفاعليته ويزعمون أنه ذو قدرة وتأثير خاص على العين، هم من أبناء الطبقة الأكثر جهلاً، والتي مازالت تؤمن بالكثير من الخزعبلات التي تناقلتها عبر الأجيال دون الدراية بأهميتها من عدمها».