يعرفه البعض باسم "الكثي" والبعض الآخر يسميه "الهقط" أما "الجميد" الحوراني فهو الاسم الأكثر شيوعاً حاليا للبن الخالي من الدسم الذي يتم تجفيفه وتقطيعه ليستعمل في معظم الأكلات الشعبية التي عرفها أهل حوران منذ الأزل.

تذكر السيدة "ابتسام أبازيد" ربة منزل لموقع eDarra الذي التقاها بتاريخ 7/12/2011 أن "الجميد" مادة أساسية في الأكلات الشعبية التي لها حضور قوي في المطبخ الحوراني الذي يعتمد في معظمه على المناسف فرغم صعوبة تحضير "الجميد" ورغم توافره حديثاً لدى مصانع الألبان والأجبان، إلا أن بعض النساء الريفيات في "درعا" مازلن يقمن بتحضيره في بيوتهن محافظين بذلك على تراث الأجداد.

تبدأ عملية صنع "الجميد" بـ "الخض" أي فصل الزبدة عن اللبن والتي كانت تتم قديما بواسطة "السعن"، وهو وعاء من جلد الغنم تقوم النسوة بدفعه للأمام والخلف بما يشبه الآلة لفترة طويلة حتى تجري عملية الفصل. بعد فصل الزبدة عن اللبن، أي تحول اللبن إلى ما يسمى "الشنينة" يغلى اللبن على النار الهادئة قليلاً لفصل الماء عن اللبن ثم يوضع في كيس من القماش الأبيض النظيف ويكبس بين حجرين حتى ترشح المياه من اللبن". يبقى اللبن "مكبوسا" لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ويسمى اللبن عندها "جبجبة". يضاف الملح بعد تلك المرحلة ثم يوضع في وعاء كبير ويعجن ويشكل على شكل كرات دائرية لتبدأ المرحلة التالية بعدها برش الطحين على شرشف نظيف ينشر فوق سطح المنزل تحت أشعة الشمس ثم تؤخذ باليد كميات متساوية من اللبن الناشف الذي أصبح أشبه بالعجينة ويصنع منها أقراص تترك مكشوفة ولبضعة أيام أخر حتى تجف وبشكل نهائي وتعرض للهواء حتى تجف ثم توضع في أكياس خاصة لحفظها. يُذكر أن البعض يضيف "الحلبة" إلى "الجميد" فيصبح لونه أصفر، عندها لا يمكن استعماله في الطبيخ بل يؤكل مباشرة". وعن طريقة تخزين "الجميد" تضيف السيدة "أبو دايس": «نظراً لصعوبة صنع "الجميد" فإن ربة البيت التي أنهت عملية صنعه بسلام قد وضعت في حسبانها أنها ستخزن منه كمية كبيرة، ويكون ذلك بحفظه في كيس قماش سميك أبيض اللون ورفعه بعيداً عن الرطوبة كي يبقى مدة عام وأكثر دون أن يمسه السوء

حيث إن صناعة "الجميد" تنضوي على طقس اجتماعي مميز تجتمع خلاله مجموعة من النساء اللواتي يتساعدن من أجل صنعه، والذي هو عبارة عن قطع من اللبن المجفف والذي يكون له عدة استخدامات، تكون بعد أن تهرس قطعه الكبيرة أي تكسر إلى قطع أصغر وتنقع بالماء الفاتر حتى تذوب ثم تصفى لتكون جاهزة للأكل مباشرة، أو لعمل العديد من الأطباق منها الشاكرية والششبرك والهفيت والمليحي والمقطوطة والتي تدخل كرات "الجميد" في صنعها.

السيدة ابتسام أبازيد

تقول السيدة "شمعة أبو دايس" ربة منزل من سكان مدينة "طفس" عن الطريقة الشعبية الدارجة لتحضير "الجميد" في المنزل: «تبدأ عملية صنع "الجميد" بـ "الخض" أي فصل الزبدة عن اللبن والتي كانت تتم قديما بواسطة "السعن"، وهو وعاء من جلد الغنم تقوم النسوة بدفعه للأمام والخلف بما يشبه الآلة لفترة طويلة حتى تجري عملية الفصل.

بعد فصل الزبدة عن اللبن، أي تحول اللبن إلى ما يسمى "الشنينة" يغلى اللبن على النار الهادئة قليلاً لفصل الماء عن اللبن ثم يوضع في كيس من القماش الأبيض النظيف ويكبس بين حجرين حتى ترشح المياه من اللبن".

السيدة شمعة أبو دايس

يبقى اللبن "مكبوسا" لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ويسمى اللبن عندها "جبجبة". يضاف الملح بعد تلك المرحلة ثم يوضع في وعاء كبير ويعجن ويشكل على شكل كرات دائرية لتبدأ المرحلة التالية بعدها برش الطحين على شرشف نظيف ينشر فوق سطح المنزل تحت أشعة الشمس ثم تؤخذ باليد كميات متساوية من اللبن الناشف الذي أصبح أشبه بالعجينة ويصنع منها أقراص تترك مكشوفة ولبضعة أيام أخر حتى تجف وبشكل نهائي وتعرض للهواء حتى تجف ثم توضع في أكياس خاصة لحفظها.

يُذكر أن البعض يضيف "الحلبة" إلى "الجميد" فيصبح لونه أصفر، عندها لا يمكن استعماله في الطبيخ بل يؤكل مباشرة".

مغلي الجميد مع اللحم

وعن طريقة تخزين "الجميد" تضيف السيدة "أبو دايس": «نظراً لصعوبة صنع "الجميد" فإن ربة البيت التي أنهت عملية صنعه بسلام قد وضعت في حسبانها أنها ستخزن منه كمية كبيرة، ويكون ذلك بحفظه في كيس قماش سميك أبيض اللون ورفعه بعيداً عن الرطوبة كي يبقى مدة عام وأكثر دون أن يمسه السوء».

السيد "أحمد المسالمة" الباحث في التراث الحوراني يذكر أن "الجميد" يعتبر عنصراً أساسيا في تحضير معظم الأكلات الرئيسية المعروفة لدى أهالي حوران وهي أكلات شعبية تراثية اشتهروا بتحضيرها أئناء دعوة أحد الوجهاء أو كبار البلدة أو في المناسبات الخاصة كالهفيت أو في حفلات الأعراس كالطبيخ مليحي، لهذا كان لابد للمرأة الحورانية قديماً من أن تصنع "الجميد" في منزلها وبيدها وإن كان ذلك سيتطلب منها الكثير من الجهد والوقت».