قد تتشابه أسماء الأطباق التراثية في المدن والأقاليم العربية، ولكن الخصوصية الشعبية وطريقة التحضير تكون مختلفة في كل من هذه المدن.

"الهفيت" طبق معروف في بلاد الشام والجزيرة العربية، تناقلته قبائل البدو في أسفارها، ولكنه اليوم يعتبر من تراث منطقة "حوران" وعنواناً للمناسبات الاجتماعية فيها، يقول السيد "أحمد الفطايري" من سكان أهالي مدينة "طفس" عن طبق "الهفيت": «لا يمكننا أن نتصور أن يقيم أحد وليمة بمناسبة سعيدة أو حزينة في مدن وقرى حوران دون أن يكون "طبق الهفيت" أحدها، ووجوده على المائدة له خصوصية، عندما نضع بعين الاعتبار الوقت الطويل الذي يأخذه تحضير هذا الطبق والكلفة الكبيرة له».

نظراً لخصوصية هذا الطبق من جهة وكلفته المرتفعة من جهة أخرى فقد عرف أهل حوران "طبق الهفيت" واشتهروا بتحضيره أئناء دعوة أحد الوجهاء أو كبار البلدة أي في المناسبات الخاصة التي لا تتطلب حضوراً كبيراً من قبل المدعويين

موقع "eDaraa" تابع بتاريخ "25/8/2011" خطوات تحضير "طبق الهفيت" من السيدة "شمعة أبو دايس" من أهالي مدينة "طفس" التي اعتادت على تقديمه لعائلتها، حيث بدأت بالقول: «يلزم من المواد لتحضير هذه الأكلة "خبز شراك، قطع كبيرة من لحم الخاروف المسلوق، أرز أبيض مطهو بمرق اللحم، مكسرات كالصنوبر واللوز، لبن مطبوخ، سمن عربي".

الحاجة شمعة أبو دايس

بداية تفرد عدة طبقات من "خبز الشراك" في أرضية المنسف وتشرب جيداً "بمرق اللحم"، ويوضع فوقها "الأرز الأبيض" وبعدها "اللحم والصنوبر واللوز المقلي بالسمن العربي"، ثم تشرب هذه الطبقة باللبن المطبوخ أو ما يعرف "بالشاكرية" المضاف إليها السمن العربي».

الحاجة "شمعة أبو دايس" عرفتنا أكثر على بعض التغيرات التي طرأت على "طبق الهفيت" فقالت: «كنا قديماً لا ندخل الأرز في هذا الطبق ونستخدم "الكثي" أو ما يعرف "بالهقط" أو "الجميد" بدلاً من "اللبن"، بأن يمرس الكثي الذي هو أصلاً لبن بلا دسم يقسم قطعاً ويجفف، بماء فاتر قليلاً ويترك حتى يبرد ثم يوضع على النار ليصل إلى درجة الغليان مع الاستمرار بالتحريك كي لا "يفرط" أي يفصل الكثي عن الماء.

السيد أحمدالمسالمة

والأهم من ذلك أن المرأة الحورانية كانت هي من تقوم بتحضير عجينة خبز الشراك أي رقائق الهفيت، بأن تعجن الطحين بالماء جيداً حتى يكون سائلاً بعض الشيء ثم تمد جزءاً من العجينة وبشكل دائري على الصاج محاولة تشكيل طبقة رقيقة يحتاج شواؤها إلى مدة لا تتجاوز الدقيقة».

السيد "أحمد المسالمة" الباحث في شؤون التراث الحوراني قال: «تعد موائد الشعوب العربية صفة مميزة لمطابخها التقليدية، وعلى الرغم من تفرد كل دولة بأكلات معينة، إلا أن علاقات الجوار لم تمنع اشتراك أكثر من دولة مع بعضها بعضاً بأكثر من أكلة، فمثلاً تمكنت القبائل البدوية التي عبرت الحدود السورية منذ مئات السنين من الأردن وفلسطين والسعودية من إحضار أكلة الهفيت بكل تفاصيلها إلى المطبخ الحوراني لتكون ضمن أكلاته التراثية الرئيسية».

وختم "المسالمة" بقوله: «نظراً لخصوصية هذا الطبق من جهة وكلفته المرتفعة من جهة أخرى فقد عرف أهل حوران "طبق الهفيت" واشتهروا بتحضيره أئناء دعوة أحد الوجهاء أو كبار البلدة أي في المناسبات الخاصة التي لا تتطلب حضوراً كبيراً من قبل المدعويين».