تتعدد الأنماط الفنية الغنائية لكل منطقة، ويتميز بمنطقة "حوران" الغنية بتراثها الشعبي الأصيل المتعدد الأنواع غناء "الهجيني" الذي يعتبر أقدام أنواع الغناء الشعبي، فهو يعد مخزوناً ثقافياً ينم عن تراث المحافظة الغني، ومدى تأثيرها بهذا التاريخ، وخصوصاً في المناسبات الاجتماعية ومنها الأفراح والأعراس التي تتميز بعادات وتقاليد قديمة غنية بالتراث الشعبي الأصيل.

السيد "ماجد دخل الله صفوق الحريري" يقول عن غناء الهجيني أيضاً: «تشتهر منطقة "حوران" منذ القدم في تراثها الشعري المختلف، ومن أبرز وأهم تراثها الشعبي والشعري الهجيني، وتتعدد ألحان الهجيني حسب الحاجة له، حيث يستخدم من ألحانه على الربابة، وتتميز اللهجة الحورانية والمنحدرة من بلاد الشام بأنها واضحة ومفهومة لدى جميع الدول العربية، لكونها تميل للغة العربية الفصحى والشعر النبطي أكثر من أي بلد عربي.

أخذنا في "حوران" غناء الهجيني من البادية ومن الهجن، وبالاحتكاك عبر الزمن تعلمنا وتدربنا على اللحن وطورناه بما يتلاءم مع طبيعة "حوران"، حيث وضعت الكلمة المناسبة لكل مناسبة خاصة في المنطقة ويردد غناء الهجيني في الإعراس والأفراح، حيث كان قديماً لا يوجد أفلام أو تلفزيونات أو أماكن سينما، لذلك كان يتسامر الأهالي والرجال في السهرات والجالسات ويتداولون غناء الهجيني، حيث يجلسون في صفين أو قسمين ويرد كل قسم على الآخر

وحالياً إن لم نهتم في هذا التراث ومنه الغناء الهجيني سيندثر ويزول هذا التراث الغني الذي نعتز ونفتخر به في جميع الدول العربية ومن أبيات الهجيني المعروفة يقال:

الشيخ عاطف الفريج

البارحة القلب مقلقني.... وحتى النوم عيني ما جاها

وإنتي يا بنيا والله ذبحتيني.... ياعلتي وإنتي دواها

من حفلات غناء الهجيني

ويقال أيضاً:

الباحث أحمد الناجي المسالمة

هواك يالترف طوايني .... طية الشنا على قبلاها».

وعن تاريخ ونشأة وميزات غناء الهجيني تحدث الباحث الموسيقي "أحمد الناجي المسالمة" لموقع eDaraa بتاريخ 2/3/2011 قائلاً: «الهجيني أحد أهم أنواع الغناء الشعبي إلي تتميز به منطقة "حوران"، جاء من كلمة الهجن أي الإبل والجمال، حيث كان الفلاح والبدوي سابقاً يركب الجمل لقصد عمله أو في أيام الحصيد والسفر، وكان إيقاع مشي الجمل بطيء لذلك خرج لحن غناء الهجيني بطيئا.

وما يميز غناء الهجيني قصر أبياته حيث لا يتعدى أحياناً عشر أبيات، وأغلبه يكون في الغزل والتغني بالمحبوب وبأرض الوطن، وهنا يقال "حوراني حوراني جنا وهضابها والسهولي"، ومن ميزاته أيضاً أن قافيته سهلة ويتغنى بنفس القافية، وللحفاظ على لحن الهجيني التراثي أصبحنا نردده برفقة الآلات التورية من أجل المحافظة على الوزن واللحن من الضياع والاندثار».

وعن مصدر الهجيني يقول الباحث "المسالمة": «أخذنا في "حوران" غناء الهجيني من البادية ومن الهجن، وبالاحتكاك عبر الزمن تعلمنا وتدربنا على اللحن وطورناه بما يتلاءم مع طبيعة "حوران"، حيث وضعت الكلمة المناسبة لكل مناسبة خاصة في المنطقة ويردد غناء الهجيني في الإعراس والأفراح، حيث كان قديماً لا يوجد أفلام أو تلفزيونات أو أماكن سينما، لذلك كان يتسامر الأهالي والرجال في السهرات والجالسات ويتداولون غناء الهجيني، حيث يجلسون في صفين أو قسمين ويرد كل قسم على الآخر».

الشيخ "عاطف الفريج" من شيوخ عشيرة "الذياب" قال لنا عن غناء الهجيني: «أصل "الهجيني" هو الغناء على ظهور الركايب، حيث كان البدو سابقاً "يهيجنون" وهم على ظهورها بإيقاع يتناسب مع ركض "الذلول" أي "الجمل"، والهجيني له عدة ألحان مع العدو العادي والمشي، فخطوات الذلول لها إيقاع وهي تضرب على الأرض بأيديها وأرجلها فتكون كالإيقاع بالنسبة لراكبها الذي يغني على نغمة عدوها.

إذن نقول غناء الهجيني أصله كان لأهل الركايب، ولذلك سمي هجيني ومع الزمن تحول للتداول والغناء برفقة آلة "الربابة"، فأخذ عازفوا الربابة يغنونه ويستعيضون عن خطوات الجمل بقوس الربابه وأنغامها، وأحيانا يردد الهجيني مع الدحة في العديد من المناسبات وهنا يقال: /هلا هلا به يا هلا/... لا يا حليفه يا ولد/».

وقال السيد "حسين العقلة" أيضاً: «كان سابقاً أهل البادية يتسامرون به، حيث يشكلون صفين كل صف مكون من عدد معين ويتبادلون الغناء بالتناوب لكي يقطعوا الليل، وكان أيضاً في مسيرة القافلة للتجارة أو زيارة الأقارب في المناسبات، وليس سهلا على أي أحد إن كان باحثاً أو مهتماً في التراث حصر أوزان الهجيني، وذلك لاختلاف العائلات والعشائر، ولو توجهت إلى المنطقة الشرقية أو "حوران" و"السويداء" أو في أي منطقة في القطر لوجدت اختلافا واضحا في الأوزان، فهو غناء فلكلوري تراثي لن ينسى أو يمحى من ذاكرة وتاريخ هذه المنطقة الغنية بتراثها العطر».