لا تخلو مائدة في شهر رمضان في "حوران" على اختلاف أنواعها من طبق المخلل، فهو من المقبلات الأساسية في مائدة رمضان، ويرتبط وجوده مع مختلف الأطباق والأطعمة، وتعتبر صناعة المخللات من الصناعات الريفية واسعة الانتشار في المحافظة.

وقد بدأت كصناعة منزلية أو صناعة صغرى في مصانع بدائية على نطاق صغير، ثم تحولت إلى صناعة كبيرة واسعة تقوم بها مصانع كبيرة، ما دفع إلى تطورها وإدخال الكثير من التحسينات التكنولوجية عليها، وأهم أنواع المخللات التي تباع في المحال التجارية، الخيار والفليفلة والباذنجان والبندورة والخوخ والجارنك بأنواعها، واللفت والملفوف الأخضر والأحمر. ‏

ينقسم الخيار المخلل إلى عدة أنواع منها الخيار الحوراني وفيه يخمر الخيار لمدة 20 إلى 25 يوماً والعمر التخزيني للناتج حوالي 12 شهراً ونسبة الملح فيه مرتفعة ونسبة الحموضة منخفضة، والخيار الحلبي الذي يعبأ في خل تركيزه قليل مع التوابل اللاذعة أو الحارة

المواطن "فراس أبو نبوت" أحد الذين يواظبون على وجود المخللات على مائدته في رمضان التقيناه وهو يشتري عدة أنواع منها، قال لنا: «أصبح تناول المخللات والإقبال عليها وعلى شرائها أمراً تقليدياً بالنسبة لي ولأسرتي يومياً، يجب أن يكون طبقاً رئيسياً على المائدة برفقة المشروبات الرمضانية "التمر الهندي وقمر الدين"، لكونه يستخدم كمقبلات فاتحة للشهية خلال تناول الطعام، ولتزخر المائدة بجميع أنواع الطعام والمشروبات».

انواع عديدة للمخللات

وشاركنا الرأي السيد "ياسين فاعوري" فقال: «نقوم يومياً بشراء المخللات وخصوصاً الخيار والفليفلة، لكون وجوده ضرورياً مع بعض الأطباق في وجبة الإفطار برمضان، مثلها مثل الشوربة والتبولة والرز، بالإضافة للحشائش مثل الكزبرة والبقدونس والفجل، أنواع عديدة من الطعام يفضلها الصائم في شهر الخير لتتزين بها مائدة رمضان وكل عام وأنتم بخير».

السيد "بدر محاميد" "أبو وديع" أحد أقدم صناع كار المخللات بمدينة "درعا"، يقول: «أصبح تناول المخللات عادة شعبية متوارثة ومحببة في "درعا"، لما تمتاز به من فائدة وقلة تكلفة وسهولة تحضير ومذاق طيب، تعتبر صناعة التخليل من أقدم الصناعات التي عرفها الإنسان، حيث استعملها كوسيلة لحفظ الأغذية عن طريق إضافة ملح الطعام إليها على شكل محلول أو كملح جاف، وقد حفظ بها الخضراوات المختلفة وبعض الفاكهة، وصناعة المخللات من الصناعات الريفية واسعة الانتشار وتنشط حركة البيع بشكل كبير في رمضان».

فراس ابو نبوت

وعن المراحل التي تتم بها عملية التخليل يقول: «تمر عملية التخليل بثلاث مراحل رئيسية هي التمليح أي غمر المواد الخام المراد تخليلها في محاليل ملحية أو إضافة الملح الجاف إليها، ثم تترك مدة تختلف باختلاف المادة الخام وطريقة التمليح والمنتج المطلوب، ثم التجهيز وهو عبارة عن تقليل نسبة الملح في المنتج إلى النسبة المطلوبة للاستهلاك، والإعداد وهو تهيئة المخللات المجهزة بالصورة الصالحة للتسويق».

وعن المواد الخام التي تدخل في صناعة التخليل يقول السيد "وسيم محاميد" أحد الذين يشاركون بصناعة المخلل في المصنع الخاص بهم في "درعا": «مواد عديدة تستعمل في التخليل هي الخيار والزيتون والجزر واللفت والكرنب والبصل والليمون والفلفل الأخضر، بعدها الماء ويجب أن يكون خالياً من المواد العضوية والقلويات وأملاح الكالسيوم والماغنسيوم والحديد، كما أنه يجب أن يكون نقياً وخالياً من الكلور، وملح الطعام يجب ألا تزيد نسبة الشوائب فيه عن 1%، ويجب أن يكون خالياً من أملاح الكالسيوم والماغنسيوم والحديد، والتوابل تستعمل حسب المادة الخام المراد تخليلها وحسب ذوق المستهلك، ومنها الخل ويجب أن يكون خالياً من الشوائب».

الدكتور نعيم الخليل

وعن كيفية صناعة المخلل والأوعية الخاصة به يقول هنا: «يستعمل في المنازل لإعداد المخلل أوعية صغيرة من الزجاج أو الفخار أو البلاستيك، أما في المصانع فتستخدم براميل من الخشب أو تستخدم أوعية من البلاستيك زرقاء اللون غير قابلة للصدأ أو التآكل ولا تتفاعل مع المواد المستخدمة في التمليح، ويجب أن تكون البراميل من الأنواع التي لا تصدر رائحة أو لوناً أو طعماً للمخللات، ويجب عدم تثبيت أجزاء البراميل بحديد يلامس محتوياته، ويكون كل برميل مزود بصنبور قرب القاع لتفريغ السوائل منه، وثقب قرب الحافة يملأ منها البرميل بالمحاليل، ويجب أن توضع البراميل على قواعد ترفعها عن سطح الأرض، وأن تكون الأوعية نظيفة وتغسل بعد كل عملية تخليل ثم تشطف بالماء عدة مرات حتى تزول الآثار الموجودة عليها إثر عملية التخليل، وتعتمد صناعة المخلل على الماء والملح والخل والمبيضات والنشاء، لكن أهم ما فيها اختيار أنواع الخضار التي سيتم تخليلها طازجة ومنتقاة بشكل جيد، من حيث الشكل والنوعية الجيدة، وغالباً ما نشتريها بمواسمها، وبعد خمسة عشر يوماً من التخليل يكون المخلل جاهزاً للأكل أو البيع».

وعن طريقة تخليل الخيار الوجبة المفضلة لدى الصائمين في رمضان يقول: «ينقسم الخيار المخلل إلى عدة أنواع منها الخيار الحوراني وفيه يخمر الخيار لمدة 20 إلى 25 يوماً والعمر التخزيني للناتج حوالي 12 شهراً ونسبة الملح فيه مرتفعة ونسبة الحموضة منخفضة، والخيار الحلبي الذي يعبأ في خل تركيزه قليل مع التوابل اللاذعة أو الحارة».

الناحية الطبية للمخللات حدثنا عنها الدكتور "نعيم الخليل" اختصاصي داخلية فقال: «تستخدم المخللات كمقبلات فاتحة للشهية خلال تناول الطعام، وللمخللات العديد من الفوائد أهمها معادلة نسبة الصوديوم لدى حالات الضغط المفاجئ. كما أنها تحتوي على فيتامينات ومعادن لكونها مصنعة من الخضراوات. إلا أن لها سلبيات عدة لاحتوائها على كمية كبيرة من الملح والخل والحامض الذي يعمل على حفظها، الأمر الذي يسبب مشاكل صحية لمن يعاني من أمراض القلب والكلى وغيرها وله عدة مخاطر على الصحة العامة خاصة مرضى القلب والضغط والكلى والقولون، إضافة إلى تأثيرها في الطفل والسيدة الحامل، وكذلك مخاطر تخزينها بطرق غير صحية يسبب فسادها نتيجة انتشار البكتيريا والفطريات فيها».