شاءت المصادفة الجميلة أن أستمع لمقطع على جهاز الموبايل، لربابة شاعر تجر صوتاً شجياً يصدح فيه: "حطي على النار يا جدة/ حطي على النار عيداني/ هاتي المعاليق والعدة/ تا نعمل للغالي فنجان". سألت ذلك الشاب الوسيم عن المطرب الكبير فقال بكل تواضع: إنه أنا. فعرفت أنه شاعر كبير لكن ظروف الحياة لم تسمح له بالظهور بعد. وعلمت فيما بعد أنه يجيد عزف العود لكنه أقلع عنه لموت صديقه العزيز.

ولأن الشعر النبطي شعر حاضر بمفرداته الجميلة في مناسباتنا ومجالسنا، ومنبثق عن مشاعرنا وأحاسيسنا وبعضاً من قصص أجدادنا ومروءتهم، ولأنه خير من يترجم تلك المشاعر والأحاسيس، فقد أراد الشاعر النبطي "علاء الغانم" المعروف في محافظة "درعا" باسم "شاعر الأرض"، أن يصقل موهبته الذاتية في مجال هذا الشعر ليكون لغته التي يخاطب بها الآخرين ويحقق النجاح بتوسيع نطاق مشاركاته في المهرجانات الشعرية، لطالما آمن أن النجاح يعني الاستمرار في العمل والعطاء والسعي لتحقيق الطموح فأراد أن يسمو بتلك اللغة الدافئة لغة الشعر النبطي لتكون صوتاً ينطق باسم بلده سورية وذلك عبر مشاركته بالمسابقة السنوية لشاعر المليون: موقع eDaraa التقى الشاعر "علاء الغانم" وكانت هذه الاضاءات:

من جنوب الديرة من "أم المتاع"/ مبعث الشعر وصفيات الكلام جيت مبحر مركب وريح وشراع/ قافي المجداف وبياتي همام

  • بكلمات قليلة من علاء الغانم؟
  • كتاب الترشح للمرحلة الثانية

    ** أنا شاب من قرية "المتاعية" الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي من مدينة "درعا"، من مواليد العام /1982/، استهوتني منذ طفولتي موهبة الشعر فعملت على صقلها عبر اشتراكي بالنشاطات والفعاليات التي تقام بالمدرسة أثناء الاحتفالات والمناسبات القومية والوطنية مثل تمثيل القصة أو إلقاء الشعر.

  • ماذا عن مشاركتك بمسابقة "المليون شاعر"، وما حظوظك فيها؟
  • الشاعر الشاب

    ** بلغ عدد المشاركين في هذه المسابقة من أنحاء الوطن العربي /12800/ شاعر، اشترك من سورية ثلاثة عشر شاعراً، وحالياً بقيت أنا والشاعر "أسعد الراوية" حيث دخلنا في إطار العدد مئة من الشعراء المرشحين للصفوة. أما مشاركتي فهي حلم جميل، وليس ذلك بهدف حصد مركز معين لأهب نفسي فرصة لإثبات الحضور الاجتماعي والأدبي في ميدان الشعر، كذلك لتتاح لي فرصة الالتقاء بالشعراء على اختلاف مقدراتهم الشعرية وبلدانهم ووجودهم في ساحة الشعر، والأهم من ذلك أن المشاركة بحد ذاتها حلم جميل لأكون سفير وطني في مجال الشعر النبطي فناً وعلماً وإلقاءً.

    وهذه المسابقة سنوية تقيمها وترعاها هيئة الثقافة والتراث في "أبو ظبي" بدعم من الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان" وتقام لتقييم القصيدة النبطية ويتم في نهاية المطاف اختيار /48/ شاعراً وهم يمثلون النخبة أو الصفوة، وهي مسابقة تتيح الفرصة لكبار الشعراء والمبتدئين منهم بالمشاركة. طبعاً والتأهل يتم على مراحل وهذا يتعلق بجدارة الشاعر ولا أريد أن أقول بأنها تتميز عن الكثير من المسابقات والمهرجانات الشعرية فكل مكان وميدان وساحة ومناسبة تتاح فيه الفرصة لإلقاء الشعر يغنيه رواده من الشعراء بقوة حضورهم ومقدرتهم الشعرية، لكن الأمر يختلف بالتنظيم والتهيئة والدعم وفسح المساحة، وأضيف إلى ذلك أن ما يميز المسابقة لهذا العام والتي تقام للموسم الرابع حضور عدد كبير من الشعراء، فعام بعد عام يتسع نطاق وباب المشاركة.

  • كيف وصلت لهذه المرحلة من المسابقة؟
  • ** حينما أعلنت هيئة الثقافة والتراث في "أبوظبي" عن المسابقة والاشتراك في برنامج شاعر المليون قمت بمراسلتها، وإرسال السيرة الذاتية ومشاركاتي الشعرية ومنها ثلاث قصائد، جاءت الموافقة ومن ثم سافرت إلى "الأردن" وهناك التقيت لجنة التحكيم التي تؤهل لشاعر المليون وقد تمت إجازتي والموافقة على الفور من دون أي تعليق، وهذا بعض من القصائد التي شاركت بها أثناء لقائي لجنة التحكيم:

    «من جنوب الديرة من "أم المتاع"/ مبعث الشعر وصفيات الكلام

    جيت مبحر مركب وريح وشراع/ قافي المجداف وبياتي همام».

    طبعاً من خلال مطلع هذه القصيدة عرفت بنفسي.

    وهذا مطلع من قصيدة أخرى شاركت بها أثناء لقائي لجنة التحكيم:

    «تشب النار في صدري يصيح الضامر الوجعان

    تفز عروق ذبلانة وينبض قلبي المحروق

    يغيب الصمت ويهيج الكلام ينعش البركان

    افجر ثورة إحساسي قصايد تجمل المضمون

    كفاني تيه وحيرة كفاهم كفا أحزان

    ثمان أعوام وبيات حبيسة صمتي الملعون».

    في نهاية حديثه الوجداني الذي لم أشعر بالملل لسماعه لساعات طوال، أدركت أن موهبةً كبيرة مختبئة في حنايا هذا الشاب الذي يظهر أيضاً أن معاناةً معينة يعيشها لم يفصح عنها لعزة نفسه، لكنه سيلمح عنها حين يأخذ القدر بيده ويصل إلى ما يصبو إليه.